وكذلك النفوس؛ فإنها تظل وادعة ساكنة هادئة؛ فإذا اقتربت مما يثيرها، ويحرك نوازعها إلى الشرور من مسموع، أو مقروء، أو منظور، أو مشموم - ثارت كوامنها، وهاجت شرورها، وتحرك داؤها، وطغت أهواؤها.
قال ابن حزم - رحمه الله -:
< TABLE id=table1 dir=rtl style="BORDER-RIGHT: gray 0px double; BORDER-TOP: gray 0px double; FONT: 12pt/200% Simplified Arabic; BORDER-LEFT: gray 0px double; COLOR: black; BORDER-BOTTOM: gray 0px double" cellSpacing=20 cellPadding=0 width=0 border=0> لا تلُم مَنْ عَرَّضْ النفسَ ii لما * ليس يُرضي غيرَه عند المحنْ
لا تُقَرِّبْ عرفجاً من ii لهبٍ * ومتى قَرَّبْتَهُ ثارتْ دُخنْ
وقال:
< TABLE id=table2 dir=rtl style="BORDER-RIGHT: gray 0px double; BORDER-TOP: gray 0px double; FONT: 12pt/200% Simplified Arabic; BORDER-LEFT: gray 0px double; COLOR: black; BORDER-BOTTOM: gray 0px double" cellSpacing=20 cellPadding=0 width=266 border=0> لا تُتْبِعِ النفسَ الهوى * ودَعِ التعرضَ ii للفتن
إبليسُ حيٌّ لم ii يمت * والعينُ بابٌ ii للفتن
وقال أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني - رحمه الله -:
< TABLE id=table3 dir=rtl style="BORDER-RIGHT: gray 0px double; BORDER-TOP: gray 0px double; FONT: 12pt/200% Simplified Arabic; BORDER-LEFT: gray 0px double; COLOR: black; BORDER-BOTTOM: gray 0px double" cellSpacing=20 cellPadding=0 width=0 border=0> من قارفَ الفتنةَ ثم ادعى ii ال * عصمة قد نافقَ في ii أمره
ولا يجيز الشرعُ أسباب ii ما * يورط المسلمَ في ii حظره
فانجُ ودعْ عنك صُداعَ الهوى * عساك أن تسلمَ من ii شَرِّه
ومما يعين على النجاة من فتنة الإنترنت غض البصر، لأن الصورة القبيحة تعرض للإنسان ولو بدون قصد؛ فإذا غض بصره أرضى ربه، وأراح قلبه؛ فالعين مرآة القلب، وإطلاق البصر يورث المعاطب، وغض البصر يورث الراحة؛ فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته.
قال ربنا - عز وجل -: ((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ)).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في هذه الآية: " فجعل - سبحانه - غض البصر، وحفظ الفرج هو أقوى تزكيةٍ للنفوس.
وزكاة النفوس تتضمن زوال جميع الشر ور من الفواحش، والظلم، والشرك، والكذب، وغير ذلك ".
ومما يجب على الإنسان حال تعامله مع الإنترنت أن يتثبت مما يقوله، ويسمعه، ويقرؤه، ويرويه.
وبذلك يُعْلَمُ عقلُ الإنسان، ورزانته، وإيمانه.
كيف والإنترنت يُكْتَبُ فيه الغث في السمين، ويَكْتُبُ كل من هب ودب، وبأسماء مجهولة مستعارة؟
فعلى العاقل أن ينظر في هذا الأمر؛ فإذا اطلع على خبر أو أمر من الأمور تَثَبَّتَ في شأنه، وإذا ثبت له نظر في جدوى نشره، فإن كان في ذلك حفز للخير، واجتماع عليه نشره، وأظهره، وإن كان خلاف ذلك طواه وأعرض عنه.
وكم حصل من جراء التفريط في هذا الأمر من الشر والخلل.
وكم من الناس من يلغي عقله، ويتعامل مع ما ينشر في الإنترنت وكأنه وحي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وإلا فإن العاقل اللبيب يتثبت، ويتأنى حتى ولو اطلع على كلام لشخص معروف موثوق، فضلاً عن مجهول، أو غير موثوق.
ولقد جاء النهي الصريح عن أن يحدث المرء بكل ما سمع.
قال صلى الله عليه وسلم: " كفى بالمرء كذباً أن يحدِّث بكل ما سمع ". رواه مسلم.
ويتعين هذا الأدب في وقت الفتن والملمات، فيجب على الناصح لنفسه أن يتحرى هذا الأدب؛ حتى يقرب من السلامة، وينأى عن العطب.
¥