تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما ما يتردد دائمًا على ألسنة بعض المغرضين من الإشارة إلى الشعر الغربي الذي عرف في مرحلة من مراحل المجتمعات الإسلامية سواء من شعر الخمر أو الجنس أو الغلمة فإن هذا وافد معروف وفد على الأدب العربي تحت تأثير الظروف التي واجهها المجتمع الإسلامي بعد ترجمة آثار اليونان والفرس والهنود من كتابات إباحية وجنسية تأثر لها بعض الشعراء والكتاب وهي مرحلة مضطربة معروفة – استطاع الفكر الإسلامي والأدب العربي أن يخرج منها ويعود إلى أصالته. ومن هنا فليست هذه النصوص مما تؤخذ على الأدب العربي وهذه المرحلة قد حفلت أيضًا بالفكر الفلسفي والفكر الصوفي الفلسفي الذي أثار نظريات وحدة الوجود والحلول والتناسخ وما يتصل بها من نظريات العقول العشرة والفيض والنرفانا وغيرها وهذه كلها نظريات واجهها الفكر الإسلامي وكشف عن زيفها وكتب عنها أئمة أعلام: كالشافعي وأحمد بن حنبل والغزالي، وكان قمة من وصل إلى الغاية في هذا الإمام ابن تَيْمِيَّة.

ومن هنا فإن الشباب المسلم يجب أن يكون على وعي بهذه المرحلة من تاريخ الفكر الإسلامي التي تأثرت بترجمات الفكر اليوناني والفارسي والهندي، وما أثاره من قضايا وما جرت من محاولات الفلاسفة للربط بين الإسلام وهذا الفكر وما بلغوا من فشل في هذا المجال، وما دحض به مفكروا الإسلام أخطاء الفكر اليوناني وفساد وجهته.

ولما كان الإسلام ومنهجه كله (في مختلف جوانبه عقيدة وشريعة وأخلاقًا) قد اكتمل قبل أن يختار الرسول صلى الله عليه وسلم الرفيق الأعلى (اليوم أكملت لكم دينكم) فإن كل هذه المطروحات التي حاولت أن تجد مكانًا لها في الفكر الإسلامي بعد ترجمة الفلسفات قد بانت غربتها واختلافها بل وتعارضها مع مفهوم الإسلام الذي جاء بمنهج مختلف عن منهج الحضارات العبودية التي سبقته وخاصة حضارات اليونان والرومان والفرس والفراعنة والهنود، هذه الحضارات التي قامت على أمرين رفضهما الإسلام وأنكرهما إنكارًا تامًا:

أولاً: الوثنية وعبادة الإنسان للصنم.

ثانيًا: الرق وعبودية الإنسان للإنسان وإعلان الفلسفات جميعها (وخاصة فلسفة أرسطو وأفلاطون) بأن الرق حجر أساسي في بناء الحضارات، وقد رفض الإسلام ذلك كله وهدمه وحطم وجوده.

هذه هي الخلفية الأساسية للشباب المسلم المثقف في النظر إلى الفكر البشري الذي جاء الإسلام ليكشف زيفه ويقيم منهج النبوة الصحيح للإنسانية كلها على نحو مخالف تمامًا قوامه التوحيد الخالص وإسلام الوجه لله تبارك وتعالى وإقامة العدل والإخاء البشري والرحمة ’’وليظهره على الدين كله’’، فلك يلبث أن قامت الأمة الإسلامية من حدود الصين إلى نهر اللوار في أقل من ثمانين عامًا، وقد قدمت الأمة الإسلامية للغرب المنهج العلمي التجريبي الذي أنشأ الحضارة المعاصرة وقد قبلت أوروبا منهج العلم ولم تقبل منهج الفكر والعقيدة، فأقامت حضارة ينقصها البندين الأساسيين للحضارة الإسلامية، وهما البعد الرباني والبعد الأخلاقي ومن ثم أخذت تواجه الارتطامات والصدمات والعواصف والأزمات حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من اضطرابات ولسوف يصيبها ما أصاب الحضارة الوثنية التي سبقتها ولابد أن تواجه الانهيار.

ولقد قدمت الحضارة الغربية للعالم منهجين: أحدهما رأسمالي والآخر اشتراكي، وقد تبين بعد مرور الوقت الكافي بعجز كلا المنهجين عن أن يقدما للبشرية أشواق الروح أو طمأنينة النفس وتعالي الصيحات اليم تطالب بمنهج جديد وتلفت علماء الغرب الذين استطاعوا أن يتحرروا من أسر التقليد والتبعية فنادوا بالعودة إلى الإسلام بوصفه المنقذ الوحيد للبشرية من أزمتها الخانقة.

في ضوء هذا المفهوم يجب أن يقرأ الشباب المثقف بوعي وحرص ما يقدم عليه فلا يخدعه أحد من الأسماء اللامعة أو الصحف الواسعة الانتشار ولا المؤلفات البراقة، والعبرة بالمضمون والرائد لا يكذب أهله فإذا كذبها كان حقًا على الأمة أن تكشف زيفه وأن تنحيه، ولقد كانت هناك أسماء لامعة خدعت الناس طويلاً لأنها دعت أمتها إلى التبعية وإلى الاستسلام أمام الغرب الذي لم يكن في يوم من الأيام إلا خصمًا يطمع في احتواء عقليات المسلمين ويرغب في تزييف منهج الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير