تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يبدأ بناء الخيمة القرغيزية الدائرية الشكل، التي تشبه قبة مسجد، على أرض ممهدة، يختارها القرغيزيون بعناية لأنها ستصبح بيتهم لشهور قبل أن ينتقلوا لمكان آخر لدواعي المناخ. هيكل الخيمة التي تستند إلى عمود في المنتصف عبارة عن خشب يشبه شبكة سياج الحدائق، وعليه يضعون طبقات من السجاد الملون. يهم القرغيزي أن يكون بيته من الداخل كثير الألوان بهيج الهيئة. يستند إلى عمود الخيمة الأوسط الفرن الذي يستخدم الوقود. كثير من الخيام بها مصدر للطاقة الشمسية، أو مولد للكهرباء، يعمل عليه التلفزيون الذي لا تكاد خيمة قرغيزية تخلو منه.

دعانا «ومرزاق» القرغيزي لتناول الشاي في خيمته. كان سقف الخيمة الدائري مفتوحًا، حين بدأ الثلج يسقط، فقامت زوجته «طورغان» بشد بساط بحبل ممتد فأغلقت السقف في حين بقي الباب مصدرًا للضوء. الشاي بحليب الماعز مع الخبز كانا علامة الترحيب بنا. يدعو «ومرزاق» زوجته «طورغان» وابنته «جولميرايا» لفتح بازار قيرغيزيا، وهو جرابٌ يضم منتجات مصنوعة يدويا. في حين تعرض «طورغان» ما حاكته يداها من تطريز للسجاد المعلق، والجراب الصوفي من وبر الجمل، ويعرض لنا «ومرزاق» نتاج يديه من نحت دقيق على قرن حيوان الياك!

توقف المطر الثلجي، فخرجنا إلى السيارة، كانت تصدر عن الخيمة المجاورة أصوات مختلفة؛ ميزنا فيها أصوات سيدات يغنين، وامرأة تصرخ، قيل لنا إن السيدة تلد، وإن القرغيز من عائلتها يأتون للتسرية عنها ومساعدتها في الولادة. لم نر سوى قدور الماء الساخن وهي تُحمل إلى غرفة الولادة!

أوزبك وطاجيك

يقول دليلنا عن «الأوزبك» حين نسأله في طريق العودة عن باقي القوميات المسلمة في شينج يانغ إنهم موزعون بين أورومتشي، وقشغر، ويينينغ، وتاتشنغ، وإنهم قومية بدوية استوطنت الصين في القرن الخامس عشر، واعتنقت الإسلام، وتشبه لغتهم اللغة الأوزبكية نطقًا وكتابة، مما يسَّر عليهم فهم الإسلام وقبوله. أنشأ الأوزبكيون مساجد كبيرة في قاشر وييلي ويارقند وتشتاي، ويبلغ عددهم نحو خمسة عشر ألف نسمة، يشتغل معظمهم بالتجارة، وهم في جنوب شينج يانغ ينسجون الحرير، وفي شمالها يمارسون تربية المواشي.

نتوقف عند أبناء قومية أخرى، يقطنون بيوتا من الحجر، وهم من أبناء قومية الطاجيك، الذين يبلغون نحو 33 ألف نسمة في الصين. نعرف أنه في القرن الحادي عشر اعتنق أسلاف الطاجيك مذهب الطائفة الإسماعيلية. وهم يشتغلون بتربية المواشي والزراعة، وعندهم ملاحم شعرية مثلما تعرف عندهم ملحمة الشعر التاريخية الفارسية القديمة «وانغتشوو»، كما يحلق الصقر، الذي يسكن الهضاب مثلهم، في أعمالهم الأدبية.

... وتتار ..

حين زرنا نهر الفولجا، وتعرفنا إلى تتار مدينة قازان، عاصمة جمهورية تتارستان، في عدد سابق من مجلة العربي (أكتوبر 2007)، تساءلنا عن مهد هؤلاء التتار. إنهم هم أحفاد قبائل بدوية تركية كانت تحكمها مملكة ترجو خان في شمال الصين في عهد أسرة تانغ. وقد هاجرت قومية التتار من الحدود المشتركة بين الصين وروسيا إلى منطقة شينج يانغ، في الفترة ما بين عشرينيات وثلاثينيات القرن التاسع عشر، وكان أكثرهم تجارًا ورجال دين، فأنشأوا التعليم الإسلامي في يينينغ وتاتشنغ وغيرهما. لا يتجاوز عدد أبناء قومية التتار 6000 نسمة، ويمارسون التجارة أو الأعمال الثقافية والطبية، داخل مدن شينج يانغ أما في المناطق الرعوية فيشتغلون بتربية المواشي، وتربية النحل. ويمثلون أعلى نسب عدد المتعلمين إذا قورنوا بالقوميات الأخرى. وتجمع أعمالهم الأدبية مزيجا قوامه فنون الأويغور والروس والأوزبك.

... وقوميات أخرى!

ما قومية هوي فهم أسلاف المسلمين من العرب والفرس، الذين جاءوا الصين في سفارات ديبلوماسية أو رحلات تجارية، في عهد أسرتي تانغ وسونغ (العام 618 م العام 1127م) وحملوا معهم الإسلام إلى الصين. وفي القرن الثالث عشر أتى بعض المسلمين من آسيا الوسطى مع جيش منغوليا إلى الصين واستوطنوا في أنحاء البلاد حرفيين وتجارًا وعلماء، وأطلق عليهم «أبناء هويهوي».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير