[خزانة القرويين في فاس المغربية تصمد في وجه التاريخ .. وعمليات السرقة]
ـ[محب المخطوطات]ــــــــ[27 - 11 - 04, 01:29 ص]ـ
[خزانة القرويين في فاس المغربية تصمد في وجه التاريخ .. وعمليات السرقة]
- الخبرة الألمانية أنقذت نفائسها ومخطوطاتها من الضياع
فاس: لطيفة العروسني - جريدة الشرق الأوسط 03/ 11/2004م
تترك زيارة خزانة القرويين في المدينة العتيقة لفاس، انطباعا متناقضا، فبقدر ما تشعرك بالفخر والاعتزاز، بقدر ما تخلف حسرة في النفس، لانها تذكرك بواقع القراءة والامية في المغرب، فتبدو الخزانة حزينة ومعزولة تماما عن محيطها، بالرغم من مظاهر التجديد التي اعادت اليها الحياة.
يرجع تاريخ انشاء خزانة القرويين الى منتصف القرن الثامن الهجري. وكانت في البداية خزانة عادية انشئت الى جانب جامع القرويين لمساندة مهمته في التدريس، الى ان اعتنى بها رسميا السلطان المريني ابوعنان عام 750 هجرية الموافق لـ 1349 ميلادية، ووضع لها قانونا للقراءة والمطالعة والنسخ وزودها بكتب نفيسة في مختلف العلوم والفنون وتوالى الاهتمام بها من قبل سلاطين المغرب، فتأسست رسميا على يد الملك الراحل محمد الخامس وذلك سنة 1940 بهدف اعطائها صفة مؤسساتية تسمح لها بالانفتاح على الباحثين من مختلف المشارب الدينية والثقافية بعد ان كان اشعاعها المعرفي مقتصرا على الدارسين المسلمين طيلة ستة قرون بالنظر الى ان نواتها المركزية «المرينية» كانت موجودة داخل جامع القرويين.
وتعتبر خزانة القرويين امتدادا مجاليا لجامع القرويين الذي كان يمثل الى جانب المدارس المحيطة به مثل «مدرسة الصفارين» و «المصباحية» و «العطارين» و «الشراطين» و «المحمدية»، رحابا جامعيا متكاملا.
الا ان الخزانة عرفت تدهورا كبيرا في بنايتها خلال العقود الاخيرة، وبدأ التلاشي يتسرب الى رصيدها من المخطوطات بصفة خاصة. واعتبارا لذلك تولت وزارة الثقافة المغربية، عملية معالجة مخطوطات الخزانة حيث تم تنظيفها وتصويرها ووضعها في علب واقية من الرطوبة، تنفيذا لقرارات ملكية.
وتضم الخزانة مجموعة من المخطوطات الاصلية واخر رقم تتابعي لفهارسها المنشورة حتى الان هو 2034، وتتجاوز العناوين هذا العدد باحتساب المجاميع، بالاضافة الى عدد من المصورات على سبيل الاهداء او التبادل. وتكاد موضوعات هذه المخطوطات تشمل كافة العلوم والفنون فهناك المصاحف والتفاسير والفقه والحديث والاصول والتاريخ والسير والرحلات والادب واللغة والتصوف والفلسفة والطب والفلك والحساب وغير ذلك من الفنون، وتواريخ تأليفها متعددة تعود الى ازمنة مختلفة.
اما من حيث مادة الكتابة فمنها مجموعة كتب على الرق «جلد الغزال» وهناك مجموعة من هذه المخطوطات ذات قيمة كبيرة. وباعتبار الناحية العلمية او الناحية الجمالية وما تميزت به من زخارف وجداول رائعة او بالنظر الى التاريخ المبكر لنسخها فهناك ما يعود تاريخ نسخه الى القرن الثالث الهجري، ومنها ما هو بخط مؤلفه، ومعظم هذه المخطوطات يحمل وثائق تحبيسية على الخزانة، ووثائق التحبيس تفيد ان المحبسين يمثلون مختلف الشرائح الاجتماعية، فهناك تحبيسات الملوك المرينيين والسعديين والعلويين، وهناك تحبيسات الاميرات والامراء، وتحبيسات القادة والعلماء، ومنها ما هو من تأليف ملوك المغرب وسلاطينه قديما وحديثا. وتوجد ايضا مخطوطات في الخزانة هي من تحبيس المؤلف نفسه، ومن ذلك على سبيل المثال تاريخ ابن خلدون الذي يحمل جزء منه وثيقة التحبيس على الخزانة مذيلة بتوقيع مؤلفه عبد الرحمن بن خلدون.
ويستفاد من نصوص التحبيسات التي تحملها مخطوطات الخزانة ما يؤكد شيوع الوعي الكبير لدى المغاربة باهمية الوقف الثقافي، وعدم اكتفائهم بالوقف الديني، ويدل ايضا على رغبتهم في تشجيع القراءة، وحرصهم على تعميم القراءة، وتوسيع دائرتها، وتنافسهم في خدمة العلماء والطلبة، واقبالهم على اقتناء الكتب القيمة والنسخ النفيسة وتحبيسها على الخزانات ذات النفع العام، ودعم صناعة الكتاب وترويجه.
- المخطوطات النادرة بالخزانة:
تتفاوت محتويات خزانة القرويين من حيث القيمة العلمية، ولكنها لا تخلو من النوادر النفيسة وان كانت مرجعية نفاستها تختلف من نموذج لاخر حسب الفن او المؤلف او زمن التأليف او النسخ او مواد الكتابة.
¥