تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[جهود ثلاثة علماء رواد في فهرسة التراث الشرقي للبوسنة]

ـ[بن خميس]ــــــــ[30 - 01 - 05, 12:32 م]ـ

[جهود ثلاثة علماء رواد في فهرسة التراث الشرقي للبوسنة]

جهود ثلاثة علماء رواد في فهرسة التراث الشرقي للبوسنة

في تاريخ البوسنة خلال القرن العشرين لدينا ثلاث شخصيات معروفة اهتمت بالتراث الشرقي للبوسنة , وكان لها الفضل في تعريف العالم به من خلال جهودها في جمعه وفهرسته, ألا وهم:

1 - صفوت باشا أغيتش (1870 - 1934).

2 - ومحمد خانجيتش (1906 - 1944).

3 - وقاسم دوبراجا (1910 - 1979).

وقد حظي هؤلاء بتكريم بارز بعد الاستقلال (1992) إذ صدرت مؤخراً الأعمال المختارة لمحمد خانجيتش في أربعة مجلدات , ونوقشت هذه السنة رسالة دكتوراه عن صفوت باش أغيتش , كما وتحل في هذه السنة الذكرى الـ25 لوفاة قاسم دوبراجا الذي يذكر له عمله المهم "فهرس المخطوطات العربية والتركية والفارسية في مكتبة الغازي خسرو بك في سراييفو" الذي صدر في 1963.

وكان الأول منهم د. صفوت باش أغتيش أول مسلم من البوسنة يدرس في جامعة فيينا الدراسات الشرقية على يد كبار المستشرقين ويناقش في 1910 رسالة الدكتوراه "البشانقة والهراسكة في الأدب الإسلامي" التي أنجزها بالاستناد إلى المخطوطات التي وجدها في مكتبة العائلة أو التي اطلع عليها في مكتبات سراييفو وفيينا. ويمكن القول أن باش أغتيش له السبق في الاهتمام المنهجي بالتراث الشرقي في البوسنة وفهرسته حسب الأصول العلمية الحديثة , إذ نشر في سراييفو 1916 "فهرس المخطوطات الشرقية في مكتبتي" الذي أشار في مقدمته إلى أنه ينوي فهرسة المخطوطات الشرقية لمكتبة الغازي خسرو بك ومكتبة معهد الدراسات البلقانية في سراييفو.

ولكن الأوضاع السياسية المتغيرة والظروف الصحية الصعبة لباش أغتيش أعاقت عمله وألجأته بسبب الفاقة (بعد أن كان رئيس برلمان البوسنة حتى 1918) إلى بيع مكتبته النادرة بالمخطوطات الشرقية إلى جامعة براتسلافا في 1924 التي كانت تضم حوالى 600 مخطوطة في العربية والتركية والفارسية لكتاب من البوسنة والعالم الاسلامي.

وقد خصّصت الجامعة لها مكاناً خاصاً في المكتبة الجامعية وأعلنتها اليونسكو في اواخر القرن العشرين جزءاً من التراث الإنساني العالمي.

أما الثاني محمد خانجيتش فقد توجه للدراسة إلى الشرق "الأزهر"، حيث أفادته إقامته في القاهرة في اتقان العربية والاطلاع على المخطوطات الشرقية في مكتباتها. وقد اشتهر خانجيتش هناك باسم الخانجي عندما أصدر في القاهرة 1931 كتاب "الجوهر الأسنى في تراجم علماء وشعراء بوسنة" , الذي اعتمد فيه أيضاً على مصادر أصلية ومخطوطات لكوكبة من علماء وشعراء البوسنة الذين كتبوا في اللغات الشرقية الثلاثة (العربية والتركية والفارسية).

وبعد عودته من القاهرة في 1935 اشتغل فترة في التدريس في مدرسة الغازي خسرو بك ثم عيّن في 1937 مديراً لمكتبة الغازي خسرو بك, التي تعتبر من أقدم وأغنى مكتبات البوسنة بالمخطوطات الشرقية ـ تأسست في 944هـ/ 1537م وتضم حوالى تسعة آلاف مخطوطة ـ.

وعلى رغم نشاطه البحثي الكبير وانشغاله بالتأليف والنشر في تلك السنوات إلا أنه كرّس وقته في المكتبة أيضاً لعمل فهرس لمخطوطات هذه المكتبة. وهكذا فقد وضع أكثر من الفي بطاقة تعرف بالمخطوطات حسب الأصول , ولكن الموت خطف خانجيتش في ذروة عمله وعطائه في صيف 1944 في الثامنة والثلاثين من عمره أثر عملية جراحية بسيطة.

وقد تابع عمله في هذا المجالقاسم دوبراجا , الذي تخرج أيضاً من القاهرة (الأزهر) وعاد إلى سيراييفو في 1935 ليعمل أولاً في مدرسة الغازي خسرو بك , حيث برز أيضاً بمقالاته ودراساته المتنوعة في ذلك الوقت. وبعد تأسيس معهد الاستشراق وقسم الاستشراق في جامعة سراييفو في 1950 ازداد الاهتمام أكثر بالتراث الشرقي للبوسنة, وعيّن قاسم دوبراجا في 1956 في مكتبة الغازي خسرو بك مع تكليفه بوضع فهرس عام للمخطوطات الشرقية فيها.

وقد استفاد دوبراجا من البطاقات التي تركها خانجيتش وأكمل عمله في إنجاز المجلد الأول لـ"فهرس المخطوطات العربية والتركية والفارسية في مكتبة الغازي خسرو بك" الذي صدر في سراييفو 1963, وأعيد اصداره مؤخراًـ 2000م ـ بعد أن اصبح نسخة نادرة.

وقد تضمن هذا المجلد الضخم (607 صفحة) , الذي خصّصه للقرآن الكريم وتفاسيره والتجويد والحديث والعقائد, ما يصل إلى 795 مجموعاً تضم أكثر من ألف مخطوطة.

وفي الواقع لقد ترك هذا المجلد في حينه صداه الواسع في الأوساط الاستشراقية في أوروبا وفي المراكز المعنية بالمخطوطات الشرقية في العالم الإسلامي , حيث أنه كشف للمرة الأولى عما لدى البوسنة من تراث شرقي قيم , وجعل الاهتمام يتزايد في انتظار صدور المجلدات الأخرى من هذا الفهرس.

وفي غضون ذلك كان دوبراجا يعمل على إنجاز المجلد الثاني الذي خصّصه للفقه الإسلامي , وينتقل للعمل في المجلد الثالث , إلا أن الموت عاجله في خريف 1979, قبل ان يرى صدور المجلد الثاني الذى صدر في اواخر 1979 في سراييفو والقاهرة. وقد أكمل زينل فاييتش المجلد الثالث الذي صدر بعد تعثر في سراييفو خلال 1991.

وقد تعثر العمل لإكمال هذا الفهرس بعد وفاة دوبراجا بسبب الظروف السياسية التي عصفت بالبوسنة ويوغوسلافيا السابقة 1992 - 1995, إلا أنه تسارع من جديد بعد أن تبنت نشر هذا الفهرس مؤسسة الفرقان في لندن , التي أكملت إصداره مؤخراً بعد طول انتظار خلال 1998 - 2004.

محمد م. الأرناؤوطي الحياة 2004/ 08/14

كاتب كوسوفي/ سوري.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير