[«مؤتمر دولي» عن التعامل مع المخطوطات يتمخض عن توصيات كثيرة]
ـ[بن خميس]ــــــــ[15 - 02 - 05, 01:32 م]ـ
[«مؤتمر دولي» عن التعامل مع المخطوطات يتمخض عن توصيات كثيرة]
عقد أخيراً في جامعة آل البيت الأردنية (21 - 23/ 12/2004) «المؤتمر الدولي لتحقيق التراث العربي الإسلامي» بمشاركة واسعة تمثلت في سبعين ورقة على ثماني جلسات.
ويلاحظ على المشاركين أنهم توزعوا ما بين أكاديميين (غالبيتهم من الأردن) وما بين محققين محترفين للصنعة (غالبيتهم من سورية). وكانت البادرة في الأساس تتوجه نحو «ندوة» تركز على «الرؤى والمناهج»، ولكنها تحولت بسرعة إلى «مؤتمر دولي» يتمحور حول «الرؤى والتطلعات».
ويلاحظ هنا أن المشاركة في هذا «المؤتمر الدولي» جاءت في معظمها من الأردن وسورية، مع مشاركين في مصر (د. يوسف زيدان ومحمد سليمان) ومشاركين سوريين من الأمارات (د. عبد الحكيم أنيس وعمار الددو) ومشارك من السعودية (د. عبدالعزيز المانع) وآخر من فلسطين (د. جمال جودة) بينما اعتذر المستشرق الوحيد (د. فتحي مهدي من كوسوفو) عن الحضور في آخر لحظة.
وحظي المؤتمر برعاية ملكية سامية (افتتحه الأمير علي بن نايف نيابة عن جلالة الملك عبدالله الثاني) ومتابعة يومية من الرئيس الجديد للجامعة الدكتور عبدالسلام العبادي. ويلاحظ ان تسلم الرئيس الجديد للجامعة (بعد وزارة الاوقاف) ترك بصماته على المؤتمر سواء بتركيزه على الطابع الإسلامي (بعد أن كان للتراث العربي فقط) أو في كلمته الافتتاحية التي أبرز فيها رؤية الجامعة لما تريده من المؤتمر وما بعد المؤتمر. فقد ركز على أن الجامعة «بصدد وضع خطة علمية شاملة لتشارك في تحقيق التراث العربي الإسلامي في جميع حقول المعرفة ضمن سلاسل»، مما يعيد للجامعة دورها كناشر الذي برزت فيه خلال عهد رئيسها الأول محمد عدنان البخيت.
ويلاحظ أن:
- الجلسة الأولى خصصت لمفهوم التحقيق ودوافعه ومناهجه ومبرراته.
- الجلسة الثانية بجهود بعض المؤسسات في تحقيق التراث ونشره (وزارة الثقافة السورية، مجمع اللغة العربية بدمشق، مكتبة الإسكندرية، مركز جمعة الماجد الخ).
- الجلسة الثالثة بجهود بعض الشخصيات المعروفة في تحقيق التراث ونشره (د. عبدالسلام هارون، شكري فيصل، رضوان السيد، محمد الحبيب الهيلة الخ). وقد أخذ هنا على الكثير من الأوراق أنها طفحت بالمعلومات وضنّت بالرؤى والمناهج.
- الجلسة الرابعة فقد خصّصت لدور المستشرقين في تحقيق التراث ونشره، وهي جمعت بين الأوراق التي ركزت على الإسهام الإيجابي (ورقة جمال جودة «دور الاستشراق في نشر التراث الاسلامي في اوروبا في عصر النهضة») والأوراق التي أبرزت الجانب السلبي (ورقة عبدالعزيز المانع «تحقيقات المستشرقين: الوجه السلبي»)، ولكنها على كل حال افتقدت إلى حضور المستشرقين أنفسهم ليدلوا بدلوهم في «مؤتمر دولي» كهذا.
- الجلسة الخامسة لتعرف بإسهام بعض المشاركين في تحقيق نصوص تراثية دينية وأدبية وتاريخية (رسالة الإمام مالك لهارون الرشيد، تائية ابن عربي للبوسنوي، الروض الزاهر في تاريخ ضاهر الخ).
- الجلسة السادسة ما بين التراث العلمي والحديث النبوي والإنثربولوجيا مع ورقة مميزة لعيسى أبو سليم (جامعة مؤتة) عن تصور «قاعدة معلومات تاريخية عالمية».
- الجلسة السابعة أنها خصصّت للأردن، إذ جمعت ما بين التعريف بجهود شخصيات أردنية في تحقيق التراث ونشره (إحسان عباس، ناصر الدين الأسد) وما بين جهود أكاديمية أردنية في قطاع معين (تحقيق دواوين الشعر الجاهلي، تحقيق التراث الأندلسي) مع التركيز على المنهج في التحقيق في مجمل أعمال شخصية بارزة في مجال معين (مثل ورقة «منهج إحسان عباس في تحقيق التراث الشعري» لمحمد عبدالله) أو على عمل محدد (مثل ورقة «منهج الدكتور مصطفى عليان في تحقيق التراث: كتاب الحماسة ترتيب الأعلم الشنتمري أنموذجاً» لإبراهيم الكوفحي).
ولا شك في أن قيمة هذه الجلسة (بعد طبع أوراق المؤتمر في كتاب) تكمن في أنها ستعرف في شكل جيد بما تم ويتم في الأردن من جهود لتحقيق التراث ونشره، بخاصة إذا أخذنا في الاعتبار ورقة محمد الدروبي «مقترحات لتطوير حركة إحياء التراث العربي الإسلامي في الأردن» التي تطمح إلى تنسيق هذه الجهود المبعثرة وفق نسق/ منهج واحد.
- الجلسة الثامنة والأخيرة (شهادات وتجارب) فقد كان من المتوقع أن تكون من أغنى جلسات المؤتمر. فقد قدم في هذه الجلسة شهادات لهم محققون عاملون في هذا المجال من سورية (محمود الأرناؤوط وأكرم البوشي) وأكاديميون من الأردن (محمد حوّر، عمر الساريسي، علي الشوملي، عزمي طه السيد، سلمان القضاة، علي البواب).
وكان ينتظر في هذه الجلسة لـ «مؤتمر دولي» أن تكون فيها أسماء معروفة أكثر تفيد المشاركين بخبراتها، كما أن بعض ما قدم في هذه الجلسة اقتصر على تجربة/ شهادة المشارك في تحقيق كتاب واحد بينما كان من المأمول ان تكون هذه الشهادات/ التجارب لجملة نتاج يتميز برؤية ومنهجية خاصة لصاحبه.
وعلى كل حال فإن المؤتمر بهذا العدد الكبير من المشاركين خلق زخماً حول التراث خلال أيام عقده، وانتهى إلى عدد من التوصيات لعل من أهمها تحويله الى مؤتمر دوري وتأسيس مركز للتراث في جامعة آل البيت التي احتضنت هذا المؤتمر الأول من نوعه في الأردن واصدار مجلة دورية دولية متخصصة تعنى بنشر النصوص المحققة ذات الفائدة، والدعوة الى توصيف قانوني للتحقيق وعمل المحقق لحماية الاعمال المنشورة من السرقات بالاستناد الى قوانين الملكية الفكرية وغير ذلك. وما يأمله المرء في هذه الحال ان تتحقق واحدة على الاقل من هذه التوصيات الكثيرة.
محمد م. الأرناؤوط / صحيفة الحياة 2005/ 01/1
أكاديمي كوسوفي - سوري.