تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نُبذَة تَاريخيَّة عن الوَرق و صنَاعته

ـ[محب المخطوطات]ــــــــ[27 - 11 - 04, 01:44 ص]ـ

نُبذَة تَاريخيَّة عن الوَرق و صنَاعته

الصينيون أول من صنع الورق من الألياف النباتية قبل ألفي عام يصنعونه الآن من المعادن

العرب استحوذوا على صناعة الورق في القرن الثامن الميلادي

بسم الله الرحمن الرحيم

إن بناء المعرفة و زيادة قدرة الإنسان على فهم العالم المحيط به لم يأت وليد المصادفة؛ و لكنه احتاج منذ النشأة الأولى إلى عمل دائب لكشف الحقائق العلمية و خبايا المواد و كنهها و العوامل التي تؤثر فيها. و الواقع أن للعلم تاريخا طويلا بدأ منذ أن بدأ الإنسان يفكر و يعمل، ساهم فيه بنو البشر جميعا كل بنصيب.

إذن فتاريخ العلم هو تاريخ الحضارة الإنسانية يسجل حركتها و يتتبع تطوراتها و يعرض مراحل نموها و ازدهارها و فترات ضعفها و انبعاثها من جديد.

و كان الورق مادة هذه الحضارة الإنسانية الأولى و أساسها، الذي كان يصنع من سيقان نبات الخيزران (البامبو) المجوفة و الخرق البالية أو شبك الصيد، تدق بعد ان تغسل و تفقد ألوانها، في مطاحن خاصة حتى تتحول إلى عجينة طرية فتضاف إليها كمية من الماء حتى تصبح شبيهة بسائل الصابون، و بعد أن يُصفَّى الخليط تؤخذ الألياف المتماسكة المتبقية بعناية لتنشر فوق لوح مسطح لتجففه حرارة الشمس. و بعد التجفيف يمكن صقل فرخ الورق المحصل عليه بعد ذلك بواسطة خليط من النشا و الدقيق و يجفف من جديد. و هكذا يحصل على ورق قابل للاستعمال حتى أصبح الورق يصنع من الأخشاب و الفضل في ذلك يعود إلى الصينيين الذين أنتجوه منذ أكثر من 2000 عام من ألياف شجرة التوت. لكن الفكرة جاءت من مشاهدة الدبابير و هي تصنع أعشاشها من حلقات الخشب الرفيعة ( Wood Ships).

دخول الورق إلى العالم الإسلامي:

من المعروف أنه مع دخول الورق إلى العالم الإسلامي أخذ يهر فن الكتابة على مستوى كبير، و لم يكف عن التطوير حتى القرن التاسع عشر بينما كان استعمال الصباعة قد انتشر منذ مدة طويلة.

في بداية الإسلام كان القرآن الكريم يُكتب بأجزاء صغيرة على مواد مختلفة مثل: أكتاف الإبل و اللخاف (و هي أحجار كلسية بيضاء عريضة و رقيقة) و في العسب (عسب النخيل) و القظيم و الأديم و في الرَّق، حتى جمع سوره في أول المر الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه (المتَوفَّى سنة 13 هـ) معتمدًا في ذلك على مواد مختلفة. و أدرك الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه (المتوفى سنة 35هـ) أهمية تدوين القرآن بالنسبة لحفظه و ضبطه؛ فجمعه حسب سوره في مصحف و أمر بتحريره على الرق الذي عرفه العرب قبل الإسلام، فكانوا يعالجون الجلود بالكلس الفاقع اللون مستعملين أيضًا بعض الأجزاء المقومة الأخرى لتلوينه و منحه مرونة تمكن من استعماله في الكتابة. و قد كتبت بعض أجزاء القرآن الكريم على الرق.

و برزت بجلاء إمكانات استغلال الرق في عملية التجليد أو التسفير، فقد كان الجلد ينقش و يدمغ و يوشم بخيوط الذهب التي كانت تتزاوج في تناسق مع ثنياته و حدوده. كما كانت تضاف إليه زخارف هندسية و نباتية مذهبة أو ملونة لتوحي للقارئ بالبهاء و الروعة.

وعندما فتح المسلمون سمرقند سنة 751م و طردوا منها الجيوش الصينية أسروا عددًا كبيرًا من الصينيين كان من بينهم صنَّاع الورق الذين أطلعوا العرب على أسرار هذه الصناعة، فأدخلها العباسيون إلى بغداد. ففي عهد هارون الرشيد كثر استعمال الورق في السجلات بدلا من البردي و الرق و سرعان ما أصبحت صناعة الورق حرفة مهمة في بغداد. و قد نشأ أحمد بن طاهر المدرس و الكاتب و تاجر الورق في سوق الوراقين و هو شارع اصطف على جانبه أكثر من 100 بائع للورق و الكتب و كان الجاحظ يؤجر إحدى القرطسيات بالنهار للاطلاع على الكتب الموجودة في مستودعها و كان ابن أبي يعقوب النديم صاحب الفهرست من بين الوراقين المشهورين في ذلك الزمان و من هناك انتقلت إلى الجزيرة العربية ثم إلى اليمن و سوريا و مصر و المغرب العربي و الأندلس حيث أسس أول مصنع للورق في الأندلس عام 950م و قد اشتهرت مدينة شاطبة بصناعة الورق و كان الورق ينتقل من شاطبة إلى كافة أجزاء أوربا كما تشهد بذلك نصوص الجغرافي المغربي الشريف الإدريسي. حيث انتشرت عبرها إلى فرنسا و صقلية و إيطاليا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير