[المكتبات الوقفية بالمدينة المنورة ملجأ المحققين في المخطوطات العربية]
ـ[محب المخطوطات]ــــــــ[27 - 11 - 04, 01:45 ص]ـ
[المكتبات الوقفية بالمدينة المنورة ملجأ المحققين في المخطوطات العربية]
برزت الحركة العلمية كأحد أوجه الثراء الذي تتميز به المدينة المنورة منذ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم باعتبارها مركز إشعاع وعلم ومقصدا لطلاب العلم على مدى العصور مما شكل ثراء علميا وفقهيا قلما حظيت به حاضرة إسلامية.
وأضحى المسجد النبوي الشريف، وسط هذا الثراء الفقهي وفتح باب الاجتهاد، قبلة لتوافد طلاب العلم. يتنافسون في أروقته سعيا إلى حلقات العلماء والأخذ عنهم. وبموازاة ذلك ازدهر تشييد الروابط والمكتبات والمدارس الوقفية التي تعد نمطاً من أنماط العناية بالعلم والتنافس في ميدان خدمته بين القادرين. وحرصا على دور هذه المكتبات فإن دعوات تعالت أخيرا تطالب بمزيد من التطوير والدعم الفني لهذه المكتبات، بغية تعظيم الاستفادة العلمية منها والحفاظ علي كنوزها. العديد من المكتبات الوقفية يحتضن نفائس الكتب والمخطوطات بهدف توفيرها لطلاب العلم، وتقدر بعض المصادر التاريخية عددها، حتى أوائل القرن الماضي، بأكثر من 90 مكتبة وقفية مدرسية بين عامة وخاصة.
وتنهض حاليا مكتبة الملك عبد العزيز العامة التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بمسؤولية المحافظة على رسالة المكتبات الوقفية داخل أروقتها.
وتحتصن المكتبة 24 مجموعة موقوفة تمثل مكتبات كانت ذات حضور مميز في التاريخ الإسلامي. ومن أهمها مكتبات الشيخ عارف حكمت، والمحمودية، والمدينة المنورة العامة إلى جانب مكتبات مدارس: الإحسانية، الساقزلي، الشفاء، العرفانية، القازانية، كيلي ناظري. وغيرها كثير مما يصعب حصره.
وفي مجال المخطوطات تضم مكتبة الملك عبد العزيز 13 ألف مخطوط أصلي و25 ألف كتاب نادر، فضلا عن 40 ألف كتاب من المطبوعات الحديثة. موسى كاظم الناظر السابق لوقف مدرسة ومكتبة بشير آغا يرجع ذلك إلى نظام الأوقاف الحالي. ويقول إنه رغم عناية وزارة الشؤون الإسلامية بالمكتبات والمجموعات الوقفية الا أن نظام الأوقاف وخاصة ما يتعلق بالمكتبات الوقفية يحتاج إلى إعادة نظر في بنوده، وبما يتفق وشروط الواقف والذي تسبب في إحجام الكثيرين عن المبادرة إلى فتح أبواب مكتباتها وإتاحة الفرصة للاستفادة منها. في مكتبة المصحف الشريف يرى الزائر أنفس المقتنيات التي تشمل أكثر من 1800 مصحف مخطوط نُقشت على صفحاتها روائع الخط العربي وجماليات الزخارف الإسلامية عبر مختلف العصور الإسلامية. ويعود تاريخ أقدم مخطوط منها إلى عام 488هـ وقد كتب على جلد الغزال.
كما تعد مكتبة الشيخ عارف حكمت، التي أنشئت عام 1270 هـ وتتخذ جناحاً خاصاً، من أبرز المكتبات العلمية الوقفية التي تضمها المكتبة واكتسبت أهميتها وجودة مقتنياتها من رفعة المكانة الدينية والعلمية للشيخ حكمت. وكان هذا الشيخ يشغل مقام شيخ الإسلام والمفتي للسلطنة العثمانية. وتقدر محتويات المكتبة بـ13 ألف عنوان، منها 5 آلاف مخطوطة أصلية أقدمها مخطوط (الأوائل) لأبي حسن هلال العسكري 395 هـ. وتمثل هذه الذخيرة من المخطوطات منهلاً للمحققين وطلاب الدراسات العليا، ومنهم هارون حجي أبا وهو طالب نيجيري بالدراسات العليا في الجامعة الإسلامية بالمدينة والذي يقوم بتحقيق احدى مخطوطات المكتبة في اللغة العربية. ويعد حجي أبا واحدا من بين 93 محققاً مسجلين لدى المكتبة هذا العام، فيما يبلغ عدد المحققين المراسلين من خارج المملكة 33 محققاً. ويصف الباحث النيجيري مقتنيات المكتبة من المخطوطات بأنها كنز لا يقدر بثمن. ويبدي ارتياحه للتسهيلات المقدمة للباحثين والمستفيدين، وخاصة خدمة خلوات البحث.
ويؤكد مديرعام المكتبة الدكتور عبد الرحمن المزيني أن المكتبة تعمل على توسيع ارتباطها مع عدد من المكتبات الخارجية الأخرى عبر نظام تبادل الخدمات، مثل مكتبة الأسد في سورية ودار الكتب المصرية وغيرهما. إلى جانب الارتباط الكومبيوتري مع مكتبة الملك فهد الوطنية ومركز الملك فيصل.
المدينة المنورة: علي العمري ـ جريدة الشرق الأوسط.