تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وشهدت مواسم الزيارة المتعددة ازدهاراً في الحركة التجارية بعامة أدى إلى ظهور أسواق عدة تركزت حول المسجد النبوي ثم امتدت إلى طريق قباء الصاعد والنازل، ثم امتدت إلى الأحياء القريبة ومناطق التجمع السكاني الأخرى، وأخيراً ظهرت مراكز تجارية كبيرة تتوزع في جهات المدينة الأربعة.

وفي ميدان الخدمات نشطت الإنشاءات الفندقية والمطاعم وتركزت حول المسجد النبوي الشريف ثم اتسعت دائرتها وامتدت إلى الشوارع التالية بعد أن تضاعفت أعداد الزائرين وخاصة في المواسم.

وفي ميدان الزراعة زحف العمران إلى البساتين التي كانت تتخلل أحياء المدينة الكبرى أو تلاصقها، واختفت فيها غابات النخل الكثيفة ومزارع الخضروات والعنب .. ولكن ظهرت عوضاً عنها مزارع كبيرة في أطراف المدينة وظهرت البيوت البلاستيكية التي تنتج الخضروات على مدار السنة ووافقها مداجن حديثة ضخمة تقدم سنوياً أطناناً من لحم الدجاج والبيض الطازج.

وفي ميدان الصناعة تطورت الورش الصغيرة وتحولت إلى ورش كبيرة أكثر تقنية .. وظهرت مصانع كثيرة لتعبئة التمور و لإنتاج اللوازم المنزلية البلاستيكية والطوب الأحمر وتنقية المياه ومصانع الألبان وبعض الصناعات الغذائية كالحلاوة، ومشتقات الذرة.

وفي المجال الثقافي شهدت المدينة تطوراً كبيراً في التعليم وأقيمت عشرات المدارس في مختلف المراحل وأنشئت الجامعة الإسلامية، وفتحت فروع لجامعتي الملك عبد العزيز والإمام محمد بن سعود بالمدينة فضلاً عن المعاهد والكليات التابعة لوزارة المعارف والرئاسة العامة للبنات وظهر جيل مثقف من الجنسين وأقبل على الوظائف وحصل عدد منه على أعلى الدرجات الجامعية، الماجستير، والدكتوراه، وتولوا مناصب عالية في مختلف الوزارات والجهات التعليمية.

وفي مجال العمران اختفت الأحواش والحارات الضيقة والبيوت الطينية القديمة وظهرت مباني جديدة عالية تتوافر فيها أحدث نظم البناء والراحة. كما ظهرت أحياء كاملة من مساكن العائلة الواحدة (فيلات) تحمل في واجهاتها تشكيلات جمالية رائعة تجمع بين التراث والمعاصرة. ووسع المسجد النبوي في توسعة أولى بدأت في عهد الملك عبد العزيز عام 1368هـ وانتهت في عهد الملك سعود في عام 1372هـ.

وفي العقد الأخير شهدت المدينة ملحمة عمرانية ضخمة مازالت امتداداتها مستمرة حتى الآن .. هذه الملحمة هي توسعة المسجد النبوي الأخيرة، وتشييد المنطقة المركزية المحيطة بها. فقد أمر خادم الحرمين الشريفين بإحداث توسعة تاريخية جديدة للمسجد النبوي أضاف إليه اثنين وثمانين ألف متر مربع، وشّيد مبنىً جديداً للمبنى العثماني القديم بأحدث ما وصلت إليه تقنية البناء من آليات وأجهزة وتصميمات (راجع فقرة المسجد النبوي) وهدمت الأحياء الأخرى خلفه والتي كانت ضمن سور المدينة وأعيد تنظيم الأرض وبدأت تقوم عليها مجمعات سكنية تجارية ضخمة تستوعب عشرات الآلاف من الزائرين وتقدم لهم أرقى الخدمات وستشكل هذه المجموعات مجموعها أربعة أحياء تحيط بالمسجد النبوي من جهاته الأربعة وتعتبر مدينة متميزة من أحدث مدن العالم في تنظيمها وخدماتها ومظهرها الجمالي العام.

لقد قفزت المدينة المنورة في العهد السعودي الحالي قفزة واسعة عبرت بها عشرات السنوات من التقدم في جوانب الحياة المدنية كلها. ورعى هذه القفزة المسؤولون الأولون في الدولة والأمراء ووكلاء الأمراء الذين تولوا الإدارة وأشرفوا على التطوير والتنفيذ.

وقد تولى إمارة المدينة ووكالتها حسب التسلسل الزمني كل من: الأمير محمد بن عبد العزيز، ووكيله إبراهيم السبهان. ثم الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز ـ 1405هـ، وأخيراً الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز ـ 1405هـ حتى وقتنا الحاضر.


للتوسع:

التاريخ الشامل 3/ 161 - 323

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير