[الزمن]
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[29 - 04 - 2003, 09:48 م]ـ
[الزمن]
هو مما ينبغي أن يدرس في الجانب النحوي وحصره في الجانب الصرفي تقصير
ولكل لغة أسلوبها في تحديد الزمن
وهناك من المستشرقين من يقول إن الزمن في اللغة العربية يفتقر إلى الدقة
ومنهم من يقول إن الأزمنة في العربية قليلة
وأن لغات أخرى كالإنغليزية مثلا هي أغنى في الأزمنة
فما الحقيقة؟
فلنتعرف أولا على الأسباب التي دعت لتلك الأقوال
فأما قولهم أن الزمن يفتقر للدقة فهو مما رأوه من أن الفعل قد يدل على زمن معين فإن اقترن بحرف ما تحول إلى زمن ثان
وأن الفعل في صيغة ما قد يدل على معنى لا تحمله تلك الصيغة ـ بظنهم ـ
أسافر: مضارع ـ سأسافر: مستقبل
مع أن الزمن هو المضارع، ولكن السين نقلته من زمن لآخر
وأما القول الثاني فهو بسبب ظنهم أن الزمن يقتصر على الصيغ الصرفية المعروفة: ماض ومضارع وأمر
فإن قارنا بلغة كالإنغليزية وجدناها تشمل اثني عشر نوعا من الأزمنة هي:
الحاضر البسيط ـ الحاضر التام ـ الحاضر المستمر ـ الحاضر المستمر التام
الماضي البسيط ـ الماضي التام ـ الماضي المستمر ـ الماضي المستمر التام
المستقبل البسيط ـ المستقبل التام ـ المستقبل المستمر ـ المستقبل المستمر التام
وهي من أغنى اللغات الأخرى بالأزمنة
فماذا عن العربية؟؟؟
" لو كان الزمن في العربية معنى صرفيا خالصا يستنبط من الصيغ الفعلية وحدها لكان علينا أن نتقبل ما نرمى به، وأن ندرس الزمن في أثناء دراستنا للصيغ الصرفية على النحو المتبع في أكثر الدراسات اللغوية
غير أن للمسألة وجهين: وجها صرفيا طغى على اللغة الإنغليزية وهو يتجلى في الصيغ التي سقناها بين يدي البحث متوازية كأنها معادلات الرياضيات
ووجها نحويا يتجلى في العربية. إذ تستطيع لغتنا بالتراكيب والقرائن والأدوات أن تترجم المراحل الزمنية ترجمة دقيقة تماثل أو تبز ما يقابلها في أكثر اللغات احتفالا بالزمن"
...
...
...
" ولا نبالغ إذا زعمنا أن الزمن في العربية يخالط أقسام الكلام الثلاثة: الاسم والفعل والحرف
وأن هذه المخالطة تتجلى في حقول الزمن الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل. فأنت تستطيع أن تجد معنى الزمن على درجات متفاوتة في الأسماء والأفعال والحروف
فأسماء الأفعال قد تعبر عن الماضي ومنها: هيهات وشتان
وعن الحاضر ومنها: آه وأف
وعن المستقبل ومنها: صه ومه
والمصادر قد تعبر عن الحاضر كسبحانك ولبيك
وعن المستقبل كرويدك
وكتب النحو نصت على أن اسم الفاعل جار على معنى الفعل المضارع ولفظه
أي أنه يحمل معنى الزمنين الحاضر والآتي
فإذا قلت لمن يسألك عن حالك: إني مسافر، فالمعنى سأسافر
وكتب النحو نصت أيضا على أن اسم الفاعل النكرة يعمل فيما بعده حينما يكون بمعنى الحال والاستقبال
...
...
...
وأما الحروف ففي العربية منها ما بياشر الفعل الحاضر فيخلصه للحاضر، ومنها ما يقلبه ماضيا، ومنها ما يجعله مستقبلا
فالحرفان (لا) و (ما) في نحو: لا يحسن أن تجامل الكذاب، وما يحسن بك أن تجامله، خلصا الفعل للحاضر
و (لم) في نحو: لم أكذب قط جعلته ماضيا، و (لن) في نحو لن أخادع أحدا جعلته مستقبلا
و (لما) في نحو لما تشرق الشمس جعلت الفعل متوقع الحصول في المستقبل القريب، و (السين) في نحو: سأقرأ تجعل الحاضر مستقبلا قريبا من الحاضر
و (سوف) في نحو: سوف أرحل تبعد المستقبل عن الحاضر
وأداة الشرط (إذا) تجعل الفعلين الماضيين بعدها ممستقبلين، كقول طرفة بن العبد: إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني ... منيعا إذا بلت قوائمه يدي
وقد يتطاول المستقبل بعد (إذا) حتى يبلغ ـ وفعله ماض ـ آخر العمر في نحو: " كلا إذا بلغت التراقي، وآخر الدهر في نحو: إذا السماء انشقت
وإذا جاوزنا الأسماء والحروف إلى الأفعال وجدنا فيها دلالات زمانية كثيرة التنوع لا تدل عليها الصيغة الصرفية وحدها، بل يدل عليها معها السياق والأسلوب والأغراض البلاغية، فإبرام العقود في البيع والزواج يتم بصيغة الماضي والإبرام حاضر. وجمل الدعاء في نحو: رعالك الله لفظها لفظ الماضي ومعناها نممنصرف إلى المستقبل. والمستقبل المؤكد الوقوع يعبر عنه بلفظ الحاضر ليمثل بين عيني المخاطب فيتعظ به، كقوله تعالى: إن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة"
هذا وقد توصل الدكتور حسان تمام في كتابه اللغة العربية معناها ومبناها إلى تقسيم زمني للأفعال على الطريقة الإنغليزية ولكنه يفوقها في عدد الأزمنة
وفيما يلي عرض للأزمنة في الكلام الخبري للفعل الماضي فقط
ـ الماضي البعيد المنقطع: كان فعل
ـ الماضي القريب المنقطع: كان قد فعل
ـ الماضي المتجدد: كان يفعل
ـ الماضي المنتهي بالحاضر: قد فعل
ـ الماضي المتصل بالحاضر: ما زال يفعل
ـ الماضي المستمر: ظل يفعل
ـ الماضي البسيط: فعل
ـ الماضي المقاربي: كاد يفعل
ـ الماضي الشروعي: طفق يفعل
انظر
في علم اللغة ـ غازي طليمات ـ 195 ـ 200
¥