تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الأضداد في اللغة العربية]

ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[31 - 03 - 2003, 09:03 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا رأينا أن وضع كتب الأضداد، يدخل في مجال التأليف المعجمي، فإنه اقترن تاريخياً بولادة هذا النوع من الكتابة. وقد "ولدت معجماتنا اللغوية صغيرة متفرقة غير منظمة، ثم نمت شيئاً فشيئاً، وتوسعت وتكاملت جيلاً بعد جيل" (1)

وعلى الرغم من أن الصينيين واليونان قد سبقوا العرب في وضع المعاجم ببضع مئات السنين، إلا أن العرب سبقوا أوروبا في هذا المضمار بأكثر من تسعة قرون ذاك أن تأليف أول معجم عربي يعود إلى القرن الثامن الميلادي، في حين يرجع تأليف أول معجم أوروبي إلى القرن السابع عشر، وهو معجم انكليزي (2).

ولقد جمعت ألفاظ اللغة العربية ودونت ورتبت خلال ثلاث مراحل تاريخية، بدأت الأولى منها أواخر القرن الهجري الأول واستغرقت زهاء مئة سنة حتى أواخر القرن الثاني للهجرة. وفي هذه المرحلة جمعت الأحاديث الشريفة والقصائد الشعرية وبعض الأعمال النثرية. "وكان علماء اللغة يأخذون الألفاظ العربية من أفواه عرب الصحراء، أو الوافدين على الأمصار، ممن لم تتأثر ألسنتهم بمخالطة الأعاجم." (3)

في المرحلة الأولى جمعت المفردات والألفاظ كيفياً دون ترتيب أو تنظيم "لأن الغاية كانت تتجه أولاً إلى الجمع والتدوين دون غيره، خوفاً على العربية من الغريب الدخيل" (4) وعرفت المرحلة الثانية قدراً أكبر من التنظيم، كجمع الألفاظ التي تشترك في حرف واحد أو التي ترتبط برابطة الأضداد. وفي المرحلة الثالثة وضعت المعجمات الشاملة المنظمة، واعتمد مؤلفوها على ما كُتب في المرحلتين السابقتين، فجمعوا وأضافوا ورتبوا ونسقوا.

وفي هذه الأثناء ظهرت كتب الأضداد وهي "التي جمعت ألفاظاً تأخذ معنيين متضادين، بحيث يمكن استخدام كل لفظة منها لمعنيين متنافرين، إذ أن كل لفظة تعني الشيء وضدَّه" (5)

وبين الذين وضعوا معجمات الأضداد: الأصمعي، والسجستاني، وابن السكّيت وقطرب، وأبو الطيب اللغوي، وابن الدهان، والصغاني، وابن الأنباري. وقد قام المستشرق أوغست هفنر بتحقيق كتب الأضداد التالية:

- الأضداد - تأليف الأصمعي. "ت- 215هـ"

- الأضداد -تأليف ابن السكّيت "ت- 244هـ"

- الأضداد- تأليف السجستاني "ت- 255هـ"

ونشرتها معاً في بيروت سنة 1913م دار الكتب العلمية. ونشر هفنر أيضاً كتاب الصغاني في الأضداد في السنة ذاتها وجعله ذيلاً للكتب الثلاثة.

أما كتاب قطرب "الأضداد" فقد حققه المستشرق هانس كوفلر ونشره عام 1931 في مجلة " ISLAMICA" المجلد الخامس. (6)

وحقق الدكتور عزة حسن كتاب أبي الطيب اللغوي: "الأضداد في كلام العرب" ونشره المجمع العلمي العربي بدمشق عام 1382هـ - 1963م.

وتولى تحقيق كتاب ابن الدهان "الأضداد في اللغة" محمد آل ياسين ونشرته مكتبة النهضة في بغداد ط2 سنة 1382هـ- 1963م.

أما كتاب الأضداد لابن الأنباري (7) محمد بن القاسم، فقد صدر في طبعة حديثة أولى في القاهرة سنة 1325هـ "اعتنى بضبطها بالشكل وتصحيحها -حضرة- ملتزم طبعها الشيخ محمد عبد القادر سعيد الرافعي، صاحب المكتبة الأزهرية مع العلامة اللغوي الشيخ أحمد الشنقيطي بعد مقابلتها على نسخة قديمة من خط المؤلف- يعني: ابن الأنباري" (8).

وصدر هذا الكتاب أيضاً في الكويت، من تحقيق "أبو الفضل ابراهيم" -التراث العربي عام 1960. وفي هذه الدراسة سنعتمد الكتاب الأول الذي حققه العلامة الشنقيطي.

وجهة نظر في تفسير "الأضداد"

يقول د. مراد كامل في تقديمه كتاب "الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية" لجرجي زيدان في طبعة جديدة: (9)

"في أوائل القرن العشرين استطاع "موريس جرامون" و "أنطون مييه" و "جوزيف فندريس" أن يثبتوا أن التغيرات الصوتية وغيرها من التغيرات اللغوية، لا يمكن القول إنها مماثلة للتغيرات التي تحدث في العالم الطبيعي، كما ذهب علماء اللغة خلال القرن التاسع عشر، ولكنها تدل على تفاعل بين الدوافع النفسية الفيزيولوجية، وبين نظام اللغة الذي تطرأ عليه التغيرات. والتغيرات تحدث في الأفراد في اللاشعور أو على هامش الشعور" (10).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير