تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عقل أحد ممن سمع ذلك ما عنا بدعوته إذ كان بلد مكة مخلوقا قبل ذلك، فلما وصل بآمنا عقل السامع لذلك ما أراد إبراهيم عليه السلام بدعوته، ومثل هذا كثير في القرآن جدا يا أمير المؤمنين.

والذي تتعارفه العرب وتتعامل به في لغاتها وخطابها ومعنى كلامها ومخارج ألفاظها هو الذي جرت به سنة الله عز وجل في كتابه إذ كان إنما أنزل بلسانها واكتتب على تبيانها فخاطبهم الله عز وجل بما عقلوه وعرفوه ولم ينكروه ولم يكونوا يعرفون سواه وهو القول الموصل والمفصل.

فأرجع أنا وبشر يا أمير المؤمنين لما اختلفنا فيه من قول الله عز وجل: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} إلى سنة الله في كتابه في الجعلين جميعا، وإلى سنة العرب أيضا وما تتعارفه وتتعامل به، فإن كان من القول الموصل فهو كما قلت أنا إن الله جعله قرآنا عربيا، بأن صيره عربيا_ أي_ أنزله بلغه العرب ولسانها، ولم يصيره أعجميا فينزله بلغة العجم، وإن كان من القول المفصل فهو كما قال ولن يجد ذلك أبدا، وإنما دخل الجهل على بشر ومن قال بقوله يا أمير المؤمنين لأنهم ليسوا من العرب ولا علم لهم بلغة العرب ومعاني كلامها، فتناولوا القرآن على لغة العجم التي لا تفقه ما تقول، وإنما تتكلم بالشيء كما يجري على ألسنتها، فكل كلامهم ينقض بعضه بعضا لا ينتقدون ذلك من أنفسهم، ولا ينتقده عليهم غيرهم لكثرته.

قال عبد العزيز: وسمعت الأصمعي عبد الملك بن قريب، وقد سأله رجل أتدغم الفاء في الياء؟ فتبسم الأصمعي وقبض على يدي وكان لي صديقاً، فقال لي أما تسمع، ثم أقبل على السائل وهو يتعجب من مسألته وقوله فقال له: تدغم الفاء في الياء في لغة إخواننا بني الأنباء- بني ساسان- يقولون: كيصبحت، فيدغمون الفاء في الياء، أما العرب فلا تعرف هذا.

قال عبد العزيز: فاشتد تبسم المأمون من قول الأصمعي ووضع يده على فيه. قلت: وهذا الذي يأتينا به بشر يا أمير المؤمنين من لغة أصحابنا بني الأنباء_ بني ساسان. اهـ

وهذا كتاب الحيدة لمن أراد تحميله كاملا على ملف وورد ( http://www.alabadyah.com/ktb/al7ydah.zip)

والسلام عليكم ورحمة الله

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير