ومن هذا المنظور يصبح كلا من داود وسليمان ـ عليهما السلام ـ هما من أنبياء الله لا مرية في هذا .. كما وأن دينهما هو الإسلام [8] .. وبذلك يكون داود وسليمان هما أول من أقاما الخلافة الإسلامية في هذه المنطقة .. منطقة الشرق الأوسط. وبهذا لم يكن أجداد اليهود الحاليين سوى المسلمين الأوائل في هذه المنطقة. ويترتب على هذه المعاني السابقة ما يلي:
أولا: أن الله (عز وجل) قد مكن لداود وسليمان (عليهما السلام) من إقامة أول خلافة إسلامية في هذه المنطقة. وبديهي لابد وأن تكون هذه الخلافة قد قامت على أسس مختلفة تماما عما ورد ذكره في الكتاب المقدس .. أي لا قتل / ولا إبادة / ولا تطهير عرقي لشعوب المنطقة / ولا إحلال .. بل يمكن أن تكون قد قامت هذه الخلافة الإسلامية .. بسيناريو مشابه كثيرا لسيناريو الدعوة في زمن الرسول محمد (ص). وبقيت هذه الخلافة الإسلامية قائمة ما دام المسلمون الأوائل (أي أجداد اليهود الحاليين) قائمين على حدود الله وشرائعه .. وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولكن ـ وبكل أسف ـ بحيودهم عن الدين الحق .. وعصيانهم .. وكفرهم .. وإشراكهم بعبادة الله .. وعبادة الأصنام (كما بيّن هذا الكتاب المقدس) أصبحوا يهودا .. وليسوا مسلمين لله عز وجل. ولهذا عاقبهم الله بإزالة ملكهم .. أي إزالة الخلافة الإسلامية من هذه المنطقة [9] .. لأنها لم تعد إسلامية بأي حال من الأحوال. وقد نبه المولى (عز وجل) إلى ذلك بقيامهم بتحريف الكتب المنزلة على أنبيائهم من بعد علم .. كما جاء في قوله تعالى ..
[أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)] (القرآن المجيد: البقرة)
ثانيا: عندما أُسْرِيَ برسول الله (ص) ـ في رحلة الإسراء والمعراج (عام 621 م) ـ من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بأورشليم (القدس) .. ثم عرج به من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى (الأكوان المتطابقة أو الموازية [10]) .. ليعود بعدها إلى مكة ليروي عن هذه الرحلة وحكمتها .. كان عليه أن يأتي بدليل صدق ـ مادي ـ على حدوث هذه الرحلة. وهنا يسأله قومه عن وصف المسجد الأقصى ومنهم من سبق وأن رآه .. فقال [11]:
[ .. فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ .. فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ .. فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ (أي جاء به الملاك جبريل عليه السلام) وَأَنَا أَنْظُرُ حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عِقَالٍ أَوْ عُقَيْلٍ .. فَنَعَتُّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ .. فَقَالَ الْقَوْمُ أَمَّا النَّعْتُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَ .. ]
وهكذا وصف الرسول (ص) المسجد الأقصى وهو ينظر إليه كدليل صدق على حدوث هذه الرحلة المعجزة. وبهذا المعنى لا يسعنا سوى أن نقول أن المسجد الأقصى كان موجودا بالفعل قبل هجرة الرسول إلى المدينة .. أي قبل بناء أول مسجد في الإسلام .. أي مسجد الرسول بالمدينة. وبهذا المعنى؛ يصبح المسجد الأقصى هو الإرث الطبيعي للخلافة الإسلامية التي أنشأها داود وسليمان [12] (عليهما السلام) .. في هذه المنطقة.
وبديهي؛ بزوال الخلافة الإسلامية وتحريف الدين أدخلت التماثيل والأصنام والصور في داخل المسجد الأقصى (على سبيل المثال: أدخل يربعام عجلين ذهبيين في المعبد اليهودي كما قاد الأمة للخطية / التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص: 768) .. تماما كما أدخلت هذه الأوثان ـ من قبل ـ في المسجد الحرام بمكة. وبظهور الإسلام ـ وكما هو معلوم بالضرورة ـ أزال الرسول (ص) هذه الأصنام والوثنيات من داخل المسجد الحرام بعد أن قام بفتح مكة.
وبالتالي؛ فمن المتوقع أن يكون الخليفة عمر بن الخطاب قد قام بإزالة مثل هذه الوثنيات والأصنام ـ في حالة وجودها ـ في المسجد الأقصى عند فتحه للقدس (أي لأورشليم) .. كما فعل الرسول بالمسجد الحرام .. عند فتحه لمكة.
¥