ومع كل المعجزات المادية التي صاحبت خروج بني إسرائيل ـ مع موسى ـ من مصر إلا إنهم لم يمتثلوا للأمر الإلهي القاضي بعبادته وحده عز وجل .. !!! بل قاموا بالشرك به .. وعبادة الأوثان .. !!! فيقضى الله (عز وجل) عليهم بالتيه في صحراء سيناء وتخومها لمدى أربعين سنة حتى يتغير هذا الجيل الفاسد .. لتأتي أجيال أخرى من بعده .. قد تكون أحسن حالا من سابقتها. وتتنزل التوراة ـ أي أسفار الشريعة / الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم ـ في هذه الأثناء .. أي في فترة التيه .. على موسى (عليه السلام) .. ثم يموت موسى بعد ذلك .. ويدفن في سيناء .. ويخلفه في قيادة الشعب الإسرائيلي من بعده: " يشوع بن نون " ..
ويأتي " يشوع بن نون " ـ وعلى حسب روايات الكتاب المقدس ـ ليرسي قواعد السلب والنهب والقتل .. والإبادة الجماعية ويجعلها شرعة دينية واجبة الاتباع في الكتاب المقدس. فهو ذلك الخليفة الذي بدأ مسلسل الإرهاب والإبادة والقتل ضد شعوب مدن هذه المنطقة .. ونهب ممتلكاتهم .. وإباحة أعراضهم .. والاستيلاء على أرضهم بدون وجه حق. ونظرا لتناقض هذه الأعمال الإجرامية مع معطيات الدين ـ الإسلامي ـ الحق .. فقد لزم أن يقوم بنو إسرائيل بتحريف نصوص الكتاب المقدس عن واقع التنزيل الإلهي .. حتى يمكنهم الاستناد إلي مسوغ .. أو تفويض إلهي .. لتبرير كل ما يقترفونه من آثام وإجرام .. ضد شعوب هذه المنطقة .. وضد شعوب العالم أجمع فيما بعد.
فالمعلوم جيدا أن: " شعوب العالم " من المنظور التلمودي [4] هم ذلك: " الجوييم " .. أي هم تلك الحيوانات التي خلقها " الله " لبني إسرائيل في صورة بشر .. !!! لكي يستبيحوا دمائها .. ويهدروا أعراضها .. وينهبوا أموالها .. !!! وهكذا ظهرت لعنة بني إسرائيل على هذه المنطقة .. منذ تولي يشوع بن نون خلافة الشعب اليهودي عقب موت موسى (عليه السلام) .. وحتى وقتنا المعاصر.
• هل هيكل سليمان .. هو المسجد الأقصى .. ؟!!!
وهكذا؛ لم يكن الدين اليهودي ـ من المنظور الإسلامي ـ سوى إحدى النسخ الأولى للديانة الإسلامية نفسها ( One of the versions of the Islamic Religion ) . وبالتالي ما كان ينبغي أن يطلق عليها اسم الديانة اليهودية .. بل كان ينبغي أن يكون اسمها الطبيعي هو الدين الإسلامي [5]. وبديهي؛ ما يقال ـ هنا ـ عن الديانة اليهودية والتوراة، يقال أيضا عن الديانة المسيحية والإنجيل.
فالمولى (عز وجل) يبين لنا ـ في قرآنه المجيد ـ أنه .. طالما وأنه (أي الله) واحد ولا متغير .. فلابد وأن يكون الدين الصادر عنه ـ هو الآخر ـ واحد ولا متغير. فالدين من المنظور الإسلامي ليس سوى: البلاغ الصادر عن الله (سبحانه وتعالى) الخالق للوجود (الكون والأكوان المتطابقة) .. للبشرية جمعاء لتعريفها بالغايات من خلقها وحتمية تحقيقها لهذه الغايات .. حتى تنال الخلاص المأمول والسعادة الأبدية المنشودة.
وبالتالي؛ لا ينبغي أن يكون للبشرية ديانات مختلفة بل هو دين واحد صادر عن الخالق المطلق الواحد لها ولهذا الوجود .. طالما وأن الغايات من الخلق لا متغيرة .. وأن هذا الدين: هو الدين الإسلامي [6]. كما وأن " القرآن المجيد " من المنظور الإسلامي ليس سوى: " العهد الحديث: The Modern Testament " .. بالنسبة إلى الديانات السابقة عليه .. كما جاء هذا في حديث الرسول (ص) [7] ..
[ .. عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ فَهْمُ الْعَقْلِ وَنُورُ الْحِكْمَةِ وَيَنَابِيعُ الْعِلْمِ وَأَحْدَثُ الْكُتُبِ بِالرَّحْمَنِ عَهْدًا .. ]
وكما جاء في قوله تعالى ..
[وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ .. (48)] (القرآن المجيد: المائدة)
[التفسير: مصدقا لما بين يديه: بما قبله / من الكتاب ومهيمن: شاهدا (عليه) والكتاب بمعنى كتب الله السابقة على القرآن مثل: صحائف إبراهيم .. وتوراة موسى .. ومزامير داود .. وإنجيل عيسى]
أي أن القرآن المجيد هو آخر الكتب أو الرسالات الصادرة عن المولى (عز وجل) للبشرية جمعاء لا تخصيصية فيه لجنس أو قوم أو لون .. بل هو كتاب صادر لكل البشر .. كما توضح هذا آياته الكريمة بنصوص لا لبس فيها ولا غموض.
¥