تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والقراءة التي لا أستجيز غيرها في هذا الموضع "لا" مفصولة، أقسم مبتدأة على ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء عليه.

وقد اختلف الذين قرءوا ذلك على الوجه الذي اخترنا قراءته في تأويله، فقال بعضهم "لا" صلة، وإنما معنى الكلام: أقسم بيوم القيامة.

وقال في موضع ثالث: سمعت أبا هشام الرفاعي يقول: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: قوله: (لا أُقْسِمُ) توكيد للقسم كقوله: لا والله. وقال بعض نحويِّي الكوفة: لا ردّ لكلام قد مضى من كلام المشركين الذين كانوا ينكرون الجنة والنار، ثم ابتدئ القسم، فقيل: أقسم بيوم القيامة، وكان يقول: كلّ يمين قبلها ردّ لكلام، فلا بدّ من تقديم "لا" قبلها، ليفرق بذلك بين اليمين التي تكون جحدًا، واليمين التي تستأنف، ويقول: ألا ترى أنك تقول مبتدئا: والله إن الرسول لحقّ; وإذا قلت: لا والله إن الرسول لحقّ، فكأنك أكذبت قوما أنكروه.

وقال القرطبي في الجامع: وحكى أبو الليث السمرقندي: أجمع المفسرون أن معنى " لا أقسم ": أقسم.

وقال أيضا: قال الفراء: وكثير من النحويين يقولون " لا " صلة، ولا يجوز أن يبدأ بجحد ثم يجعل صلة، لان هذا لو كان كذلك لم يعرف خبر فيه جحد من خبر لا جحد فيه، ولكن القرآن جاء بالرد على الذين أنكروا البعث والجنة والنار، فجاء الاقسام بالرد عليهم [في كثير من الكلام المبتدأ منه وغير المبتدإ] (1) وذلك كقولهم لا والله لا أفعل ف " - لا " رد لكلام قد مضى، وذلك كقولك: لا والله إن القيامة لحق، كأنك أكذبت قوما أنكروه.

وأنشد غير الفراء لامرئ القيس: فلا وأبيك ابنة العامري * لا يدعي القوم أني أفر وقال غوية بن سلمى: ألا نادت أمامة باحتمال * لتحزنني فلا بك ما أبالي وفائدتها توكيد القسم في الرد.

وقال الآلوسي في روح المعاني: {فَلاَ وَرَبّكَ} أي فوربك و (لا) مزيدة لتأكيد معنى القسم لا لتأكيد النفي في جوابه أعني قوله تعالى: {لاَ يُؤْمِنُونَ} لأنها تزاد في الإثبات أيضاً كقوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بمواقع النجوم} [الواقعة: 75] وهذا ما اختاره الزمخشري ومتابعوه في (لا) التي تذكر قبل القسم، وقيل: إنها رد لمقدر أي لا يكون الأمر كما زعمتم واختاره الطبرسي، وقيل: مزيدة لتأكيد النفي في الجواب ولتأكيد القسم إن لم يكن نفي، وقال ابن المنير: الظاهر عندي أنها ههنا لتوطئة النفي المقسم عليه، والزمخشري لم يذكر مانعاً من ذلك سوى مجيئها لغير هذا المعنى في الإثبات وهو لا يأبى مجيئها في النفي على الوجه الآخر من التوطئة على أنها لم ترد في القرآن إلا مع صريح فعل القسم ومع القسم بغير الله تعالى مثل {لاَ أُقْسِمُ بهذا البلد} [البلد: 1] {لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة} [القيامة: 1] {فَلاَ أُقْسِمُ بالشفق} [الانشقاق: 16] قصداً إلى تأكيد القسم وتعظيم المقسم به إذ لا يقسم بالشيء إلا إعظاماً له فكأنه بدخولها يقول إن إعظامي لهذه الأشياء بالقسم بها كلا إعظام يعني أنها تستوجب من التعظيم فوق ذلك، وهو لا يحسن في القسم بالله تعالى إذ لا توهم ليزاح، ولم تسمع زيادتها مع القسم بالله إلا إذا كان الجواب منفياً فدل ذلك على أنها معه زائدة موطئة للنفي الواقع في الجواب، ولا تكاد تجدها في غير الكتاب العزيز داخلة على قسم مثبت وإنما كثر دخولها على القسم وجوابه نفي كقوله:

(فلا وأبيك) ابنة العامري ... (لا يدعي) القوم أني أفر

وقوله:

ألا نادت أمامة (بارتحال ... لتحزنني (فلا بك) ما أبالي

وقوله:

رأى برقا فأوضع فوق بكر ... (فلا بك ما أسال ولا أغاما)

إلى ما لا يحصى كثرة، ومن هذا يعلم الفرق بين المقامين؛ والجواب عن قولهم: إنه لا فرق بينهما فتأمل ذلك فهو حقيق بالتأمل)).

وغير ذلك كثير في كلام العلماء وإنما نقلت بعضا منها للدلالة على أنهم قد ذهبوا مذاهب شتى ولكل حجة ومن شاء المزيد فلينظر في مظان التفسير واللغة والعلم عند الله عزوجل.

ـ[أبو طارق]ــــــــ[06 - 07 - 2009, 01:55 م]ـ

قد فرق العلماء بين الحلف والقسم وإليك بعض المظان:

1 - الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري.

2 - الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن الكريم للدكتور محمد الشايع.مكتبة العبيكان. الطبعة الأولى1414وهو رسالة ماجستير.

3 - معجم الفروق الدلالية في القرآن الكريم للدكتور محمد محمد داود.دار غريب 2008وقد فرق بين الإيلاء والائتلاء والقسم والحلف واليمين وذلك بحسب السياق القرآني.

كذلك: الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق للدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) دار المعارف.الطبعة الثانية

وكيف يصنع من لا يملك هذه المراجع؟

ألا عرضتم فأفدتم جزاكم الله خيرًا

ـ[ابوعلي الفارسي]ــــــــ[06 - 07 - 2009, 03:00 م]ـ

أحسنت فيما أشرت علي به،لكنني أفعل هذا حتى أشجع على البحث والاطلاع،فإن لهما لذة تكبرعن الوصف وإنما مثلي كمثل من يدلك على الطريق ثم يدعك تحمل نفسك على بلوغ مأربك،أليس في هذا ما يكون لك فيه أنس؟ ثم إنه قد تكون المادة طويلة جدا والاختصار يجعلها غير ناقعة لغليل السائل فأرى أن أدله على المصدر خيرا لي من أن أنقل الجواب مختصرا. والله أعلم بصواب القول

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير