تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمد سعد]ــــــــ[05 - 05 - 2008, 03:37 م]ـ

المُعَرَّب في القُرْآن الكريم:

كان الجَدَلُ حول وُقُوع الَّلفْظ الأَعْجَمِيّ في القُرْآن الكريم، هو نقطة البداية لقضية التَّعْريِب عند القُدَمَاء، ولم يُحَسم هذا الخِلاف بين علماء العَرَبِيَّة حول هذه القَضِيَّة. ولهذا اختلف العُلَمَاء قديماً وحديثاً بين مُؤَيّدٍ لعربيتها ومُؤَيّدٍ لأعجميتها وثالث يُوَفِّقُ بين الرأيين.

الاتجاه الأوَّل:

ذَهَبَ أصحاب هذا الاتجاه إلى وُقُوع المُعَرَّب في القُرْآن الكريم, وقد أثار هذا المَوْضُوع بشكل أولي كلٌّ من: عبد الله بن عباس (ت 68هـ) وعبد الله بن مسعود وسعيد بن جُبير (ت 95هـ)، ومُجاهد (ت 103هـ)، ووهب بن منبه (ت 114هـ) وابن جني في الخصائص، والسيوطي في مؤلفاته: "المُهَذَّب فيما وقع في القُرْآن من المُعَرَّب" و"الإتقان في علوم القُرْآن" و" المُزْهِر في علوم اللغة العَرَبِيَّة" و"المُتَوكِّلي" وغيرها ().

وقد استند هذا الفريق إلى أمور منها وُقُوع الأعلام الأعجَميَّة في القُرْآن الكريم، وهو وُقُوع متفق عليه، ولهذا فلا مانع من وُقُوع غيرها من الأجناس، والقُرْآن خِطَاب إِلهِيِّ مُوَجَّه إلى الأُمَم، فلا عَجَبَ إذا احتوى ألفاظاً من لُغَات الأُمَم الأُخْرَى أَلِفَهَا العَرَبُ وأخْضَعوها لنظام العَرَبِيَّة؛ لذا سميت مُعَرَّبَة بعد أنْ كانت أَعْجَميَّة، فقد قِيْست على كلام العَرَب " ومَا قِيْسَ على كلامهم فهو منه" ().

ويؤيد هذا الرأي الجَواليقيّ في المُعَرَّب () وابن عطية الأندلسي (546هـ) () ويرى الجَواليقيّ في مُقَدِّمَة كتابه () أنَّ ابن عباس ومجاهد وعكرمة (ت 115هـ) وغيرهم أعلم بالتأويل من أبي عبيدة (ت 210هـ) الذي يقول:" نَزَلَ القُرْآنُ بلسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِيْن، فمَنْ زَعَمَ أنَّ فيه غير العَرَبِيَّة، فقد أَعْظَم القَوْل، ومَنْ زَعَمَ أنَّ طَه بالنَّبَطيَّة فقد أَكْبَرَ القَوْل " ().

وفي العَصْر الحديث تَناوَل هذا المَوْضُوع الدكتور عبد الصبور شاهين في كتابه: "القراءات القُرْآنية في ضَوْءِ علم اللغة الحديث" تَحْت عنوان "مُشْكلة الأَصْل الأَعْجَمِيّ" فقد أوْرَدَ الأَلْفَاظ الأعجَميَّة في صُورة مجموعات مُنْفَصِلة ساميَّة وهنديَّة أوروبيَّة حاميَّة طُورانيَّة ().

وردَّ د. رمضان عبد التَّواب على وُجْهَة نَظَر الشيخ أحمد محمد شاكر، الذي لا يَعْتَرفُ بوقوع المُعَرَّب في القُرْآن "ويَطُولُ بنا القَوْل لو ذَهْبنَا نُعدِّدُ الأمْثِلَة التي تَدُلُّ على تَعَصُّب الشيخ شاكر ضد القَوْل بوقوع المُعَرَّب في القُرْآن، وهو تَعَصُّبٌ لا مُبَرر له، إذ الكَلِمَة المُعَرَّبة عَرَبِيَّة باستعمال العَرَب إيِّاها على مَناهِجِهم في لُغَتهم " ()

الاتجاه الثَّانِي:

وهم الذين رفضوا وُقُوع المُعَرَّب في القُرْآن, وقالوا بعَدَم وقُوعه ومن أقْطاب هذا الرأي أبو عبيدة مَعمَر بن المثنى (ت 210هـ) الذي ألف كتابه "مَجاز القُرْآن"، الذي عَبَّر فيه عن مَوْقِفه من قَضِيَّة المُعَرَّب، فنَفَى وجود المُعَرَّب في القُرْآن نَفْيَاً قاطعَاً، وفَسَّر وجود هذه الأَلْفَاظ التي يُعْتَقَدُ أنَّها أَعْجَميَّة أنَّه من قبيل تَوافُق اللغات "وقد يُوافِقُ الَّلفْظُ الَّلفْظَ ويقاربُه، ومعناهما واحد وأحَدَهُما بالعربيَّة، والآخر بالفَارِسيّة أو غيرها فمن ذلك الإِسْتَبْرَق بالعربيَّة وهو الغَليظُ من الدِّيْبَاج والفِرِنْد وهو بالفَارِسيّة إسْتَبْرَه ().

وابن جرير الطَّبَريّ (ت310 هـ) في مُقَدِّمَة تفسيره مُستَنداً إلى ظاهِرِ قوله تعالى: إنَّا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" (يوسف:2) يقول: " غيرُ جَائز أنْ يَتَوهَّمَ على ذي فِطْرة صَحيحَةٍ، مُقِرٌ بكتاب الله، مِمَّن قد قرأ القُرْآن وعَرَفَ حُدود الله، أنْ يَعْتَقدَ أنَّ بَعْض القُرْآن فارسيٌّ لا عَرَبِيٌ، وبَعْضه نَبَطيُّ لا عَرَبِيٌ " ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير