وكذلك المرأة، إذا تمايلت في مِشيتها من غير أن يماشيَها أحدٌ قيل: تَهادى"
وقال ابن منظور:"صلى الله عليه وسلم، خرج في مرضه الذي مات فيه يُهادى بين رَجُلَيْن؛ أَبو عبيد: معناه أَنه كان يمشي بينهما يعتمد عليهما من ضَعْفِه وتَمايُلِه، وكذلك كلُّ مَن فعل بأَحد فهو يُهاديه "
ويلحظ المنعم النظر كذلك أن كلمة (خطوه) في هذا البيت لغو، لم تفد القارئ شيئا، بله الشك في وقوعها منصوبة بهذا الفعل، حيث إنني لم أقف عليه متعديا للمفعول بنفسه، وربما التمسنا لشاعر وجها، ألا وهو النصب على نزع الخافض، ولكن يبقى اللغو ثابتا.
أخي الحبيب (جلمود): هل تقبل الدّعابة!
لو تعومل مع الشعراء ـ ولستُ منهم ـ بمثل منهجك (الجلمودي) لما بقي لشاعر شعر!
أنت شديد الصلادة والصلابة في التعامل مع اللغة (كاسم معرفك:)
لغة الشعر ليست كلغة المعاجم، وتصريفات اللغة واشتقاقاتها لا تعدُّ ولا تحصى
لو نظرت في (هدا) أو (هدى) واشتقاقاتها لوجدت عجبا. لا جرم، لن تجدها بمثل الانفصال الحاد الذي فصلت به بين (تَهادَى) و (يُهادِي) ـ مثلا ـ أو في تحقيق معنى التهادي ـ مثلا ـ والتزامك الحقائق اللغوية، وإغفالك قضية المجاز الذي هو شطر اللغة.
اللغة تتقارَضُ ألفاظَها كما تتقارضُ معانيَها (هذه من كيس أخيك أبي يحيى)
ليس من يتعامل مع اللغة من الخارج كمن يتعامل معها من الداخل
هذا مع تقديري واحترامي لرأيك. وقبل ذلك غيرتي الشديدة ـ أو أحسبها كذلك ـ على اللغة وفصاحتها، كغيرتك أخي أو أشد. ولذلك فلن أستجيز لنفسي ما أراه مخالفاً لشروط الفصاحة. وإذا أوقفتُ على ذلك حقيقة فلن يسعني إلا الإقرار والاعتراف بالخطأ. أما إن كان في الأمرمندوحة وسعة فلا بأس. والله أعلم
أعلم أنك ستخالفني الرأي أخي الحبيب كما أخالفك!
وأعلم أن الخلاف في مثل هذا بين النقاد (اللغويين) وبين الشعراء عتيق عريق.
وقد حاولتُ أن أبسط لك شيئا منه.
وقبل ذلك وبعده يبقى الود والاحترام والتقدير. وقد قيل: الاختلاف لا يفسد للود قضية. وإنما عارضتك بالرد ههنا لخطورة القضية، وعدم فهمها على وجهها. وليس دفاعا عن نفسي ـ يعلم الله ـ
ما رَنَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى فَوَّقَتْ ... إنَّهُ يَنْزِعُ مِنْهَا بِأَمَمْ
لَيْسَ مَنْ تَعْشَقُهُ تَلْحَقُهُ ... إنَّما الْوَصْلُ نَصِيْبٌ وقِسَمْ
أظن أن هاتين الكلمتين تحتاجان إلى رجوع للمعجم؛ إما من القارئ وإما من الشاعر!
إذا تُترك للقارئ!
لَيْسَ مِثْلَ الْبَدْرِ فَهْوَ الْبَدْرُ تمّ
قِيْلَ لِي مَا كُلُّ قَتْلٍ قَوَدٌ
أيْنَ قَلْبِيْ إنَّنِيْ أفْقِدُهُ
أرى في مثل هذه الأشطر نثرية تنأى عنها لغة الشعر والتصوير، فالشاعر لا يرى الأشياء كما نراها في نثرنا السردي، وإنما يضفي عليها من جمال الصياغة ودقة التصوير والخيال ـ ما تصبح به شعرا.
لا بد من النثرية عند أشعر الشعراء؛ فما بالك بالمتشاعر. والله لو سلم له بيت واحد من النثرية لكان كفاء وفاءا!
وتقبل فائق تحياتي وتقديري
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[20 - 05 - 2009, 01:11 م]ـ
ظرف وابتكار
(ظرف): هذه ممكنة، مع أني لست بظريف ( ops
( ابتكار): أما هذه فدونها خرط القتاد! إي والله
شرفتني يا أبا وسن
ـ[فارس]ــــــــ[20 - 05 - 2009, 08:29 م]ـ
مَنْ لِعَاطِي الجِيْدِ لَدْنِ الْمُهْتَضَمْ = ضاحِكِ اللَّبَّاتِ حُلْوِ الْمُلْتَزَمْ
العرب تقول: سيف ضاحك، و برق ضاحك، و ماء ضاحك، كله بمعنى،
و شاعرنا نهج نهج العرب فجعل اللبات ضاحكة و هذا دليل نباهته اللغوية.
و حدس أبي يحيى لم يخبْ، فضحك اللبات تركيب مطروق،
قال أبو تمام:
من كلِّ ضاحكةِ الترائبِ أُرهِفتْ ** إرهافَ خوطِ البانةِ الميّاسِ
مَرَّ بالْوادِيْ يُهَادِيْ خَطْوَهُ = يرتدي اللَّيلَ وإنَّ الْحُسْنَ نَمّ
لن أقول "بيت بقصيدة" كمن قال، فالمعنى مشهور،
طرقه المتنبي في مطلع قصيدته:
أمِنَ ازدياركِ في الدجى الرقباءُ ** إذ حيث أنتِ منَ الظلامِ ضياءُ
قلقُ المليحةِ وهْيَ مِسكٌ هتكُها ** ومسيرُها في الليل وَهْيَ ذُكاءُ
و قبله علي بن جَبَلة:
طارقٌ نَمَّ عليهِ نورُهُ ** كيف يُخفي الليلُ بَدرًا طلعَا
و ليس في هذا انتقاص لبيت شاعرنا،
فهو حسنٌ معنىً و مبنىً،
و حسب الشاعر اليوم أن يذهب مذهب الفحول في معانيهم،
إلا أنه شغف القارئ الشديد، لكل جديد، من شاعر مجيد.
قِيْلَ لِي مَا كُلُّ قَتْلٍ قَوَدٌ = لا ولا كُلُّ دَمٍ يَقْضِيْ بِدَمْ
قد قالها لك أبناءُ الحلال:)
فكفوك عناء التفكر و التسآل،
كحال جرير إذ قال:
هل في الغواني لمنْ قتّلنَ من قَوَدٍ؟ ** أو منْ دِياتٍ لقتلِ الأعيُنِ الحُورِ؟
(ابتكار): أما هذه فدونها خرط القتاد! إي والله
إن عدمنا الابتكار، فلم نعدم حسن تقسيمٍ في قولك:
مَنْ لِعَاطِي الجِيْدِ لَدْنِ الْمُهْتَضَمْ = ضاحِكِ اللَّبَّاتِ حُلْوِ الْمُلْتَزَمْ
و حلاوة نغمٍ في قولك:
لَيْسَ مِثْلَ الْبَدْرِ فَهْوَ الْبَدْرُ تمّ = وإذا الشَّمْسُ اسْتَقَلَّتْ فَهْوَ ثمّ
و لم نعدم بيانا فصيحا، من تفويق سهام العيون، إلى النزْع في أقواسها، بأمم و يسر:
ما رَنَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى فَوَّقَتْ = إنَّهُ يَنْزِعُ مِنْهَا بِأَمَمْ
و لم نعدم تصويرا ظريفا في قولك:
كُلَّمَا أرْخَتْ تَقَصَّاهَا بِكُمّ
و التقاطا حصيفا في قولك:
إنَّ لِيْ حَقَّاً عَلَيْهِ بِدَمِيْ = إنَّهُ يَقْطُرُ مِنْ ذَاكَ الْعَنَمْ
فلله درك شاعرنا المفلق.
¥