تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[كرم مبارك]ــــــــ[14 - 06 - 2009, 11:04 م]ـ

كانت اللحظات شبه السعيدة الوحيدة هي عندما تهاتفني زوجتي أو أهاتفها ولا نتطرق فيها إلى هذه القضية ..

كان الاتفاق بيننا ألا نتطرق إلى هذا الموضوع بتاتاً، لأنها حتماً ستنتهي إلى البكاء وعدم إكمال الحديث

فكم كانت - أم أحمد - هكذا كنت أناديها منذ بداية زواجنا ولم أكن أدري أن أحمد لن يأتي - تحمل لي الأمل دائماً في مكالماتها

تارة تقول لي: لقد زار بلدنا طبيب عالمي وبشرني أن الحمل قريب

وتارة تقول: لقد رأت فلانة رؤيا وفسرها فلان على إننا سنرزق بمولود!

وتارة تقول: لقد قرأت في مجلة متخصصة أنهم وجدوا علاجاً للعقم وتأخر الإنجاب

كم كنت أتعذب وأنا أسمعها وهي تخفف عني وتريد إدخال السرور إلى نفسي في حين إني أعلم يقيناً إنها داخلياً منهارة أكثر مني وبمجرد أن تغلق الهاتف دوني ستنفجر في البكاء

كم أنت عظيمة يا أم أحمد،تخففين عني في حين أنا من يجب أن يخفف عنك!

وتحملين همي وهمك معاً

لذا اتفقنا ألا نتطرق إلى هذا الحديث مطلقاً

ولكن هيهات فكل آمالنا وآلامنا تجمعت عند هذه النقطة

حتى صمتنا للحظات يوحي إنه صمت النداء، نداء الفطرة، فطرة حب الولد والذرية

ولكننا كنا كأننا نهرب من الجحيم إلى الجحيم

لم نترك طبيباً، ولا حكيماً، ولا راقياً، ولا وسيلة تمكننا من الذرية إلا وطرقناها

ذهبت إلى العمرة ثم إلى الحج وهناك بكيت بكاءً مراً

كل كان يدعو غفران الذنوب إلا أنا كان دعائي مختلفاً

لو كانت أصوات النفوس تُسْمَع لبكي لدعائي كل الذاكرين و الطائفين

ولو كانت دعوات القلوب تفوح لغمرت رائحة حزني جميع الساجدين والراكعين ...

وهنا انتبهت وأنا على سريري فقد أخذتني الأحزان بعيداً

انتبهت وأنا أكثر عزيمة على ألا أترك لليأس سبيلاً عليّ يتحكم بي كيفما شاء

لك وحدك إلهي ألجأ، نعم لك وحدك يا إلهي يجب أن أتجه بعد أن استنفدت جميع السبل

أنت الرجاء وإليك الملتجأ

قمت وتوضأت حاملاً في نفسي قوة عجيبة من الأمل وقلبي ينبض بشدة وكأني أسمع تلك النبضات تقول " لك وحدك إلهي "

لك وحدك إلهي، ذاك كان دعائي يوم طفت بالبيت

كان تسليماً تاماً و قد فوضت أمري إلى ربي بعد أن أخذت بجميع الأسباب

سجدت وأطلت في السجود ...

لك وحدك يا من تعلم سرى و علانيتي يا من تعلم كربي و همي

لك وحدك دعائي لك وحدك توسلاتي لك وحدك مناجاتي

إلهي و خالقي وخالق كل الكون لك الحمد و المجد و الكبرياء

إلهي يا من أرجوك في السر والعلن و يا من أجاب نوحًا في قومه، و نصر إبراهيم على أعدائه، و رد يوسف إلى يعقوب، وكشف ضرَّ أيوب، يا من أجاب دعوةَ زكريا، و قبل تسبيحَ يونس لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين ..

اللهم من اعتز بك فلن يذل، ومن اهتدى بك فلن يضل، ومن استكثر بك فلن يقل، ومن استقوى بك فلن يضعف، ومن استغنى بك فلن يفتقر، ومن استنصر بك فلن يخذل، ومن استعان بك فلن يغلب، ومن توكل عليك فلن يخيب، ومن جعلك ملاذه فلن يضيع، ومن اعتصم بك فقد هدى إلى صراط مستقيم

اللهم أسألك ذرية صالحة وولداً تقر به عيني، اللهم لقد طال انتظاري له فما أجمل عطاؤك، وإني لعطائك منتظر، فهل من عطاء يفرح عبدك الضعيف ويدخل السرور في قلبه والحبور في نفسه .............

دعوت ليلتها بدعاء لم أدع مثلها قط

وبين الدعاء والركوع والسجود والدموع نمت وأنا على سجادتي وبحالتي تلك

ولم أستيقظ إلا على جرس الباب

فتحت عيني يا إلهي الصباح قد انبلج والشمس في كبد السماء ويبدو إنني تأخرت عن حافلة المدرسة وأحد الزملاء جاء ليوقظني

فتحت الباب ويا لها من مفاجأة!! لم تكن في الحسبان

إنها أم أحمد زوجتي تحمل طفلاً جميلاً يبتسم

ذهلت من هول المفاجأة وانخرس لساني للحظات وأنا غير مصدق ما أرى

ما هذه المفاجأة يا أم أحمد؟!! كيف وصلت إلى هنا ومن هذا الطفل؟!!

قلتها بكل دهشة وأنا أنظر للطفل الجميل

- إنه أحمد يا محمود لقد أصبحت أباً أخيراً، خذه يا محمود احضنه وقبله ......

يتبع ......

ـ[كرم مبارك]ــــــــ[14 - 06 - 2009, 11:05 م]ـ

مددت يدي لآخذه إلى حضني فإذا صوت جرس الهاتف يرتفع عالياً

وتختفي أم أحمد مع الطفل!

آه لقد كنت أحلم وأنا نائم على سجادتي ويا له من حلم جميل

لقد قطع علي الجرس هذا الحلم الجميل وهذه الرؤيا السعيدة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير