دعاني كل ذلك إلى تطبيق هذا المقياس على قولي: "فدعها تَنَازَعْها". وبعد تقصٍّ ونظر؛ بدا لي أن الصحيح فيها رفع (تنازَعُها) بالرفع، وأنّ الجزم إنما هو هنا من باب الضرورة الشعرية، نحوا من قول طرفة:
فدعني أبادرْها بما ملكت يدي
الأصل: أبادرُها
فلا ضرورة للعودة إلى مقياس الشرط السابق بقولنا: إن لا تدعني لا أبادرها
وقد بدا لي أن أنظر في هذه الضرورة الشعرية كثرة وقلة، فوجدتها موجودة عند الشعراء بنسبة لا بأس بها، من مثل قول ابن أبي عيينة:
فدَعنيَ أخلَعْ ثيابَ الصبى ... بجِدَّتِها قبل أن تخلَقا
وقول البحتري:
مَضَت في سَوادِ الرَأسِ أولى بَطالَتي ... فَدَعني يُصاحِبْ وَخطَ شَيبي أَخيرُها
وقول الفرزدق:
فَدَعني أَكُنْ ما دُمتُ حَيّاً حَمامَةً ... مِنَ القاطِناتِ البَيتِ غَيرِ الرَوائِمِ
وقول ابن طباطبا:
فَيا لائِمي دَعني أُغالي بِقيمَتي ... فَقيمة كُل الناس مِما يحسِنونه
ومثل ذلك كثير
والحاصل: أنْ ليس كلُّ ما تراه في الشعر في موقع جواب الطلب مجزوما؛ هو بالضرورة واقع في موضع الشرط، منطبق عليه مقياسه المذكور: "إن لا ... لا"؛ لأن من ذلك ما يكون في أصله مرفوعا للاستئناف أو غيره، وإنما يصرف عن أصله للضرورة الشعرية، كما في بيت طرفة:
فَإِن كُنتَ لا تَسطيعُ دَفعَ مَنيَّتي ... فَدَعني أُبادِرها بِما مَلَكَت يَدي
فإن كان لا يستطيع دفع منية الشاعر؛ فما شأنه بعد ذلك يدعه أولا يدعه، وهل يستقيم بعد ذلك قولنا بحسب المقياس الشرطي آنف الذكر: إن لا تدعني لا أبادرها!
وهل يستقيم مع قول البحتري:
مَضَت في سَوادِ الرَأسِ أولى بَطالَتي ... فَدَعني يُصاحِبْ وَخطَ شَيبي أَخيرُها
أن يقال: إن لا تدعني لا يأتني الشيب؛ كأنه إذا ودعه ولو بالموت ـ وهو الوداع الأبدي ـ لن يزور الشيب لمته!
وعلى ذلك فقِسْ، مع ملاحظة أن الشاعر قد يخطئ في ذلك، ولو من جهة المعنى، ومنهم أخوك المسكين هذا. فلا تتساهلنّ بعد ذلك مع أحد بمثل قولك:
هذا ليس نقدا أو إشارة لخطأ فقد سبقك الشعراء والفصحاء إلى ذلك أخي أبا يحي
لكنه سؤال يحتاج لإجابة إزالة للالتباس الذي يخيم على عقلي
وفقك الله أخي ونفع بك
وتقبل خالص التحية والتقدير
أخوك المحب/ أبو يحيى
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 01:07 ص]ـ
إذا هامَةٌ هامَتْ بِداعِيَةِ الهَوى ... فأحْرَى بأنْ تَهْوِيْ على أُمِّ راسِها
إذا قامَةٌ قامَتْ على البَغْيِ والخَنَا ... تَدَاعَتْ لها أركانُها مِنْ أساسِها
هذا قبس من سحر البديع يا أبا يحيى لا فض فوك
حياك الله أخي الأحب/ أبا سهيل
أفلا ترى ثمة ركونا إلى الصنعة شبه المتكلفة؛ فإن أخاك بعد أن انتهى من القصيدة وبدأ بتشذيب أطرافها كان منه ما كان من الزخرفة والتزيين؛ ولم يكتف بما أتاه عفو الخاطر؛ حتى قلب مثل قوله:
إذا أمة قامت ...
إلى:
إذا قامة قامت ...
وألحق بذلك:
إذا هامة هامت
وأصدقك القول: إن هذه المرة هي من المرات القلائل التي أصنع فيها مثلما صنعت؛ فهل تنصحني أخي أبا سهيل بتكرار المرات؛ أم أتركه لعفوه، واكتفي بصفوه؟
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 07:59 ص]ـ
ما ألذ حواركم
ـ[جلمود]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 03:53 ص]ـ
السلام عليكم،
مرحبا بشاعرنا المبدع أبي يحيى،
ما يشدني إلى شعرك معجمك اللغوي القوي والواسع،
بل وحسن توظيفه في غير تكلف،
لي عودة ــ بإذن الله تعالى ــ للوقوف على حرفك.
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 06:21 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله!
نص إبداعي فاق مقايس الجمال!
لا لغة تتحدث هنا سوى لغة الصمت!
ـ[قلم الخاطر]ــــــــ[24 - 07 - 2009, 06:45 م]ـ
ما ألذ حواركم
ما يشدني إلى شعرك معجمك اللغوي القوي والواسع،
بل وحسن توظيفه في غير تكلف،
ما شاء الله تبارك الله!
نص إبداعي فاق مقايس الجمال!
لا لغة تتحدث هنا سوى لغة الصمت!
نال معرفي شرف الظهور بنافذتك
ليهنك الشعر أبا يحيى، وهنيئاً للشعر بك
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 05:57 م]ـ
ما ألذ حواركم
وما ألطف مروركم!
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 06:01 م]ـ
السلام عليكم،
مرحبا بشاعرنا المبدع أبي يحيى،
ما يشدني إلى شعرك معجمك اللغوي القوي والواسع،
بل وحسن توظيفه في غير تكلف،
لي عودة ــ بإذن الله تعالى ــ للوقوف على حرفك.
شهادة أعتز بها من الناقد الجهبذ (جلمود)
إجازة هانئة معمورة بطاعة الله
وعودا حميدا بإذن الله
وتقبل فائق تقديري
أخوك/ أبو يحيى
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 06:04 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله!
نص إبداعي فاق مقايس الجمال!
لا لغة تتحدث هنا سوى لغة الصمت!
حيى الله أستاذتنا الكريمة: صاحبة القلم
وشكر الله لك هذا المرور الكريم والثناء المغدق
وما أنا إلا من متلمسي الطريق!
بورك فيك أختي
وجزاك الله خيرا
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[28 - 07 - 2009, 06:07 م]ـ
نال معرفي شرف الظهور بنافذتك
ليهنك الشعر أبا يحيى، وهنيئاً للشعر بك
بل الشرف لي أستاذي
وقد عودتني على كريم مرورك، وأسبغت على قصيدي من فيض تقديرك
فليهنأ معرفي بك وبظلال تهانيك الوارفة!
وتقبل فائق تقديري
¥