نظرية: طُلابُك كما تتوقع لهم: يكونون ..
ـ[معلم لغة عربية]ــــــــ[22 - 09 - 2005, 10:56 م]ـ
موضوع منقول بتصرف من مجلة المعرفة.
إيمان عبدالرحمن الكرود - الدمام
مقدمة:
في حياة كثير منا قصة تبدأ بمعلم آمن بنا ووثق بقدراتنا ورسم لنا موقعنا في المستقبل ومضت السنون وإذا نحن تمامًا كما رآنا. لا أتكلم عن قارئة فنجان ولا عن غجرية تضرب الودع وتقرأ الكف. إنما أتكلم عن جنود مجهولين رأوا فينا ما لم يره الآخرون فطفقوا يشجعوننا ويدفعوننا إلى الأمام ومازالت كلماتهم تبث الثقة فينا وتكبر معنا حتى أوصلتنا حيث أرادونا بإذن الله.
شاهدت مؤخرًا على شاشة التلفاز مقابلة مع طالبتين من اللواتي أحرزن المراكز الأولى في الاختبارات النهائية على مستوى الدولة وعندما سئلتا عن سبب هذا التفوق ذكرت كل واحدة منهما شخصية كان لها أكبر الأثر بعد الله فيما حققتاه من نجاح فتكلمت إحداهما عن مديرة مدرستها التي ما انفكت تشجعها وتبث فيها روح الأمل وتؤكد لها في كل مناسبة أنها ستتبوأ أحد المراكز الأولى، أما الأخرى فقد تحدثت عن معلمة درستها عندما كانت في المرحلة الابتدائية ومن ذلك الوقت لم تقطع هذه المعلمة علاقتها بطالبتها وكأنها خشيت وقد رأت في تلميذتها الصغيرة أمارات النبوغ أن تضل هذه الصغيرة طريقها في الحياة وتضيع معها حلمها فيما يضيع من أشياء فما فتئت تتعهدها بالتشجيع والرعاية حتى بلغت بها أعلى المراكز. وهكذا وصلت كل من المديرة والمعلمة بتلميذتيهما إلى نقطة الضوء ثم آثرتا بعد ذلك أن يتواريا وراء الكواليس مكتفيتين بما حصدته تلميذتاهما من نجاح. هاتان القصتان ما هما إلا مثالان على الدور الكبير الذي يؤديه المعلمون في حياة طلابهم ولو أتيح لي أن أبحث في قصص الناجحين والناجحات ما أشك أني سأجد شخصيات مثل تلك المديرة وتلك المعلمة تؤدي دورها بصمت وراء الكواليس. ولكن ما حقيقة هذا الدور وما أهميته، تساؤلات أجاب عنها الباحثان Robert Rosenthal و Lenore Jacobson في كتابهما Pygmalion in the Classroom
أنا كما تعاملني ..
النظرية الجديدة:
وقدّم الباحثان Robert Rosenthal و Lenore Jacobson عنوان نظريتهما الشهيرة نظرية بجماليون ومن ثم أصبحت عنوانًا لكتابهما الذي أحدث ضجة كبيرة في الأوساط التعليمية عندما ظهر في عام 1969م وهو Pygmalion in the Classroom والذي يتلخص في أن توقع معلم ما له أثر كبير على إنجاز الطالب، أي عندما يعتقد معلم بأن طالبًا ما يمتلك قدرات متميزة وسوف يكون له مستقبل فإن هذا الطالب بلاشك سوف ينجز ويحقق أعلى الدرجات وعلى العكس من ذلك عندما يتوقع معلم من طالب القليل فإن هذا الطالب لن ينجز أكثر مما يتوقعه المعلم وسوف يحقق لا إراديًا نبوءة المعلم فيه.
تجربة تدلل على صدق هذه النظرية:
وللتدليل على ذلك فقد ذهب الباحثان إلى أحد المدارس الابتدائية وقاما بإجراء اختبار للقدرات لجميع طلاب المدرسة ثم اختارا عشوائيًا عشرين طالبًا وأوهما المعلمين بأنهما بعد أن أجريا امتحان القدرات اكتشفا أن هؤلاء العشرين طالبًا يمتلكون قدرات ذهنية كبيرة وسوف يحققون في المستقبل إنجازًا أكاديميًا ملحوظًا والطريف في الأمر أن هؤلاء الطلاب الذين اختيروا عشوائيًا والذين لم يكونوا ليتميزوا عن أقرانهم التلاميذ قد حققوا بالفعل أعلى العلامات في اختبارات نهاية العام!
هذه الدراسة الشهيرة باسم Oak School Experience أكدت للباحثين صحة نظريتهما إذ إن المعلمين وقد تغيرت نظرتهم لهؤلاء التلاميذ تغيرت معاملتهم لهم وأوحوا لهم من حيث لا يشعرون بأهميتهم فانعكس ذلك على نظرة التلاميذ لأنفسهم فتعززت ثقتهم وثار حماسهم فإذا هم يحرزون أعلى الدرجات.
ملخص النظرية:
وهكذا خلص الباحثان إلى الدور الكبير الذي تؤديه توقعات المعلمين في حياة تلاميذهم تلك التوقعات التي قد تبلغ مرتبة النبوءات إذ عندما يعتقد معلم ما أن طالبًا ما يمتلك قدرات متميزة فإن ذلك ينعكس على معاملته لذلك الطالب من تشجيع وتعزيز واحترام مما يدفع بالطالب وقد زادت ثقته بنفسه إلى أن يبذل مزيدًا من الجهد ليكون عند حسن ظن المعلم الذي احتواه وآمن به من بين جميع الطلاب ومن ثم يقبل الطالب على المادة بحب ويحرز فيها أعلى الدرجات، وعلى العكس من ذلك فعندما لا يتوقع المعلم من الطالب إلا القليل بل أحيانًا أقل القليل فإن هذا الطالب وقد رأى تجاهل المعلم له و قرأ في عينيه ما وقر في نفسه تزعزعت ثقته في قدراته وانهارت معنوياته فانصرف عن الدرس والتحصيل وربما لجأ إلى بعض السلوكيات الخاطئة كوسيلة لإثبات الذات وإذا هو يحقق نبوءة المعلم من حيث لا يدري.
ولكن .. أخي المعلم
كيف تبني هذه التوقعات
وكيف تنقل هذه التوقعات لطلابك
هذا ما سوف نعرفه في الجزء الثاني من الموضوع بمشيئة الله تعالى
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[23 - 09 - 2005, 06:18 ص]ـ
موضوع مفيد جدا، أحسنت في عرضه أخي معلم اللغة العربية.
وننتظر المزيد.
¥