[رسالة بحاجة الى التنقيح, وجزى الله خيرا كل من شارك]
ـ[أنامل الرجاء]ــــــــ[11 - 11 - 2005, 01:57 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم, والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين, محمد النبي خاتم الأنبياء والمرسلين, والصلاة والسلام على إخوانه الموحدين من أنبياء وَرُسُلٍ وصحابة وتابعين, وعلى كل مسلم صالح أمين, مؤمن بالله ورسله وكتبه وملائكته وباليوم الآخر, وبالقدر خيره وشره.
أما بعد, فلا أخفي عليك أني قد تنفست الصعداء خلال هذه الأسابيع الأخيرة, وكان هذا بالخصوص إثر انتهائيَّ دراسة ما أعده إلى اللحظة كفايةً مؤقتةً لمن أراد معرفة تأريخ الفراعنة, وصحيح أني لم أقمْ بعبور آخر عصور تلك الحقبة التاريخية من تأريخ البشر الجاهلي, بما يستوجبه الذكر من بيان واختصار, أو بما يكفي حتى من شرح واستفسار, إلا أن َنِيَّةَ العودةِ مرة أخرى ـ لنفض غبار هاتيك العصور الفانية ـ نيةٌٌ لا تفارقني ظلالها أينما ألقيت مراسيَّ وحيثما رزن بي المكان, وهي بلا شك مسألةٌ ستمسي قناديلها عالقةً بالقدر إلى أن يشاء العزيز المتعال.
هذا وإني لأرجو من العالي الكبير أن يفتح أمامي آفاق قريبة, علني أحققَ في نهاية المطاف ما يتطلبه هذا المشروع من بحث حصيف, ومطالعة مرجعية وروائية, وناهيك عن ترصيص لكبرى الأحداث التي سَأرَبُ بنقلها ـ من الفرنسية إلى العربية ـ بلغة سَلِسَةٍ مفهومة, و هذا قد لا يعني بالضرورة ركود عزيمتي, أو جمود إرادتي في طلب العلم النافع والمزيد منه أكثر فأكثر.
كلا, والله! لن أسقط من حسابي غداء الروح, تلكم المعرفة التي يحي به الأحياء وهم يعلمون, والحكمة التي إن قلَّ أصحابها كثُر الأفدام وانتشروا هنا وهناك انتشار الجراد في الخضراء والبيداء ... يعتون في الأرض فسادا ويظنون أنهم يحسنون صنعا.
أكرر و المكرر أحلى, و أقول "إنه ليس لي أن أكون على شاكلة الفدم الجهول! مادامت فطرتي تعتقل أنفاسي في معقلها, داخل جوفي في آمان الله ... تحبسها لفية ولا تطلق سراحها و لا تحررها أبدا, إلا بعد لحظة إملاءها ـ على جهازي التنفسي ـ أمر الاستعداد والتوثب لما هو بعد جهد ما من الجهود أو حركة ما من الحركات" وللعلم فالأمرُ هنا بحد ذاته لا ينحرف عن نظام كيانِ البشرِ ولا عن مسارِ عريكةِ الآدميِّ, الذي حكم الله عليه وَبَنِيهِ بالكدح وطلب الرزق الحلال.
هنالك في الأجداب القاحلة فلاحٌ يعمل في حقله من بزوغ الفجر إلى ظهور الضحى, وهنا في القيعان فلاح لا يشرع في عمله إلا في صدر الضحى, لكنه لقدرته عن الأول ـ وصبره وحبه لعمله وصلاحية بيئته ـ يستمر يعمل بوفاء ومهنية عاليين ... هكذا, إنه يعمل في حقل عبادة مثمرة ولا يتوقف عنها إلا من أجل عبادة أخرى, وإنه ليزال لنتقل من عبادة لأخرى حتى يرى الشمس تأفل من فوقه, وتأوي إلى جحرها وحصنها الحصين.
وسواء كان العمل في مجال الفلاحة أو الزراعة أو الصناعة أو في غيرها من مجالات العطاء, فالأصل المنصوص عليه عقلا وشرعا لا يقترن بمجال العمل أو قدرة المرء على القيام به وحسن أداءه, كما أنه لا يقاس أيضا بالإنتاج الإجمالي, قليلا كان أو كثيرا, لكنه يقترن ويقاس بالحلال والحرام, مما يعنى بوضوح أن حكم الله حكم شامل عام, لا يخص فئة من الناس أو جماعة دون أخرى, وإنْ عَدَّ بعض الزائغين المتواكلين أنفسهم من الخواص ابتغاء التملص من الفرائض والواجبات الشرعية, وذلك لأن الدين لله وحده, تستوي فيها جميع الطوائف والفئات, عجمية كانت أو عربية.
وعلى ما سلف ذكره من الكلام , فمن الضروري أن نفقه أن حكم الله جل تعالى لا يأخذ بالاعتبار شأن الفرد الخاص بقدر ما يأخذ شأنه العام, وشأن الفرد العام هذا, قد عُلِمَ أنه في عالم الواقع يختلف بحسب الأفراد والأغراض, وبحسب البيئات التي تتم فيها الأعمال, شرا باطلا كانت أو خيرا حقا.
أخي محمد, لك مني الآن تحية طهر وصفاء, تحية كان لِزماً عليَّ أن أمدَّ أصابعي إلى السماء! عل أن أكُ أول من عثر عليها صافية بيضاء.
¥