[أجيالنا بين النجاح والتفوق]
ـ[لخالد]ــــــــ[06 - 07 - 2006, 12:14 ص]ـ
[أجيالنا بين النجاح والتفوق]
كيف نصنع جيلاً ناجحاً لمستقبلنا،
مقالة للكاتب: محمد آل يوسف
قال الله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى} (النجم:39 - 40).
يجيب الله سبحانه وتعالى بعد عدة أقسام بهذا الجواب العظيم، على أن الإنسان مرتهن بعمله، وأن استحقاقه بمقدار جده واجتهاده، والمتبصر في الحياة يرى مكانة العلم، وهي التي تسير دفة العالم من حولنا، فجل بناظريك حول العالم المتقدم ترى أن العلم والوعي هما السببان الرئيسيان في تقدمه، {ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسيرٌ} (الملك:4)، يقول لك إن العلم نور في نور.
وأمتنا الإسلامية، أمة اقرأ، والتي - كما يقال - لا تقرأ، بدأت رسالتها الخالدة بكلمة (اقرأ)، ولم تبدأ بفرض صوم أو صلاة أو زكاة أو جهاد على أهمية ذلك، وهو أمر مطلوب لبقاء الدين، ذلك لأن العلم والتعليم دين ويقين يدعو إلى الإيمان بل هو من قوة الإيمان.
السؤال هنا: كيف نصنع جيلاً ناجحاً لمستقبلنا، وكما أرادها الله أن تكون خير أمة أخرجت للناس؟
ويبدو لي بأن الجواب ينحصر في الأمور التالية:
أولاً / إدارة عادلة واعية:
فمدير المدرسة ربان السفينة يديرها كيفما يشاء، إن صلح صلحت أمور المدرسة كلها، فالحكمة تقول: أعطني مديراً ناجحاً، أعطك مدرسة ناجحة، فقيادة بلا شعب كشعب بلا قيادة لا ينجح أحدهما إلا بالآخر.
والمدير الكفء يكون قدوة في كل شيء، فعله قبل قوله، وهو يجمع خلاصة أفكاره وتجاربه ليقدمها لمدرسيه، فهو الأب الروحي لهذه المدرسة، يسأل عن أحوال هذا المدرس وذاك التلميذ بقلب حنون عطوف يطبق العلاقات الإنسانية في معاملاته، وتتدفق بين جوانبه الحكمة والحنكة والذكاء والأخلاق العالية الكريمة في كل تصرف من تصرفاته.
ثانياً / معلم مخلص كفء:
فالمدرس هو حجر الأساس للعملية التعليمية والمرتكز الذي يعول عليه تنفيذ المنهج المدرسي، ومن المهم أن يكون هذا المدرس قد أُعد إعداداً جيداً لممارسة هذه المهنة، وهي - رسالة الأنبياء - فيبدع ويبتكر، يحلل ويركب، يعمل بلا كلل أو ملل، واسع الإطلاع وخياله يعانق حدود السماء، بل لا حدود له، يحلق مع طلابه في عالم الإبداع دون أن تقف أمامه أي معوقات أو مبررات كضيق المبنى أو النصاب الكامل، أو مستوى التلاميذ وغير ذلك، شغوفاً بالعلم وأهله، وهو طالب علم لا يشبع وكأنه شارب ماء البحر، كلما شرب ازداد عطشاً.
خلاصة القول: عندما تكون وزارة المعارف العقل المفكر فإن المعلم هو العقل المنفذ.
ثالثاً / ولي أمر متجاوب متعاون:
حيث لا تكتمل العملية التعليمية بدون رب الأسرة، والذي لا تنحصر مسؤوليته فقط في توفير المأكل والمشرب والمسكن، ولكن التربية الصالحة تعتبر بحق حياة.
ونحن محتاجون إلى عشرات الكتب وعشرات المحاضرات عن التربية ليمكننا أن نتعامل مع أبنائنا والمرحلة التي يمرون بها على أساس علمي سليم، وتعتبر التربية الصالحة عن طريق القدوة الحسنة أفضل مثال يحتذى به، فعندما نأمر بالصدق نكون أول المسارعين إليه، وعندما نطلب من أبنائنا - مثلاً - إقفال التلفزيون وعدم السهر عنده ونطلب منهم المذاكرة، يكون واجبنا أن نحمل أي كتاب من المكتبة ليلاحظ حبنا وشغفنا بالعلم، ليطابق القول العمل والنظرية بالتطبيق العملي.
رابعاً / تلميذ مجتهد مطيع:
فعندما يؤدي كل من المدير والمدرس وولي الأمر دوره، وتكون الكرة في ميدان التلميذ، لا بد له أن يستجيب لهذا الأمر فيؤدي دوره بتوفيق من الله، وقد حثنا الدين الإسلامي على تنشئة الولد ورعايته حتى قبل ولادته من خلال اختيار الأم الصالحة، (اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس)، ثم في تسميته وتربيته، قال رسول الله (ص): " الولد سبع أمير، وسبع أسير، وسبع وزير ".
(التجارة الناجحة)
إخواني الأعزاء: هل أدلكم على تجارة تنجينا من خسارة تطلعنا للنجاح فقط؟ إنه التفوق والتميز ينجينا من طموحنا الهزيل إلا وهو النجاح فقط، فمن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه.
قال رسول الله (ص): " اللهم لا تبقني ليوم لم أزدد فيه علماً ".
وفي رواية أخرى: " من تساوى يوماه فهو مغبون، ومن كان أمسه أفضل من يومه فهو ملعون " والعياذ بالله.
وغير ذلك من الأحاديث تحت شعار (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون). ولنرفع شعار انتهى زمن النجاح ليبدأ زمن التفوق.
فهذا أحد الأدباء يقول: " الدرس الأول يعلمنا أن البنيان هو الإنسان، وإن الدرس الآخر يعلمنا إن الإنسان هو البنيان ".
أخواني الأعزاء: للتفوق ثمنه، فنحتاج إلى تربية لا تعرف القنوط أو الانهزام أو الخنوع أو التراجع، أن نصنع من الأبناء أشخاصاً حديديين فولاذيين من خلال تقوية إرادتهم ونفوسهم وتعويدهم على القوة الروحية والجسدية وخلق الهمم العالية.
ولنعلمهم كيف عاش علماؤنا الأفذاذ في الماضي، الذين سطروا أسماءهم في صفحات التاريخ الخالد، وهم باقون ما بقي الدهر.
ولا بأس أن نأخذ العبرة من العلماء العالميين أمثال أديسون الذي قال له أحد أصدقائه: لقد أخفقت في أكثر من 10 آلاف تجربة لاختراع المصباح الكهربائي، فلماذا لا تكف عن تضييع وقتك ومالك؟ فقال أديسون: أخطأت، لقد نجحت في اكتشاف 10 آلاف محاولة لا توصلني إلى ما أريد.
وما أجمل قول الشاعر المتنبي:
إذا غامرت في شرفٍ مروم فلا تقنع بما دون النجوم
(التربية الصالحة مصنع الرجال)
فنعلم أبناءنا كيف تكون الحياة كفاحاً وجداً وعملاً ونجاحاً، ولنعلمهم كيف يحفرون في الصخرة، ويزرعون في البر، ويسقون من عرقهم الزرع.
إخواني: فقط .. وفقط .. وفقط … إذا أجدنا تربية الأبناء نستطيع أن نقول إننا أنشأنا جيلاً ناجحاً يعيد الأمجاد لأمتنا في مستقبلها المشرف.
فما أجمل أن نعيش مع أبنائنا الصغار المتفوقين لحظات التفوق، لحظة بلحظة، ثانية بثانية، ونحن نترقب وجوههم، في خوفهم وقلقهم، في ترددهم وتوجسهم، ثم في فرحهم وسرورهم.
نعم، هكذا هو حال التلاميذ المجدين، وما أجملها من أوقات سعيدة …
إنها لحظة التفوق، إنها لحظة التميز.
¥