وما النافيةُ عند الحجازيِّينَ كليس إن تقدم الاسمُ، ولم يُسْبَقْ بـ (إن) ولا بمعمولِ الخبر إلا ظرفاً أو جاراً ومجروراً، ولا اقترنَ الخبرُ بإلا، نحو (ما هذا بشراً).
وكذا لا النافيةُ في الشعر بشرط تنكير معمولَيْها نحو (تَعَزَّ فلا شيءٌ على الأرض باقياً ولا وَزَرٌ مما قضى اللهُ واقياً).
ولاتَ لكنْ في الحين. ولا يُجْمع بين جزأَيْها، والغالبُ حذفُ المرفوع نحو (ولاتَ حينَ مناصٍ).
الثاني إنّ وأنّ للتأكيد، ولكنَّ للاستدراك، وكأن للتشبيه أو الظن، وليت للتمني، ولعل للتَّرَجِّي أو الإشفاق أو التعليل. فينصِبْنَ المبتدأَ اسماً لهن، ويرفعْنَ الخبرَ خبراً لهن، إن لم تقترن بهن ما الحرفيةُ نحوُ (إنما اللهُ إلهٌ واحدٌ) إلا ليت فيجوز الأمران، كإنْ المكسورة مخففةً.
فأما لكنْ مخففةً فتُهْمَل. وأما أنْ فتَعمَل، ويجب في غير الضرورة حذفُ اسمها ضميرَ الشأن، وكونُ خبرها جملةً مفصولةً - إن بُدِئَتْ بفعلٍ مُتَصَرِّفٍ غيرِ دعاءٍ – بـ (قد أو تنفيس أو نفي أو لو). وأما كأنَّ فتَعمل، ويَقِل ذكرُ اسمها، ويُفصَل الفعل منها بـ (لم) أو (قد).
ولا يَتَوَسط خبرُهن إلا ظرفاً أو مجروراً نحوُ (إنّ في ذلك لعبرةً) (إنّ لدينا أنكالاً).
وتُكْسَر إِنَّ في الابتداء نحو (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، وبعد القسم نحوُ (حم والكتاب المبين إنا أنزلناه)، والقول نحو (قال إني عبد الله)، وقبل اللام نحو (والله يعلم إنك لَرسوله).
ويجوز دخولُ اللام على ما تأخر من خبر إنَّ المكسورةِ، أو اسمها، أو ما توسط من معمول الخبر، أو الفصل. ويجب مع المخففة إن أُهْمِلَتْ ولم يظهر المعنى.
ومثلُ إِنَّ لا النافيةُ للجنس. لكنْ عملُها خاصٌّ بالمُنَكَّراتِ المتصلةِ بها، نحوُ (لا صاحبَ علمٍ ممقوتٌ) و (لا عشرينَ درهماً عندي).
وإن كان اسمُها غيرَ مضاف ولا شِبْهِهِ بُنِيَ على الفتح في نحو (لا رجلَ) و (لا رجالَ)، وعليه أو على الكسر في نحو (لا مسلماتِ)، وعلى الياء في نحو (لا رجلَيْنِ) و (لا مسلمِيْنَ). ولك في نحو (لا حولَ ولا قوةَ) فتحُ الأولِ، وفي الثاني الفتحُ والنصبُ والرفعُ، كالصفة في نحو (لا رجلَ ظريفٌ)، ورفعُه فيمتنع النصبُ. وإن لم تُكَرَّر لا، أو فُصِلَتِ الصفةُ، أو كانت غيرَ مفردة، اِمْتنعَ الفتحُ.
الثالثُ ظَنَّ ورأى وحَسِب ودَرَى وخال وزَعَمَ ووجد وعلم القلبياتُ. فتنصبهما مفعولَيْنِ، نحوُ (رأيتُ اللهَ أكبرَ كلِّ شيءٍ).
ويُلغَيْنَ برجحان إن تأخرْنَ نحو (القومُ في أَثَري ظننتُ)، وبمساواة إن توسطنَ نحو (وفي الأراجيزِ خِلتُ اللؤمُ و الخَوَرُ).
وإن وليَهن ما أو لا أو إِنْ النافياتُ أو لامُ الابتداءِ أو القسمُ أو الاستفهامُ بطَل عملُهن في اللفظ وجوباً، وسُمِّيَ ذلك تعليقاً، نحو (لِنَعْلَمَ أيُّ الحزبينِ أَحْصى).
بابٌ: الفاعل مرفوعٌ كـ (قامَ زيدٌ) و (مات عمرٌو). ولا يتأخر عاملُه عنه.
ولا تلحقه علامةُ تثنيةٍ ولا جمعٍ، بل يقال (قام رجلانِ، ورجالٌ، ونساءٌ) كما يقال (قام رجلٌ). وشذ (يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليلِ) (أَوَ مُخْرِجِيَّ هُم).
وتلحقه علامةُ تأنيثٍ إن كان مؤثاً كـ (قامتْ هندٌ) و (طلعت الشمسُ). ويجوز الوجهانِ في مجازيِّ التأنيثِ الظاهرِ نحو (قد جاءتكم موعظةٌ من ربكم) (قد جاءكم بينة)، وفي الحقيقيِّ المنفصلِ نحو (حَضَرَتِ القاضيَ امرأةٌ) والمتصلِ في باب نعم وبئس نحو (نِعْمَتِ المرأةُ هندٌ)، وفي الجمع نحو (قالتِ الأعرابُ) إلا جمعَيِ التصحيحِ فَكَمُفردَيْهما نحو (قام الزيدون) و (قامتِ الهنداتُ). وإنما امتنع في النثر (ما قامتْ إلا هندٌ) لأن الفاعلَ مذكرٌ محذوفٌ، كحذفه في نحو (أو إطعامٌ في يوم ذي مسغبةٍ يتيماً) و (قضي الأمر) و (أسمع بهم وأبصر)، ويمتنع في غيرهن.
والأصل أن يليَ عامِلَه. وقد يتأخر جوازاً نحوُ (ولقد جاء آلَ فرعونَ النذرُ) وكما أتى ربَّه موسى على قدر، ووجوباً نحوُ (وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه) و (ضربني زيدٌ). وقد يجب تأخير المفعول كـ (ضربت زيداً) و (ما أحسنَ زيداً) و (ضرب موسى عيسى)، بخلافِ (أرضَعَتِ الصغرى الكبرى). وقد يتقدم على العامل جوازاً نحوُ (فريقاً هدى)، ووجوباً نحو (أيّاً ما تدعو).
¥