ثم يقال: على فرض موافقتنا لكم في القضية بحجة تفويضنا لمعاني الحروف المقطعة، على فرض ذلك يقال: ما وجه المماثلة بين "الصفة" و "الحرف"، فنحن أهل السنة والجماعة نفوض "كيفية" الصفة و "حقيقتها" و لا نفوض "أصل معناها" ففرق بين تفويض الكيفية وتفويض المعنى، ولذلك بطل قياسكم الباطل من أصله لأنه لا يوجد في - أصل الوضع اللغوي - لحروف المباني دلالة مفيدة فضلاً أن يكون لها كيفية، ولذلك قال علماء اللغة في تعريف الكلمة "قول مفرد" ثم عرفوا المفرد بأنه ((مالا يدل جزؤه على جزء معناه)) وضربوا لذلك مثلاً "زيد" فهذه كلمة ولها بمجموع حروفها معنى معقول أما أجزاؤها "ز-ي-د" فكل حرف على حدة لا يدل على شيء. والصفة إنما هي كلمة كقولنا "السميع" والكلمة "قول مفرد" والقول كما يعرفه علماء اللغة ((اللفظ الدال على معنى)) فاستلزم ذلك وجود المعنى للكلمة وقولنا "سميع" كلمة إذاً فلها معنى. أما مباني هذه الصفة "س-م-ي-ع" فلا دلالة معنوية لكل حرف على حدة.
فالخلاصة:
1 - أثبتوا أن للحرف معنى وكيفية فإذا لم يكن للحرف دلالة معنوية يدل بها على جزء المعنى الذي ورد فيه بطل من باب أولى أن يكون للحرف كيفية أصلاً. أما الصفة فلها معنى وكيفية، فنحن لا نفوض المعنى وإنما نفوض ما هو زيادة على المعنى وهو "الكيفية".
2 - حروف فواتح السور - بناء على ماقدمنا وفصلنا أعلاه - ليس لها معنى أصلاً حتى يقال: فوضنا معناها فإن قالوا: إذاً يوجد في القرآن ما لا معنى له!
قلنا: نحن أصلاً نفوض ورودها بهذا الترتيب ولا نفوض معناها لأنه لا معنى لها حتى نفوضه دون أن تأتلف إئتلافاً ينبيء عن معنى، ومع ذلك فإنها تكتسب معنى باعتبار آخر ذلك أن ورودها بلا معنى لم يمنع أنها وردت لحكمة مقصودة، فإذا اطمأننا إلى اقتضاء ورودها لحكمة اكتسبت هذه الحروف معنى بهذا الاعتبار فانتفى العبث الذي من أظهر خصائصه التجرد عن الحكمة والتي هي بدورها متضمنة لمعنى خارج عن الحرف المستقل.
أستاذي الكريم / عبد:
إن قولك بأن الحروف المقطعة في آوائل السور ليس لها معنى؛ أقوم بالحجة للخصم من إن لو كان لها معنىً مفوّض.
وذلك لأن وجود ما له معنى اختص الله تعالى بمعرفته (وهو صفاته) عند المفوّض أهون من وجود ما ليس له معنىً بالكلية؛ إذ غاية الأول أن الله أخبرنا بما نجهل معناه، وألزمنا بتصديقه، وهذا من كمال الإيمان.
وأما وجود ما ليس له معنى في القرآن فهو؛ لغوٌ يُنزّه الله تعالى عنه.
فإن جاز عندك هذا، يلزمك تجويز ما هو أهون منه اتفاقاً.
أرجو من فضيلتكم التوضيح، ولك جزيل الشكر.
ـ[عبد]ــــــــ[18 - 09 - 06, 01:41 ص]ـ
بارك الله فيكم. إنما نفيت المعنى من حيث الوضع اللغوي، فالحرف لوحده من حيث الوضع اللغوي لا معنى له، ولكن من حيث وروده في القرآن لحكمة - ولكنها خفيت علينا - فإن الحرف يكون قد اكتسب معنى بهذا الاعتبار، وهو معنى مكتسب حينئذٍ لوجود الحكمة، وهذا المعنى حاصل بأمر خارج لا أنه أصل في الحرف، والأمر الخارج هنا هو حكمة الشارع التي أضفت على الحرف مالم يكن فيه من حيث الوضع اللغوي لوحده. ولذلك قلت:
((ومع ذلك فإنها تكتسب معنى باعتبار آخر ذلك أن ورودها بلا معنى لم يمنع أنها وردت لحكمة مقصودة، فإذا اطمأننا إلى اقتضاء ورودها لحكمة اكتسبت هذه الحروف معنى بهذا الاعتبار فانتفى العبث الذي من أظهر خصائصه التجرد عن الحكمة والتي هي بدورها متضمنة لمعنى خارج عن الحرف المستقل)).
إذاً فالخلاصة، هناك معنيان:
الأول: معنى حاصل بأصل الوضع اللغوي وهذا بمجرده منتف.
الثاني: معنى حاصل بأمر خارج عن أصل الوضع اللغوي، أي حاصل بالحكمة من وروده هكذا، وهذا موجود وهو النوع الذي نفوضه.
ـ[أبومحمد الحسني]ــــــــ[18 - 09 - 06, 03:29 ص]ـ
أحسنتم أحسن الله إليكم ..
وأيضًا يقولون (إن للكلمة عدّة معاني في اللغة العربية فما أدراك أيها المعنى الذي أراده الله .. لذا فالتفويض أسلم) نعم هكذا يقول المبتدعة .. ويقولون (أن لليد عشرون معنًى في اللغة العربية، فكيف تعلمون أن معنى اليد التي أرادها الله؟ .. وللاستواء عدّة معاني منها: القصد، والعلو، والاستيلاء، وغيرها وغيرها .. لذا فالتفويض أسلم) ..
مثل هذه الكلمات يردِّدها كثيرًا بعضهم فما رأيكم؟
ـ[سليمان السيف]ــــــــ[18 - 09 - 06, 01:57 م]ـ
بارك الله فيكم. إنما نفيت المعنى من حيث الوضع اللغوي، فالحرف لوحده من حيث الوضع اللغوي لا معنى له، ولكن من حيث وروده في القرآن لحكمة - ولكنها خفيت علينا - فإن الحرف يكون قد اكتسب معنى بهذا الاعتبار، وهو معنى مكتسب حينئذٍ لوجود الحكمة، وهذا المعنى حاصل بأمر خارج لا أنه أصل في الحرف، والأمر الخارج هنا هو حكمة الشارع التي أضفت على الحرف مالم يكن فيه من حيث الوضع اللغوي لوحده. ولذلك قلت:
إذاً فالخلاصة، هناك معنيان:
الأول: معنى حاصل بأصل الوضع اللغوي وهذا بمجرده منتف.
الثاني: معنى حاصل بأمر خارج عن أصل الوضع اللغوي، أي حاصل بالحكمة من وروده هكذا، وهذا موجود وهو النوع الذي نفوضه.
أستاذي الكريم:
سيقول لك المفوّض: ما أقوله أنا في الصفات هو مماثلٌ لما تقوله أنت في الحروف المقطعة.
فإذا قلتَ بأن للحروف المقطعة معنىً حصل بأمر خارجٍ عن أصل الوضع اللغوي لها؛ ومع ذلك فنحن لا نعلمه،
قال لك المفوّض: وأنا لا أنكر أن (لليد) معنىً لغويّاً في أصل وضعه؛ لكنني أنفي أن يكون ذلك المعنى هو نفس المعنى (لليد) الذي أضافه الله تعالى إليه؛ لتنزه الله عنه.
لذا قلتُ بأن (يد الله) له معنى لا نعلمه نحن، وهذا شبيه أن يكون لورود الحروف المقطعة في القرآن حكمةٌ لا نعلمها نحن.
¥