وقد جاء في هذه الجريدة التَّصريح الصَّريح بالدَّعوة إلى هذه الأصول العظيمة.
«إنّ من أهمِّ ما أُسِّست له هذه الصَّحيفة: الإصلاحَ الدِّيني وتطهيرَ العقائد من نزعات الشِّرك وباطل الخرافات ودحضَ أنواع البدع القوليَّة والفعليَّة (3)، والإشادةَ بلزوم الاهتداء بالكتاب والسنَّة وعمل السَّلف الصالحين، والأخذَ بكلِّ ما وافق هذه الأصول، والطّرحَ لكلِّ ما خالفها» (4).
ولمَّا أُنشئت جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين كانت الدَّعوة إلى هذه الأصول هي السِّمة البارزة في منهجها؛ فقد جاء في قانونها الدَّاخلي: «فالجمعيّة تريد أنْ ترجع بهذه الأمَّة - من طريق الإرشاد - إلى هداية الكتاب والسُّنَّة وسيرة السَّلف الصَّالح، لتكون ماشية في رقيِّها الرُّوحيّ على شعاع تلك الهداية» (5).
ولقد أوضح ابن باديس دعوة جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريين وأصولَها في عدَّة نقاط؛ من بينها:
· الإسلام هو دين الله الذي وضعه لهداية عباده، وأرسل به جميع رسله، وكمَّله على يد نبيِّه محمد [صلى الله عليه وسلم] الذي لا نبيَّ بعده.
· القرآن هو كتاب الإسلام.
· السنّة - القوليّة والفعليّة - الصَّحيحة، تفسيرٌ وبيان للقرآن.
· سلوك السَّلف الصَّالح - الصَّحابة والتَّابعين وأتباع التَّابعين - تطبيقٌ صحيح لهدي الإسلام.
· فهوم أئمَّة السَّلف الصَّالح، أصدق الفهوم لحقائق الإسلام ونصوص الكتاب والسُّنَّة ... » (6).
وكان ابن باديس يُذكِّر بالسّير على هذه الأصول والدَّعوة إليها في فاتحة كلِّ سَنَةٍ جديدة من عُمر جريدته «الشِّهاب»؛ ومن ذلك ما جاء في فاتحة السَّنة الثَّالثة عشرة: «وسنخطو هذه الخطوة - إن شاء الله تعالى - على ما عرفه النَّاس من مبدئنا في الإصلاح الدِّينيّ من ناحية العقائد والأخلاق والأفكار والأعمال، تصحيحاً وتهذيباً وتنويراً وتقويماً، كلُّ ذلك في دائرة الإسلام كما نزل به القرآن، وبيَّنته السُّنَّة، ومضى عليه - علماً وعملاً - السَّلف الصَّالح من هذه الأمَّة» ([7] ( http://www.rayatalislah.com/Kadayamenhejiyeh/articles/menhej-jamiiyet-el-oulema2.htm#_ftn7)).
ويقول الشيخ مبارك الميلي رحمه الله: «فالدَّاعي إلى الكتاب والسُّنَّة وتفهُّمِهما إنَّما هو داعٍ لتحقيق كلمتَيْ الشَّهادة، ولهذا نجد فيهما وفي كلام سلف الأمَّة الحثَّ على تعلُّمهما واتِّباعهما وتحكيمهما عند النِّزاع، والتَّحذيرَ من مخالفتهما وارتكابِ ما أنكراه على من تقدَّمَنا من مشركين وكتابيِّين» (8).
بربّك ذكّرهم لكي يتذكّروا
*
وعِظهم بلين القول كي يتفكّروا
ومُرهم برفق وادعهم بسكينة
*
وعلِّمهم بالحلم كي يتدبّروا
بذا كان خيرُ الخلق يدعو لدينه
*
بأمرٍ من المولى وربُّك أكبر
وبالذِّكر (9) داو جهلَهم فيه الشِّفا
*
وبالسنّة الغرّاء فهي المفسِّر
فذلك دين الله دين نبيّه
*
فخُذْ بهما واعمل بذلك تؤجَر
فما الدِّين إلا من كتاب وسنّة
*
وغيُرهما زور من القول ومنكر
فخُذْ بهما واستخرج العلم منهما
*
ودَعْ قول جُهّال عن الذِّكر نفّروا
خفافيش عن ضوء النهار حسيرةٌ
*
وفي الليلة الظلما تطير وتبصر
عليك بأخذ العلم عن كلّ عالم
*
أديب بآداب الهدى يتعطر
يريك معاني الذِّكر باللغة التي
*
بها نزل الذِّكر الحكيم المطهَّر
ومنه يريك الحكم مستندا إلى
*
حديثٍ يَقْوَى مأخذا ويقرّر
بذا العلماء العاملون تمسّكوا
*
ومَن سيفُه القرآن بالعصر أجدر
فقد حذّر المختار من كلّ بدعة
*
كذا الصحب والأتباع من ذاك حذّروا
وقال عليكم باتِّباعي وسنّتي
*
وسنّة أصحابي بذلك تظفَروا
وإيّاكم والابتداع فإنّه
*
طريقٌ إلى النار ونارٌ تُسعَّر
وقد جاء بالتوحيد والشركُ سائد
*
وقام به والكلّ يؤذي وينكِر
ولازال حلف الصبر والصبرُ دِرعه
*
ولازال يدعو وَالدِّيانة تظهر
إلى أن أضاء الكونَ بدرُ رشاده
*
وآمن بعد الشرك مَن كان يكفُر
فدوموا على منهاج أحمد وأبشروا
*
بشرب من الحوض الهنيّ وبشّروا
فإنّ له حوضا كشهدٍ (10) شرابُه
*
أبارقُه عدّ النجوم أو أكثر
بها يشرب السنيُّ من حزب أحمد
*
وعنها يذاد محدِثٌ ومنفِّر
وكم حدَثت بعد الرسول حوادث
*
يكاد لها نورُ الشريعة يُقبر
وكم بدعة شنعاء عُدَّت شريعة
*
وكم سنّة حَسْنَا بها قد تطيَّروا
لذا أصبح المعروف زورا ومنكرا
*
لدى الناس والمنكور عُرفٌ مبرَّر
¥