فما ذا (11) إلا من سكوتٍ وكم عَدَا
*
سكوتٌ على حقّ فمن ذاك حذِّروا" (12)
يقول الشَّيخ العربي التَبسيّ رحمه الله: «فإنَّ الدَّعوة الإصلاحية التي يقوم بها دعاة الإصلاح الإسلاميّ في العالم الإسلاميّ عامّة، وتقوم بها «جمعيّة العلماء» في القطر الجزائريّ خاصّة، تتلخَّص في دعوة المسلمين إلى العلم والعمل بكتاب ربِّهم وسنَّة نبيِّهم، والسَّير على منهاج سلفهم الصَّالح في أخلاقهم وعباداتهم القوليّة والاعتقاديّة والعمليّة، وتطبيق ما هم عليه اليوم من عقائدَ وأعمال وآداب على ما كان في عهد السَّلف الصَّالح، فما وافقه عدَدْناه من دِين الله فعمِلنا به، واعتبرنا القائم به قائماً بدِين الله، وما لم يكن معروفاً في عهد الصَّحابة عدَدْناه ليس من دين الله، ولا علينا فيمن أحدَثه أو عمل به؛ فالدِّين حُجَّة على كلِّ أحد وليس عمل أحد حُجَّةً على الدِّين ... » (13).
وهاك وصيّة ابن باديس - رحمه الله - الجامعة، ونصيحته النافعة التي يقول فيها: «اعلموا - جعلكم الله من وعاة العلم، ورزقكم حلاوة الإدراك والفهم، وجمَّلكم بعزَّة الاتِّباع، وجنَّبكم ذِلّة الابتداع - أنَّ الواجب على كلِّ مسلم في كلِّ زمان ومكان، أن يعتقد - عقدا يتشرَّبه قلبه، وتسكن له نفسه، وينشرح له صدره، ويلهج به لسانه، وتنبني عليه أعماله - أنَّ دين الله تعالى - من عقائد الإيمان وقواعد الإسلام وطرائق الإحسان - إنّما هو في القرآن والسنّة الثابتة الصحيحة وعمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وأنّ كلَّ ما خرج عن هذه الأصول، ولم يحظَ لديها بالقبول - قولا كان أو عملا أو عقدا أو حالا - فإنّه باطل من أصله، مردود على صاحبه، كائنا من كان، في كلِّ زمان ومكان.
هذه نصيحتي لكم ووصيَّتي أفضيت بها إليكم، فاحفظوها واعملوا بها، تهتدوا وترشدوا - إن شاء الله تعالى -؛ فقد تضافرت عليها الأدلة من الكتاب والسنّة وأقوال أساطين الملة من علماء الأمصار، وأئمة الأقطار، وشيوخ الزهد الأخيار، وهي - لعمر الحقّ - لا يَقبلها إلا أهل الدِّين والإيمان، ولا يردُّها إلا أهل الزيغ والبهتان» (14).
(1) جريدة الشهاب: (2/ 3).
(2) المصدر السابق: (1/ 3)
(3) في الأصل: «العبادات القولية والنقلية»، ولعلّ الصواب ما أثبته.
(4) جريدة الشهاب: (2/ 474)
(5) من المادة (66) من القانون الداخلي للجمعية، آثار الإبراهيمي: (1/ 84)
(6) آثار ابن باديس: (5/ 154)
(7) جريدة الشهاب: (13/ 3)
(8) الشرك ومظاهره، للميلي: ص (63 - 64)، وانظر كذلك ص (65) وما بعدها.
(9) أي القرآن، كما في قوله تعالى: ?إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ?.
(10) أي: كالعسل
(11) «ما»: نافية، و «ذا»: اسم إشارة، أي: فليس هذا إلا بسبب سكوت كثير ممن ينتسب إلى العلم.
(12) قصيدة بعنوان: الدعاء إلى الكتاب والسنة، بإمضاء: عبد الحق بن إبراهيم الحنفي، نشرت في الشهاب: (1/ 521).
(13) تقديم لرسالة «الشرك ومظاهره»: ص (27).
(14) جواب سؤال عن سوء مقال، لابن باديس: ص (97 - 98).