وقال - في معرض كلامه عن المعتزلة "منهاج السنة النبوية" (ج 1 / ص 70) -: "وأما التفضيل، فأئمتهم وجمهورهم، كانوا يفضلون أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - وفي متأخريهم من توقف في التفصيل، وبعضهم فضل عليًّا، فصار بينهم وبين الزيدية نسبٌ واشِجٌ، من جهة المشاركة في التوحيد والعدل والإمامة والتفضيل، وكان قدماء المعتزلة وأئمتهم، كعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وغيرهم، متوقفين في عدالةِ عليٍّ".
وقال - في معرض كلامه عن إثابة الله للمطيع، والعفو عن العاصي أو تعذيبه "منهاج السنة" (2/ 302) -: "فهذا مذهب أهل السنة الخاصة وسائر من انتسب إلى السنة والجماعة، ... والخلاف في ذلك مع الخوارج والمعتزلة، فإنهم يقولون بتخليد أهل الكبائر في النار، وأما الشيعة، فالزيدية منهم، أو أكثر الزيدية تقول بقول المعتزلة في ذلك، والإمامية على قولين".
وقال - منهاج السنة النبوية (ج 8 / ص 224) -: "والمعتزلة كان قدماؤهم يميلون إلى الخوارج، ومتأخروهم يميلون إلى الزيدية".
فلعله قد ظهر للقارئ الكريم من تلك النقولات، الصلةُ العلمية الوثيقة بين الزيدية والمعتزلة، وأن الزيديةَ معتزلةٌ في باب الأسماء والصفات، وفي باب القدر، وغيرهما من عقائد وأقوال المعتزلة الفاسدة، وأن المذهب الزيدي، حَفِظَ أصولَ المعتزلة؛ فلهم الفضلُ في حفظ بعض تراث المعتزلة من الاندثارِ والانطماس، حيث نقلوا ما أمكنهم من كتب المعتزلة، بعد إبادتهم في العراق إلى اليمن، ككتاب "المغني" للقاضي عبد الجبار، و"الأُصولِ الخمسةِ"، وغيرِهما من الآثار الكلامية، ولولاهم لكان مصيرُ آثار المعتزلة الاندثار.
إلا أن العلماء بالفرق مختلفون، فيما إذا كانت الزيدية على أصول المعتزلة منذ نشأتها - كما سبق نقله عن الشهرستاني - أم أن هذا التأثر قد تأخر إلى أواخر القرن الثالث الهجريّ، واستمر إلى يومنا هذا، أي: على مدى أكثرَ من ألف عام.
والذي يظهر، أن القول الأخير، هو ما تطمئن إليه النفس؛ لأنه لم يذكر أحد ممن له اهتمام بالفرق، كشيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية"، وابن حزم في "الفصل"، والأشعريِّ في "مقالات الإِسلاميين"، والنوبختيِّ في "فرق الشيعة"، والبغداديِّ في "الفرق بين الفرق"، وغيرهم؛ لم يذكروا تَتَلْمُذَ زيدِ بنِ الحسين عليٍّ على واصل بن عطاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - "منهاج السنة النبوية" (ج 1 / ص 31) -: " وكان متكلمو الشيعة، كهشام بن الحكم، وهشام بن الجواليقي، ويونس بن عبد الرحمن القمى، وأمثالهم، يزيدون في إثبات الصفات على مذهب أهل السنة، فلا يقنعون بما يقوله أهل السنة والجماعة، من أن القرآن غيرُ مخلوق، وأن الله يُرى في الآخرة، وغيرِ ذلك من مقالاتِ أهل السنةِ والحديث، حتى يبتدعو في الغلو في الإثبات والتجسيم والتبعيض والتمثيل، ما هو معروف من مقالاتهم التي ذكرها الناس، ولكن في أواخر المائة الثالثة، دخل من دخل من الشيعة في أقوال المعتزلة، كابن النوبختي صاحب كتاب "الآراء والديانات"، وأمثاله، وجاء بعد هؤلاء المفيد بن النعمان وأتباعه، ولهذا تجد المصنفين في المقالات كالأشعريِّ، لا يذكرون عن أحد من الشيعة، أنه وافق المعتزلة في توحيدهم وعدلهم، إلا عن بعض متأخريهم، وإنما يذكرون عن بعض قدمائهم التجسيم، وإثبات القدر وغيره".
هذا؛ وكونُ الصلةِ بين الزيديةِ والمعتزلةِ منذُ النشأة، أو من نهاية القرن الثالث، لا يغير من الأمر أو الواقع شيئًا، فلن ينفعَ الخلفَ كونُ سلفِهِم أقلَّ بدعةً وضلالًا منهم؛ كما لم ينفعِ الصوفيةَ القبوريةَ المعاصرةَ كونُ كثيرٍ من أسلافِهِم كانوا زُهَّادًا عُبَّادًا حقًّا، ولم يكونوا قبوريين.
ففي القرونِ الثلاثةِ الأخيرة، تحولتِ الصوفيةُ تحوُّلًا جزريًّا إلى القبورية، وأحسبه يشبه - تمامًا - التحولَ الزيديَّ إلى الاعتزال؛ فضلًا عن أصولها الشيعية الضالة الأخرى، قبل أكثرَ من عشَرة قرون. هذا؛ وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.
http://www.alukah.net/articles/1/9139.aspx
ـ[عبد الرحمن الخوجة]ــــــــ[11 - 12 - 09, 05:10 ص]ـ
مقال ثمين فجزاك الله خيرا
كالحوثيين في زماننا قاتلهم الله فهم قبل تحولهم للجعفرية الاثني عشرية كانوا زيدية وكثير من الناس في المجالس عندنا يقولون قريبين للسنة وهذا خطأ كما وضحتموه فهم معتزلة في باب الأسماء والصفات والتكفير ونحوه فكيف يكونون أقرب الفرق لأهل السنة؟
بارك الله فيك
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[11 - 12 - 09, 02:18 م]ـ
المقصود بأنهم أقرب الفرق الشيعية إلى أهل السنة، وليس معناه أنهم أقرب الطوائف مطلقا إلى أهل السنة، فلا يوجد طائفة من الشيعة أحسن حالا من الزيدية، وهذا قد يكون ذمًّا أكثر منه مدحًا، فإنه إذا كانت الزيدية أحسن طوائفهم وهم بهذا الانحراف فكيف بمن هم أكثر انحرافا منهم؟!.
والذي يدخل على موقع الجارودية لا يجد أدنى فرق بينهم وبين الرافضة الاثنى عشرية، فالعقائد واحدة، طهَّر الله بلاد المسلمين منهم،