ومن ذلك السباب سبه لنبي الله عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام؛ فقد قال عنه: ((إن عيسى ما استطاع أن يقول لنفسه إنه صالح؛ لأن الناس كانوا يعرفون أن عيسى رجل خمار، وسيء السيرة)).
وقد كذب وافترى وحاشا أن يوصف نبي الله عيسى بهذا الوصف أو الأوصاف الأخرى التي قالها عنه، مما يلزم تنزيه القارئ عن ذكرها هنا، وربما تصور الغلام أن نقضه لبناء الآخرين يشيِّد بنيانه، وأن ترفُّعه على الأنبياء يجعل منه نبياً أعلى منهم.
كما عرف عنه التناقض في القضية الواحدة؛ حيث يذكر شيئاً ثم يذكر آخر يدل على كذبه، وحبل الكذب قصير كما قيل، ومن الكذب الذي اشتهر به الكذب على الله؛ حيث يأتي بكلام من تلفيقه ثم يزعم أن الله قاله له، ثم يكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم بوضع أحاديث من تلقاء نفسه.
كما عرف عنه الاحتيال لأخذ أموال الناس وعدم الوفاء بالتزاماته لهم، وتعليل ذلك بما لا مقنع فيه لأحد، كما في قصة الخمسين المجلد التي تزعم أنه سيؤلفها وأخذ ثمنها مقدماً، ثم كتب خمسة كتب فقط وامتنع من الباقي، ومن إرجاع الأموال أيضاً بحجة أنه لا فرق بين الخمسة والخمسين غير الصفر، ويظهر التناقض واضحاً في أفكاره حين تقارن بين قوليه الآتيين:
((أنا أعتقد كل ما يعتقده أهل السنة، كما أنا أعتقد أن محمداً خاتم النبيين ومن يدعي النبوة بعده هو كافر كاذب؛ لأني أومن أن الرسالة بدأت من آدم وانتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)) وقوله: ((والله الذي في قبضته روحي هو الذي أرسلني، وسماني نبياً، وأظهر لصدق دعواي آيات بينات بلغ عددها ثلاثمائة ألف بينة)).
4 - عمالة القادياني وأسرته للإنجليز:
لقد جرَّت بريطانيا على المسلمين مصائب وفتناً عظيمة، لا يزال المسلمون يجترون آثارها إلى اليوم في الهند وفي بلاد العرب، وكثير من بلدان المسلمين؛ حيث فرقت كلمتهم وأوهنت قواهم وأوجدت عملاء لها في كل بلد إسلامي من أبناء ذلك البلد ومن جلدتهم، ويتكلمون بألسنتهم، ولكنهم أصبحوا بعد ذلك أشد عليهم من الأعداء الظاهرين، ونشرت الفساد والخلاعة، إلى جانب نشر النصرانية بين المسلمين، وقتلت في سبيل ذلك الأبرياء والصفوة الممتازة من العلماء ليفسحوا المجال للمبشرين، وليثبتوا كذلك استعمارهم إلى الأبد.
ومع كل هذا وغيره نرى الإنجليز وهم مسيطرون على الهند يبحثون فيها عن عميل لهم، فكان المطلوب، ووجدوا القادياني خير من يمتثل لتحقيق مآربهم، ويقدم طاعتهم على طاعة ربه ودينه الذي كان ينتمي إليه ويخون أمته الإسلامية التي كان ينتسب إليها، ولولا نكايته بعد ذلك بالإسلام والمسلمين وإدخال أفكار هدامة حارب بها العقيدة الإسلامية الصحيحة وأخرج بها كثيراً من المسلمين عن دينهم- لولا ذلك لما كان لنا بعمالته لبريطانيا أو غيرها أي غرض لإبراز دوره مع الإنجليز وخدمته لهم، لأنه كغيره ممن باعوا أنفسهم لأعدائهم، على أن عمالة هذا الشخص لبريطانيا فاقت التصور، فإنك لو رجعت إلى أي كتاب من كتب الغلام أو تصريحاته فسترى مدى تعلقه بهم وتفانيه في خدمتهم وتملقه لهم وطلب رضاهم، وتفضيلهم على غيرهم ودعوة الناس إلى الانضواء تحت لوائهم والسير خلفهم في كل شئونهم ومحاكاتهم بكل دقة.
وسترى كذلك في الجانب الآخر مدى تعلق الحكومة الإنجليزية به وبأتباعه، وكيف هيأت لهم المناصب وأغدقت عليهم الأموال ويسرت لهم في داخل الهند وخارجها إلى اليوم كل أسباب التفوق والراحة، ودافعت عنهم في كل موقف يتعرضون فيه للضغط، والنتيجة من كل تلك المواقف للجانبين غير خافية، فالمصلحة بينهم مشتركة والهدف واحد.
ومن الأمثلة- وهي كثيرة - على خدمة هذا المتنبئ لبريطانيا قوله في منع الجهاد: ((لقد قضيت معظم عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ونصرتها، وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولي الأمر-الإنجليز-من الكتب والإعلانات والنشرات ما لو جمع بعضها إلى بعض لملأ خمسين خزانة!! وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلاد العربية ومصر والشام وتركيا، وكان هدفي دائماً أن يصبح المسلمون مخلصين لهذه الحكومة، وتمحى من قلوبهم قصص المهدي السفاك والمسيح السفاح، والأحكام التي تبعث فيهم عاطفة الجهاد وتفسد قلوب الحمقى)).
¥