تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولاشك أن هذا الكلام من الخزي المفضوح لنبوته حتى لكأنه بُعث لتأييد بريطانيا والدفاع عن مصالحها وإضفاء الشرعية على استعمارها لبلاد المسلمين.

وبقدر ما ارتبط هو وزمرته بأعداء الإسلام بقدر ما ازداد بعده عن الإسلام والمسلمين ونفرت عنه القلوب واستحوذت عليه الشياطين، وكان موقفه هو وأتباعه في غاية المقت بالنسبة لأهل السنة وعامة المسلمين فإنه ناصبهم العداء، ورأى أن الثورات التي يقومون بها على المستعمرين- أنها من فعل العقول الجامدة والحماقة، وكان يثبطهم بكل ما لديه من قوة وحيلة لمنعهم من جهاد هؤلاء الغزاة للبلاد وللدين، ويصيح فيهم أن الجاهد حرام.

وقد تمثل في وضوح تام ولاء القاديانية للإنجليز أنهم دائماً يظهرون سرورهم وابتهاجهم بسقوط أي دولة إسلامية في يد الاستعمار، ويحتفلون بذلك ويعتبرونه من أسعد أعيادهم، لأنهم يعتبرون المكان الذي تصل إليه بريطانيا هو المكان الذي تصل إليه القاديانية.

وعلى هذا فإن عز القاديانية وانتشارها مرهون بعز الإنجليز وانتشارهم، فكيف لا يفرح القاديانيون بانتصار بريطانيا وانكسار المسلمين بعد ذلك؟ ولقد صرح بهذا كبار القاديانية ابتداء بالغلام وخلفائه، مثلهم في هذا مثل سائر الباطنية حين يفرحون بمصائب المسلمين ويحزنون من أفراحهم.

الفصل الثالث

ما هو ختم النبوة وما موقف القادياني منه؟

وقد حاول القادياني التلاعب بعقول المسلمين وإيهامهم أن نبوته لا تتعارض مع القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم، مستعملاً في ذلك شتى أنواع التأويلات الباطنية للتمويه والتعميم على نبوته الجديدة، وقد رصد العلماء كل تلك المفاهيم والتأويلات الباطلة، وكانت هذه المواقف تمثل البدايات الأولى لظهور الغلام، ولكن بعد مدة من الزمن، وبعد أن اشتد طمعه في إثبات النبوة له تمرد وعتا وادعى هو وجماعته بكل وضوح أن النبوة لا تزال ولن تزال أبداً تحل بأشخاص وتنتهي عن أشخاص دون انقطاع، وأن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم، وركبوا لذلك كل صعب وذلول، ولم يكترثوا بأن هذا كفر صريح بما جاء في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، وبدلاً من أن يرجعوا إلى الحق أخذوا يتفننون في بيان مفهوم ختم النبوة على معان مختلفة وتأويلات ملفقة، منها:

1. أن الله تعالى حين يكرم أحداً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويوصله إلى درجة الوحي والإلهام والنبوة فإنه-ومع تسميته نبياً- لا يتعارض هذا المفهوم-مع مفهوم ختم النبوة- إذ إن الشخص لا يزال من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ومن أتباعه، ولكن ينتقض هذا المفهوم إذا ادعاه شخص من غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فحينئذ يتعارض قوله تماماً مع ختم النبوة.

2. أن معنى القول بختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم: ((أنه قد تمت عليه كمالات النبوة وأنه لا يأتي بعده رسول ذو شريعة جديدة، ولا نبي من غير أمته)).

3. أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم هو صاحب الفيوضات الكمالية التي لم يعطها أحد غيره؛ ولذلك سمي بخاتم النبيين ((أي أن إطاعته تمنح كمالات النبوة، وأن التفاته الروحي يصنع الأنبياء)).

حقا لقد كفر القاديانيون-وبكل جرأة- بما جاء عن الله في كتابه الكريم، وفيما قررته السنة النبوية من ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وهي نصوص صريحة واضحة، تسلطت عليها الباطنية، من قاديانية وصوفية وبهائية، وغيرهم من فرق الضلال؛ فأولوها على حسب أهوائهم، بتأويلات في غاية الجهل والتكلف الشنيع، والله متم نوره ولو كره الكافرون.

فإن الله تعالى يقول: ? مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ? سورة الإحزاب: 40.

فالآية صريحة وواضحة في معناها وفي دلالتها على انقطاع النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير