تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الأمور التي قررها بشير محمود هو أن والده الميرزا هو المثل للمسيح المتوفى، وأن القول بنزول المسيح عيسى ابن مريم مرة ثانية إلى الدنيا يعتبر احتقاراً للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهضماً للقول بقدرة الله في إرسال الأنبياء والمصلحين؛ إذ كيف يضطر الله إلى إرسال ميت-حسب زعمه- من بني إسرائيل وأمة محمد صلى الله عليه وسلم موجودون، وهذا المفهوم مأخوذ عن ضميمة الوحي، حيث قال الغلام القادياني: ((ويدفنون خير الرسل في التراب ويُصْعِدون عيسى إلى السموات العلى فتلك إذا قسمة ضيزى يبصرون ثم لا يبصرون يرون الحق ثم يتعامون)).

4 - ادعاؤه النبوة:

وحينما وصل إلى الدرجة النهائية لتدرجه إلى مقام النبوة صرح بآخر تفاصيل الخطة، وأزاح الضباب الذي جعله سابقاً غطاء للوصول إلى هذه الدرجة التي أعلن فيها نبوته، وصال وجال وتحدى الناس وراهن على صدق نبوته وصدق نفسه أنه نبي، ومن هنا انطلق آخذاً في اعتباره أن يغطي الإسلام برداء نبوته الجديدة، وأن يتحول المسلمون على مر الزمن من الإسلام الذي ارتضاه الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه إلى يوم القيامة-أن يتحولوا إلى القاديانية فتصبح قاديان بدلاً من مكة والمدينة وبيت المقدس أيضاً، وتنتقل مهوى الأفئدة إلى قاديان، ويصبح زيارة مسجد القادياني والسلام على القادياني بدلاً عن زيارة المسجد النبوي والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتصبح تعاليم القادياني بديلة لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية إلى آخر ما كان يهدف إليه، وفي ظني أن المنية عاجلته قبل أن يكمل المخطط تماماً، ولربما لو امتدت به الحياة بعد تلك الفترة التي قضاها لكان له شأن آخر.

لقد كان القادياني لبقاً في إبداء فكرته، يمشي خطوة خطوة وينتقل من مرحلة إلى مرحلة، فبدأ يتكلم عن الإلهام والعلم الباطني والعلم اليقيني كمنزلة طبيعية يصل إليها الإنسان بلزوم متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والاضمحلال فيه على طريقة الصوفية، ويتكلم عن صفات النبوة والنبي الذي يجمع هذه الخصائص وإمكان ذلك.

ولعله كان يدرس الأحوال ويتأكد من جود المحيط المناسب لهذه الدعوى الكبيرة التي ستحدث الضجة العظيمة التي كان يترقبها في المجتمع الإسلامي حين إعلانها. وقد حدث الحادث المرتقب عام 1900م حينما ألقى إمام مسجده-ويسمى عبد الكريم- خطبة الجمعة معلناً فيها أن الغلام صار نبياً رسولاً؛ لا يؤمن بالله من لا يؤمن به. وحصلت المفاجأة واندهش المصلون لهذا الحدث الغريب، وحصل الجدال والنقاش بين هذا الخطيب وبين المسلمين الذين ما كانوا يعرفون عنه إلا أنه عالم ومجدد وداعية إلى الإسلام ومناظراً لخصومه.

فعاد عبد الكريم وألقى خطبة أخرى في هذا المعنى في الجمعة الثانية، والتفت إلى الغلام أحمد وقال له: ((أنا أعتقد أنك نبي ورسول فإن كنت مخطئاً نبهني على ذلك، ولما قضيت الصلاة وهمّ الميرزا بالانصراف أمسك الخطيب عبد الكريم بذيله وطلب منه توضيح هذا الأمر، فأقبل إليه الميرزا قال: ((هذا الذي أدين به وأدعيه) فارتفعت الأصوات بالنقاش فخرج الميرزا من بيته وقال: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ?.

ومن هنا شمر عن ساعد الجد في دعوى النبوة بل وتحدى على ذلك، وأنه نبي مرسل من الله صاحب شريعة، وكفّر جميع من لا يؤمن به وأثبت لنفسه أنه رسول من الله، وأنه نبي سماه الله بذلك حسب قوله: ((سماني الله نبياً تحت فيض النبوة المحمدية، وأوحى إليّ ما أوحى)).

وبعد أن صرح بالنبوة أخذ يتدرج أيضاً في تلطفه مع المخالفين إلى أن جاء الحكم الأخير عليهم بالكفر والنار فبدأ بالقضية هكذا: كل من لا يؤمن بنبوة الغلام ويكفر به يستوجب العقاب إلى حد ما، ولا يكون الإنسان كافراً أو دجالاً لأجل إنكاره لدعواه، إلا أنه يكون ضالاً منحرفاً عن جادة الصواب، ويكون فاسقاً وجاهلاً جهلاً محضاً ... إلى آخر ما وصف به مخالفيه في هذه الفترة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير