قال الله عز و جل (ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي) وقال (ثم استوى إلى السماء وهي دخان)
(فأوردتهم ماء بفيفاء قفره ... وقد حلق النجم اليماني فاستوى)
وقال عز و جل (ءأمنتم من في السماء) على السماء
كما قال (في جذوع النخل) أي عليها
وقال (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه)
وقال (ذى المعارج) والعروج الصعود
وهذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة وقد أوضحنا فساد ما ادعوه من المجاز فيها في التمهيد وذكرنا الحجة عليهم بما حضرنا من الأثر من وجوه النظر هناك بباب فيه كتاب مفرد والحمد لله.
ومحال أن يكون من قال عن الله ما هو في كتابه منصوص مشبها إذا لم يكيف شيئا وأقر أنه ليس كمثله شيء
ومن الحجة فيما ذهبت إليه الجماعة أن الموحدين من العرب والعجم إذا كربهم أمر أو دهمهم غمر أو نزلت بهم شدة رفعوا أيديهم إلى السماء يستغيثون ربهم ليكشف ما نزل بهم ولا يشيرون بشيء من ذلك إلى الأرض
ولولا أن موسى (عليه السلام) قال لهم إلهي في السماء ما قال فرعون (يهمن بن لى صرحا لعلى أبلغ الأسبب أسبب السموت فأطلع إلى إله موسى) " ا. هـ
وقال ابن عبد البر عن التجلي وهو صفة لله:
" وفي قول الله عز و جل: (فلما تجلى ربه للجبل) دلالة واضحة أنه لم يكن قبل ذلك متجليا للجبل وفي ذلك ما يفسر معنى حديث التنزيل ومن أراد أن يقف على أقاويل العلماء في قوله عز و جل فلما تجلى ربه للجبل فلينظر في تفسير بقي بن مخلد ومحمد بن جرير وليقف على ما ذكرا من ذاك ففيما ذكرا منه كفاية وبالله العصمة والتوفيق " ا. هـ
وقال في التمهيد:
" وأما احتجاجهم لو كان في مكان لأشبه المخلوقات لأن ما أحاطت به الأمكنة واحتوته مخلوق!!
فشيء لا يلزم ولا معنى له لأنه عز و جل ليس كمثله شيء من خلقه ولا يقاس بشيء من بريته لا يدرك بقياس ولا يقاس بالناس لا إله إلا هو كان قبل كل شيء ثم خلق الأمكنة والسموات والأرض وما بينهما وهو الباقي بعد كل شيء وخالق كل شيء لا شريك له وقد قال المسلمون وكل ذي عقل أنه لا يعقل كائن لا في مكان منا وما ليس في مكان فهو عدم " ا. هـ
ثم قال:
" فإن قيل: فهل يجوز عندك أن ينتقل من لا مكان في الأزل إلى مكان قيل له أما الإنتقال وتغير الحال فلا سبيل إلى إطلاق ذلك عليه لأن كونه في الأزل لا يوجب مكانا وكذلك نقله لا يوجب مكانا وليس في ذلك كالخلق لأن كون ما كونه يوجب مكانا من الخلق ونقلته توجب مكانا ويصير منتقلا من مكان إلى مكان والله عز و جل ليس كذلك لأنه في الأزل غير كائن في مكان وكذلك نقلته لا توجب مكانا وهذا ما لا تقدر العقول على دفعه ولكنا نقول استوى من لا مكان إلى مكان ولا نقول انتقل وإن كان المعنى في ذلك واحدا ألا ترى أنا نقول له العرش ولا نقول له سرير ومعناهما واحد ونقول هو الحكيم ولا نقول هو العاقل ونقول خليل إبراهيم ولا نقول صديق إبراهيم وإن كان المعنى في ذلك كله واحدا لا نسميه ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى به نفسه على ما تقدم ذكرنا له من وصفه لنفسه لا شريك له ولا ندفع ما وصف به نفسه لأنه دفع للقرآن " ا. هـ
ـ الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة
قال في كتاب الرد على الجهمية:
" ذكر ما يستدل به من كلام النبي صلى الله عليه و سلم على أن الله جل وعز خلق آدم عليه السلام بيدين حقيقة " ا. هـ
وإثبات اليدين على الحقيقة يضاد التفويض
وقال رحمه الله في الرد على الجهمية:
" ومعنى وجه الله عز و جل ها هنا على وجهين:
أحدهما وجه حقيقة والآخر بمعنى الثواب.
فأما الذي هو بمعنى الوجه في الحقيقة ما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم في حديث أبي موسى وصهيب وغيرهم مما ذكروا فيه الوجه وسؤال النبي صلى الله عليه و سلم بوجهه جل وعز واستعاذته بوجه الله وسؤاله النظر إلى وجهه جل وعز وقوله صلى الله عليه و سلم لا يسأل بوجه الله وقوله أضاءت السماوات بنور وجه الله وإذا رضي عز و جل عن قوم أقبل عليهم بوجهه جل وعز وكذلك قول الله جل وعز إلى ربها ناظرة القيامة وقول الأئمة بمعنى إلى الوجه حقيقة الذي وعد الله جل وعز ورسوله الأولياء وبشر به المؤمنين بأن ينظروا إلى وجه ربهم عز و جل
¥