تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أحمد الكندري]ــــــــ[25 - 12 - 09, 03:53 م]ـ

حياك الله أخي الكريم وآسف على الرد المتأخر

أما بالنسبة لطلبك، فإنني أنقل لك عبارة المؤلف في هذا حيث قال: (وأما بالنسبة لرجوعه عن غلوه في التصوف - يعني الغزالي-، أو عدم رجوعه فقد قرر بعض العلماء أن الغزالي رجع عن تلك الأقوال الصوفية، إلا أن بعضهم شكك في رجوعه وتوبته، ومن هنا يقول عبد الرحمن الوكيل:

"يحاول السبكي في كتابه طبقات الشفاعية تبرئة ساحة الغزالي بزعمه أنه اشتغل في أخريات أيامه بالكتاب والسنة ونحن نسأل الله أن يكون ذلك حقاً، ولكن لا بد من تحذير المسلمين جميعاً من تراث الغزالي، فكل ما له من كتب في أيديهم تراث صوفي ولم يترك لنا في أخريات أيامه كتاباً يدل على أنه اشتغل بالكتاب وبالسنة").

وقال المؤلف أيضا: (من أقوال الغزالي في وحدة الوجود كما جاءت في كتابه إحياء علوم الدين قوله في ثنايا بيانه لما سماه مراتب التوحيد ……

"والثانية: أن يصدق بمعنى اللفظ قلبه كما صدق عموم المسلمين، وهو اعتقاد العوام.

والثالثة: أن يشاهد ذلك بطريق الكشف بواسطة نور الحق، وهو مقام المقربين، وذلك بأن يرى أشياء كثيرة ولكن يراها على كثرتها صادرة عن الواحد القهار.

والرابعة: ألا يرى في الوجود إلا واحداً، وهي مشاهدة الصديقين وتسمية الصوفية الفناء في التوحيد؛ لأنه من حيث لا يرى إلا وحداً فلا يرى نفسه أيضاً، وإذا لم ير نفسه لكونه مستغرقاً بالتوحيد كان فانياً عن نفسه في توحيده بمعنى أنه فنى عن رؤية نفسه والحق".

وفي هذا التعبير أمور تدل على وحدة الوجود، وذلك فيما يلي:

1 - وصفه لعموم المسلمين بأنهم عوام في الاعتقاد، ويقصد به العقيدة السهلة الواضحة التي جاء بها الإسلام.

2 - في تقريره أن الذي يشاهد تلك الأمور عن طريق الكشف يراها كلها صادرة عن فاعل واحد هو الله تعالى، وأنها عبارة عنه على ما فيها من خير وشر.

3 - قوله: لا يرى في الوجود إلا واحداً، هذا هو عين القول بوحدة الوجود.

وعندما أورد استشكالاً قد يرد في الذهن، وهو قوله: "فإن قلت كيف يتصور ألا يشاهد إلا واحداً، وهو يشاهد السماء والأرض وسائر الأجسام المحسوسة وهي كثيرة فكيف يكون الكثير واحداً؟

ولا شك أن هذا الاستشكال وارد، وهو استشكال قوي جداً ويحتاج إلى جواب شاف، فبماذا أجاب الغزالي عن هذا؟ أجاب عن إيراد هذا السؤال بقوله:

"فاعلم أن هذه غاية علوم المكاشفات وأسرار هذا العلم، لا يجوز أن تسطر في كتاب، فقد قال العارفون: إفشاء الربوبية كفر".

وهذا الجواب فيه اتهام لله بالتقصير في بيان أمر التوحيد؛ حيث لم يبينه الله تمام البيان، ولا بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يعرفه أحد إلا أرباب الكشف الصوفي الذين يعرفون كل تفاصيل التوحيد إلا أنهم لا يحبون إفشاء سر الربوبية؛ لأنه يؤدي إلى الكفر حسب هذا الزعم، والواقع أنه قد صدق، فإن هذا التوحيد الذي لا يعرفه إلا أصحاب الكشف هو نفسه التوحيد الذي لا يفرق بين الخالق والمخلوق وهو أمر لا يقر به أحد من المسلمين.

أما الجواب الثاني فهو مثل ضربه يفيد أنه قد يحصل تعدد أشياء في شيء واحد دون فارق بينهما؛ وذلك كالإنسان وأعضائه فهو إنسان واحد ولكن له أعضاء كثيرة؛ روحه وجسده وأطرافه وعروقه وعظامه وأحشاؤه، وهو باعتبار آخر ومشاهدة أخرى واحد أي إنسان.

وهذا الجواب أردأ من الذي قبله، يريد أن يثبت لنا القول بوحدة الوجود قياساً على الوحدة المتكاملة بين الإنسان وأعضائه، وأراد من هذا أيضاً جعله هذه الأوصاف هي نفسها الفناء في التوحيد حسب ما أورده عن موقف جرى بين الحلاج والخواص.

حيث رأى الخواص يدور في الأسفار فقال: في ماذا أنت؟ فقال: أدور في الأسفار لأصحح حالتي في التوكل، فقال الحسين – الحلاج-: قد أفنيت عمرك في عمران باطنك فأين الفناء في التوحيد؟ فكأن الخواص كان في تصحيح المقام الثالث فطالبه بالمقام الرابع.

أي أن الحلاج كان في المقام الثالث أو الرتبة الثالثة في التوحيد، وهي أنه يرى الأشياء هي نفسها "الله"، ولكن بطريق الواسطة والكشف فطالبه الخواص – والغزالي لإقراره كلام الخواص – بأن يرتقي إلى الدرجة الرابعة في تحقيق التوحيد، وهي أن لا يرى في الوجود إلا واحداً وهي (الفناء في التوحيد) بدون واسطة ولا كشف وبها يتحقق التوحيد). انتهى كلام المؤلف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير