تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"والرد على المتبدعين في العبادات": أي المبتدعين في باب الأوامر، فإذا قدَّم أحد عقله على كتاب الله في باب الأوامر التكليفية فسيبتدع في دين الله.

"والمخالفين في الاعتقادات بالأدلة النقلية والعقلية "

وقد اخترت هذا التعريف من مجموع تعريفات كثيرة جداً تحدث عنها المتكلمون وكثير ممن خاضوا في علم الكلام، ولكننا أردنا التعريف المعبِّر فعلاً ويتطابق صدقاً مع واقع الحال الذي كان عليه أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

• المصطلحات التي تدل على علم التوحيد.

نتحدث الآن عن المصطلحات التي أُطلقت على علم التوحيد عبر التاريخ الإسلامي، بحيث أنك لو قرأت في كتاب أو سمعت هذا الاصطلاح تعلم أن المقصود هو علم التوحيد.

هل علم التوحيد كان معروفاً كعلمٍ في أيام الصحابة والتابعين؟، إنك تجد من يقول: هذه العلوم كعلم الحديث وعلم الفقه وأصول الفقه وعلم التفسير وعلم القراءات لم تكن معروفة على أيام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فلماذا نحتاج لها؟

نقول: جميع العلوم جاءت بعد عصر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لكن لها أصول دعا إليها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فلا بد لكل علم من العلوم أن نرى مستنده الشرعي، فهل هناك مستند ورد في الوحي يدعونا إلى أن ننشئ علماً كاملاً ونقوم على خدمته تحت مسمى علم التوحيد أو علم الفقه أو علم الحديث؟ فمن المهم أن نعرف أصل هذه العلوم، وهل هناك مستندٌ شرعي يُجوِّز لنا أن نقوم في الدين بهذا العلم ونُنشئه؟ فتجد من يقول: "هذه العلوم التي تتحدثون فيها مستحدثة، فمن الذي قال بأن التوحيد نوعان أو ثلاثة؟ لم يكن الصحابة يعرفون هذا".

ولذلك فإننا سنبحث في الشرع عن المستند الشرعي الذي يُخولنا في أن ننشئ علماً كاملاً نخدم به كتاب الله عز وجل، فقد بحثت في كل العلوم فوجدت بأن لها أصلاً في الشرع كما سنرى، فما هو مستند علم التوحيد؟

النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: "إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى".

فمعاذ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - سيذهب ليدعوهم إلى علم التوحيد، فيجب أن يكون معاذ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - مؤهلاً وعلى قمة العلم الذي يستطيع أن يدعو به هؤلاء، خصوصاً أنه سيذهب إلى قوم من أهل الكتاب،إذاً، هو 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - خبير في علم التوحيد، وإلا لما أرسله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والنص هنا على علم التوحيد بالاسم، والمقصود هنا بالتوحيد توحيد العبادة، ففي رواية قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى"، وفي رواية أخرى: " فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله "، فنفهم من مجموع الروايتين أن المقصود هنا توحيد العبادة، ويتبين من ذلك أن مصطلح توحيد العبادة كان معروفاً على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

فمصطلح توحيد العبادة لم يُنشئه محمد بن عبد الوهاب أو ابن تيمية كما يقولون، وإنما هو نص نبوي، فمن قال بأن توحيد العبادة لم يكن معروفاً عند السلف الصالح فقد أخطأ، فالإمام البخاري رحمه الله تعالى أفرد باباً في الصحيح في كتاب التوحيد قال فيه: (باب ما جاء في دعاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى)، فلو قام أناس خدموا علم التوحيد وتوحيد العبادة وتحدثوا عنه بكل ما استطاعوا، فالذي دعاهم إلى ذلك هو رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وأما علم الحديث والجرح والتعديل والحفاظ على سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والتثبت من نقلها برواية العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة، هل له مستند شرعي؟

نقول: علم الحديث أنشأوه اسماً ورَسماً عملاً بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حدثوا عني ولا حرج"، فلما يقوم العلماء بوضع علم لنقل الحديث عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وضبطه فلهم مستند شرعي، فالذي جوَّز لهم هذا هو رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير