وأما علم الفقه فموجود مستنده في الدين، فقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"، فالفقه في الدين له مستند شرعي، والله سبحانه وتعالى يقول: (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة:122) فعلم الفقه وأصول الفقه علم شرعي وله مستند شرعي موجود في الشرع.
وأما بالنسبة لعلم اللغة فالله تعالى يقول: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً) (يوسف:2) فيجب أن نتعلم اللغة العربية التي نفهم بها كلام الله عز وجل.
إذاً، جميع العلوم الشرعية لها مستند شرعي إلا علم التصوف، وقد صنفت كتاباً اسمه "التصوف، هل له أصل في الكتاب والسنة؟ " فهل هناك نص عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دعا فيه إلى التصوف؟
هناك عدة أقوال في أصل كلمة التصوف:
1. قالوا بأنها نسبة إلى الصوف
والصوف لم يكن أحب الثياب إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وإنما كان أحب الثياب إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحبرة، وهي بردة مصنوعة من القطن أو الكتان.
2. قالوا بأنها نسبة إلى الصف الأول
مع أن الصوفية يقولون بأنه من آدابهم أنهم لا يحبون الصلاة في جماعة ولا الصلاة في الصف الأول، وهذا هو نص كلامهم في كتاب اللمع للسراج الطوسي، فلماذا لا يحبون الصلاة في الصف الأول؟
يقولون لأن الناس تزدحم للصلاة في الصف الأول طلباً للأجر والعوض، وهم يعبدون الله لا طمعاً في جنته ولا خوفاً من ناره.
3. قالوا بأنها نسبة إلى الصفاء والنقاء
نقول: لو كانت كذلك لكانت النسبة: "صافيّ" وليس "صوفي".
4. قالوا بأنها نسبة إلى أهل الصفة
نقول: لو كانت كذلك لكانت النسبة: "صُفِّي" وليس "صوفي".
فالعلم الوحيد الذي ليس له مستند شرعي هو علم التصوف، فلو قالوا: هو علم الأخلاق، نقول: لماذا قلنا إذاً بأنه علم التصوف ولم نقل بأنه علم الأخلاق، ولو قالوا: الصوفية هم أهل الإحسان، نقول: الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، وأهل الإحسان الذين وصلوا للدرجات العليا لم يسمهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صوفية.
ومن أراد المزيد حول هذا الموضوع فليرجع إلى كتاب: "التصوف، هل له أصل في الكتاب والسنة؟ "، ففيه بسط وشرح لهذا الموضوع.
ما هي أبرز المصطلحات التي أطلقت على علم التوحيد؟
1. علم التوحيد
وقد تتابع أهل العلم عبر القرون المختلفة على التأليف في هذا الفن تحت مصطلح التوحيد سواء كانوا من السلفيين أو ممن خالفهم من المتكلمين، ومن أمثلة ذلك:
• الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت:311) ألف كتاباً على نهج السلف الصالح عنون له: (كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب سبحانه وتعالى)
وسنة 311 هجرية كان متواجد فيها آثار مذهب المعتزلة، فالمعتزلة كانوا مسيطرين على البلاد الإسلامية، واستمر أثر المعتزلة، وكان أول أصولهم هو "التوحيد" الذي خالفوا به منهج السلف الصالح، فرد عليهم السلف الصالح، ولذلك قال ابن خزيمة رحمه الله تعالى: "كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب سبحانه وتعالى"، فليس التوحيد هو نفي صفات الرب، فصنف ابن خزيمة هذا الكتاب للرد على المعتزلة.
• وكتب أبو منصور الماتريدي (ت:333) كتابا سماه: (التوحيد) وانتهج فيه طريقة المتكلمين الذين يقدمون العقل في إثبات الحجج والبراهين، وهذا الكتاب لا يقرأ فيه طالب العلم إلا بعد أن يدرس أصول الاعتقاد.
وقد بقي اصطلاح (علم التوحيد) دائراً بين المتقدمين والمتأخرين إلى عصرنا الحاضر، وتجدر الإشارة إلى كتابين أُلفا تحت ذلك الاصطلاح في القرنين الماضيين، وهما:
• (كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد) للشيخ محمد بن عبد الوهاب (ت:1206)
• رسالة التوحيد للشيخ محمد عبده (ت:1323)، وهو على المذهب الأشعري.
فبقي اصطلاح علم التوحيد من أيام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حتى الآن.
2. علم العقيدة:
العقيدة هي الأساس الذي يحرك أي إنسان وأي أمة، فالذي يحرك الشعوب علم العقيدة، فإما أن يتحرك الإنسان على عقيدة صحيحة، وإما أن يتحرك على عقيدة الجهل والهوى.
¥