تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

_ والطائفة الثانية: قالت: _موافقة على المقدمة الأولى_: إنّ الجسم لا يخلو من كل جنس من أجناس الأعراض، فخالفوا أقوال الطائفة الأولى، لأن كل فريق ألزم الجسم أنواعا محددة من الأعراض، وكذا قولهم_ وهي المقدمة الثانية للطائفة الثانية_: إنّ العرض لا يبقى زمانين كثير من العقلاء قالوا: إنّ هذا باطل ضرورة.

_ وفي المقدمة الثانية وهي قولهم: ما لم يخلو من الحوادث فهو حادث. فقد تنوعت عباراتهم فيها:

_ فتارة يقولون مالم يخلو من الحوادث لم يسبقها، ومالم يسبق الحوادث فهو حادث.

_ وتارة يقولون: ما لم يسبق الحوادث _ أو ما لم يخلو منها_ لا يكون إلا معها أو بعدها، وما لا يكون إلا مع الحوادث أو بعدها فهو حادث.

ثم بعض هؤلاء: لا يقرر هذه المقدمة بناء على ظهورها لأنهم يفخمون من الحوادث أنّ جملتها حادثة بعد أن لم تكن.

_ وفريق منهم: انتبه إلى أنّ الدليل لم يستكمل بعد، لأنّ ما ذكروه من الدليل لم يدل إلا على أنّ الأجسام مقارنة لجنس الحوادث، فإذا قدر أنّ الحوادث دائمة، توجد شيئا بعد شيء دائما لم يلزم أن يكون ما لم يسبقها حادثا, فلهذا صار كثير منهم يحتاجون إلى بيان امتناع حوادث لا أول لها.

ومن هذا العرض لأقوال هؤلاء حول دليلهم الذي زعموا أنه لا يمكن إثبات الصانع إلا به، والتزموا لأجله لوازم باطلة خالفوا بها الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة_ من هذا العرض يتبين أنهم لم يتفقوا على مقدمة واحدة من مقدمات دليلهم:

_ فاختلفوا في الصفات هل هي أعراض فيحب نفيها، أو ليست بأعراض، فذهبت المعتزلة إلى أنّ الصفات أعراض فيجب نفيها عن الله تعالى، لأن ما قامت به الصفات قامت به الأعراض، وما قامت به الأعراض فهو حادث، فجاءت الكلابية والأشاعرة _ الذين تلقفوا هذا الدليل من المعتزلة_ فقالوا بإثبات الصفات، وقالوا لا نسميها أعراضا، لكن الصفات الاختيارية حوادث فيجب نفيها طردا لهذا الدليل.

_ واختلفوا في الأعراض والحوادث هل تكون شاملة أو مخصوصة بأنواع منها.

_ واختلفوا في الجوهر الفرد.

_ واختلفوا هل العرض يبقى زمانين أم لا ..

و من عجيب أمر القوم أنهم _ علاوةً على اختلافهم واضطرابهم فيه_ قد صرّح بعضهم ببطلان مسالك أئمتهم في تقرير هذا الدليل وبيّنوا فساده وصعوبته وطول مقدماته ..

1_ قال الغزالي:" فليت شعري متى نقل عن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ أو عن الصحابة _ رضي الله عنهم _ إحضار أعرابي أسلم، وقوله له: الدليل على أنّ العالم حادث: أنّه لا يخلو من الأعراض، وما لم يخلو عن الحوادث فهو حادث .. " (فيصل التفرقة: ص127، 202، 203)، فالغزالي بهذا الكلام ينسف بنيان أصحابه متسائلا في إبطاله أنه لو كان واجبا _ كما يزعمون _ لبلّغه رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ فيما بلغ 2_ وقال الآمدي: وقد عرض لهذا الدليل وأبطله بقوله: "وهو عند التحقيق سرابٌ غير حقيقة" (غاية المرام: ص260)؛ وقد ضعّف جميع أدلة أصحابه في مسألة حلول الحوادث واحداً تلو الآخر. (أنظر: غاية المرام ص187_191)؛ وإن كان قد رجح نفيها بدليلٍ اختاره وهو قولهم: أنّ الجسم لا يخلو من كل جنس من أجناس الأعراض وقالوا: إنّ القابل للشيء لايخلو عنه وعن ضده، ثم قالوا: والعرض لا يبقى زمانين، فتكون الأعراض كلها حادثة شيئا بعد شيء، والأجسام لا تخلو منها. (انظر: المصدر نفسه ص191)؛ والرازي وأمثاله لم يعتمدوا هذا المسلك، لأنه مبني على أنّ الأعراض ممتنعة البقاء، وهذه مقدمة خالف فيها جمهور العقلاء، وقالوا: إنّ قائليها مخالفون للحس ولضروة العقل، فرأى أنّ الاعتماد عليها في حدوث الأجسام في غاية الضعف: (أنظر: درء التعارض2/ 389_390، ومجموع الفتاوى 5/ 215_ 216)؛ والآمدي بدوره قدح في الطرق التي اعتمد عليها الرازي كلها. (أنظر: درء التعارض 4/ 267_268، شرح الأصفهانية ص (88) ت: السعوي، ومجموع الفتاوى 12/ 140_141)، وكذلك الأرموي قدح في طرق الرازي كلها، فقد ذكر الرازي خمسة براهين على حدوث العالم، طعن الأرموي في كل واحد منها؛ (أنظرها مع قدح الآرموي فيها في: درء التعارض، البرهان الأول:2/ 344)، والثاني:3/ 3_4، والثالث:3/ 4_8، والرابع:3/ 8_18، والخامس:3 _18_23)؛ وقال شيخ الإسلام معقبا:3/ 23 "والمقصود هنا أنّ هذه البراهين الخمسة التي احتج بها على حدوث الأجسام قد بيّن أصحابه المعظمون له ضعفها، بل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير