تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هو نفسه _ أي الرازي _ أيضا بيّن ضعفها في كتب أخرى مثل: المطالب العالية، وهي آخر ما صنفه، وجمع فيها غاية علومه، والمباحث المشرقية، وجعل منتهى نظره وبحثه تضعيفها" اهـ

وقد انتقد دليل الأعراض وحدوث الأجسام العديد من أئمة الأشاعرة غير هؤلاء (أنظر: مجموع الفتاوى 5/ 543_ 544)، درء التعارض: 7/ 288، 211، 312)

قلت: فهذه نماذج من أقوال متقدمي الأشاعرة ومتأخريهم تبيّن كيف أنّ هؤلاء الأعلام انتقدوا هذا الدليل الذي جعله كثير منهم الأساس الذي يقوم عليه دين الإسلام.

ومما لا يكاد يقضى منه العجب أنهم رغم تبجحهم بدليلهم هذا، وجلعهمإياه الأساس في معرفة الصانع، وسلِّهِم سيفَ التكفير والتبديع على من خالفهم فيه، أنهم همأنفسهم – وبإقرار كبيرهم وفخر دينهم الرازي – يلزمهم القولُ بحلول الحوادث!! فقد سطّر الحافظ اعتراف الفخر الرازي في المطالب العالية بأن قول من قال: "إنه تعالى متكلم بكلام يقوم بذاته وبمشيئته واختياره هو أصح الأقوال نقلاً وعقلاً" (فتح الباري 13/ 455).

وصرّح الرازي في (الأربعين في أصول الدين) بأن "أكثر العقلاء يقولون بقيام الحوادث بالرب وإن أنكروه باللسان _ فأبو علي وأبو هاشم من المعتزلة وأتباعهما قالوا بإرادة حادثة لا في محل. وأبو الحسين البصري يثبت في ذاته تعالى علوماً متجددة بحسب تجدد المعلومات.

_ والأشعرية يثبتون نسخ الحكم، ويثبتون للعلم والقدرة تعلقات حادثة.

_ والفلاسفة يقولون بأن الإضافات وهي القبلية والبعدية موجودة في الأعيان. فيكون الله مع كل حادث". ثم انتهى إلى القول:" وذلك الوصف الإضافي حدث في ذاته" (الأربعين في أصول الدين للرازي 118)

وبعد ... فهذا دليل الأشاعرة _الذي صدعوا به رؤوسنا _ قد تناوشته معاول الهدم والإبطال من داخل صفهم، وراغوا عليه ضربا باليمين إبطالا وإفسادا ..

ولسائلٍ أن يسأل الأشاعرة بعد ذلك:

بأي دليلٍ عطلّتم أفعال الله تعالى الدالة على كماله وعظمته؟

وبأي دليل رددتم ما يربوا على أكثر من ثلاثمائة دليل على إثبات أفعال الله تعالى القائمة بذاته المتعلقة بمشيئته واختياره؟

وبأي دليلٍ كفرّتم وبدّعتم مخالفيكم الذين لا ذنب لهم سوى إثباتهم ما أثبته الله لنفسه؟

سيجيب الأشعري بجوابه المشهور _ وليس في جعبته غيره _ أنّ هذه الأفعال حادثة ولو قامت به الحوادث لم يخلو منها وما لم يخلوا من الحوادث فهو حادث ...

فنقول حينئذ: هذه أقوال أئمتكم وكبراؤكم تنادي بإبطال هذا الدليل الذي اعتمدتموه، فهم أولُّ من ردّ هذا الدليل، وطعن به، وعابه، وبيّن فساده وبطلانه، وصعوبته، وكثرة مقدماته، ولوازمه الباطل ... بل صرّح كبيركم وفخركم أنّ إثبات الصفات الاختيارية يلزمكم لزوما لا محيد لكم عنه وإن كابرتم عقولكم وأنكرتموه بألسنتكم، فلا مناص لكم عن القول به حتى على أصولكم وقواعدكم كما حقق ذلك كبيركم وفخكم الرازي ..

فيا ليت شعري هل للأشعري بعد ذلك حجةٌ في إثبات دليلٍ هم أول من طعن به!! فضلا عن إقناع الآخرين به فضلا عن تكفير من لم يسلم له به!! (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور). وصلى الله على نبينا محمد وعلى لآله وصحبه وسلم. ويتبع إن شاء الله

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير