1 – طَائِفَةٌ جَافِيَةٌ مِن المُنْتسِبينَ على الإسلامِ، يزعمُون الولاءَ للمُؤمنِين والبَراءَ من الْمُشْركينَ حربًا للإنسانيَّةِ ومُعَاداةً للحياةِ المدَنيَّةِ؛ وهؤلاءِ إمَّا مغمُوسُون في النِّفاقِ، وإمَّا مِن جُهَّال المُسلمِين الذينَ لا يدرُون ما يخرُجُ مِن رؤُوسِهم -وإن تعلَّمُوا القراءَةَ والكتَابةَ؛ فإنَّ الكتَابةَ شَيءٌ والعلمَ شيءٌ آخرُ-.
وإنما أُتِي هؤلاء؛ مِن اتِّباعِهم لِدِينِ المَغضُوبِ علَيهِم والضَّالِّينَ.
2 – طَائِفَةٌ غَالِيَةٌ؛ خرجَت بهذا الأصْلِ العظيمِ مِن الدِّيانةِ عن مَخْرجِه الذِي تُوجِبُهُ الشَّريعةُ الغرَّاءُ إلى ما تُمْليهِ الآراءُ والأهوَاءُ، بأن يُدخِلَ العبدُ في هذه الْمَسائلِ ما ليسَ منهَا، أو يَجعلَ ما هو منها فوقَ ما رتَّبَتْهُ الشَّريعةُ.
1 – فَمِثَالُ الْأَوَّلِ (أن يُدخِلَ العبدُ في هذه الْمَسائلِ ما ليسَ منهَا): مَن يَزْعُم أنَّ مِن الولاءِ للمُؤمِنينَ أن لا تَتعرَّضَ لأحدٍ أخطأَ منهُم؛ وهذا مقَالٌ منقُوضٌ بما تقرَّر عندَ أهل العِلْمِ من أنَّ الردَّ على الْمُخالِفِ مِن أهل الإسْلَام أصْلٌ مِن أصولِ الدِّينِ.
قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (لَمْ يَزَلِ النَّاسُ يُخَالِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ).
2 – وَمِثَالُ الثَّانِي (أن يَجعلَ ما هو منها فوقَ ما رتَّبَتْهُ الشَّريعةُ): مَن يجعَلُ مِن الولاءِ الْمُطلَقِ للمُسْلمِين نُصْرةُ الْمَظلُومِ من الْمُسْلمِينَ في مُقابلِ عَدُوٍّ لغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلمِين مِيثَاقٌ معه بلَا قُدرَةٍ.
3 – طَائِفَةٌ أخذَت بالولاءِ والبراءِ؛ على ما تُوجِبُه الشَّريعةُ الغرَّاءُ، لا علَى ما تُمْليهِ الآراءُ والأهواءُ: فهُم يدِينُون للهِ بالولاءِ الْمُطلقِ للمُؤمنينَ، والبراءِ مِن الكفرَةِ والْمُشْركينَ، ويعْلَمُون أنَّ الْمؤمِنينَ أولياءُ اللهِ وأحِبَّاؤهُ، وأنَّ الكافرِين هم أعداءُ الله وخصُومه وهم الحزبُ الخاسِرونَ.
إلَّا أنَّهم يَجْرُون في أمْر الولاءِ للمُؤمنِين والبرَاءِ مِن الكافِرين كمَا بيَّنتْه الشَّريعةُ، فلا يزيدُون ولا يُنقِصون في هذا البابِ إلَّا بقَدْرِ ما جاءت به الشَّريعَةُ.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[05 - 11 - 10, 01:30 م]ـ
* فَائِدَةٌ 21: مِن أبوَابِ قَبولِ الأمرِ والنَّهيِ: أن يُقدَّمَ -بين يدَيْ هذا الأمْرِ والنَّهيِ- الدُّعاءُ للمأمُورِ والمَنْهيِّ.
* فَائِدَةٌ 22: الْحَنِيفِيَّةُ في الشَّرعِ تُطلق على مَعْنَيَينِ اثنَينِ:
1 – مَعْنًى عَامٌّ: وهو الإسلَامُ.
2 – معْنًى خَاصٌّ: وهو الإقبَالُ على اللهِ بالتَّوحيدِ والمَيْلُ عمَّا سِواهُ.
* فَائِدَةٌ 23: الْحَنِيفِيَّةُ: دِينُ جَمِيعِ الأنْبِيَاءِ؛ ولكِن أُضِيفت إلى إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليه السَّلامُ؛ لأنَّه أكْمَلُ الخلْقِ تحقِيقًا للتَّوحيدِ مع نبيِّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ وإِبْرَاهِيمُ: الأبُ، ومُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: الِابنُ؛ فاستَحَقَّ أن تُنْسَبَ إلى الأَبِ دُون الابْنِ؛ فيقال: مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ على جهةِ التَّشْريفِ له؛ وإن كانَت هي ملَّةَ الأنبيَاء جَميعًا.
* قال الشَّيْخُ صَالِحٌ الْعَصِيمِيُّ في الْقَرِيضِ الْمُبْدَعِ:
وَمِلَّةُ التَّوْحِيدِ نَصًّا تُنْسَبُ **** إِلَى الْخَلِيلِ جَدِّنَا وَتُعْرَبُ
أَنْ تَلْزَمَ الْإِفْرَادَ بِالتَّمْجِيدِ **** للهِ رَبِّ الْعَرْشِ وَالْعَبِيدِ
فَتَعْبُدَ الْإِلَهَ بِالْإِخْلَاصِ **** مُسْتَمْسِكًا بِعُرْوَةِ الْخَلَاصِ
لِأَجْلِ ذَا بْرَاهِيمُ بِالْحَنِيفِ **** مُلَقَّبٌ مَعْ تَابِعٍ شَرِيفِ
* فَائِدَةٌ 24: يُطلقُ التَّوْحيدُ في الشَّرعِ على معنَيَينِ:
1 – مَعْنًى عامٌّ: وهو إفرَادُ الله بحقُوقِه، وحقوقُ الله ثلاثةٌ:
الْأَوَّلُ: حقُّ الرُّبوبِيةِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ)
الثَّانِي: حقُّ الألُوهيَّةِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: (فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ).
الثَّالِثُ: حقُّ الْأَسْماءِ والصِّفاتِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَللهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا).
¥