* فَائِدَةٌ 56: كان أهلُ العلمِ إذا ختمُوا الكتابَ، وتبيَّن لهم فَوْتٌ لم يقرؤُوه؛ رجَعُوا إلى قرَاءتِه.
وَمِنْ طَرِيفِ مَا يُذْكَرُ: ما اتَّفقَ مِن هذا لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ؛ أنَّه قرأ صَحِيحَ مُسْلِمٍ على بعضِ الحُفَّاظِ، فلمَّا انتهَى منهُ كان بعْضُ مَن حَضرَ الكتابَ إلى آخرِه قد فاتَهُ شيءٌ يسِيرٌ مِن أوَّله، فرَغِبُوا مِن الْحَافِظِ أن يُعِيدَ قراءتَه، فأعَاد؛ فلمَّا فرغَ منه طلَبَ آخرُ فاتَهُ شَيءٌ يسِيرٌ أن يُعيدَه؛ قال الْحَافِظُ: فانتَهتْ قرَاءتِي حِينَئذٍ إلى قولِ الأعْرَابيِّ في كِتَابِ الْإِيمَانِ مِن صَحِيحِ مُسْلِمٍ: (وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْقُصُ)، فطلب بَعضُ الحاضِرينَ مِن الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ أن يُواصلَ قِراءتَه لأجْل فَوْتٍ فاتَهُ، فقال: (وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْقُصُ).
* فَائِدَةٌ 57: الْإِحْسَانُ: إتقَانُ الباطِنِ والظَّاهرِ بعبَادةِ اللهِ في مقَامِ الْمُشَاهدَةِ أو الْمُراقَبةِ.
* فَائِدَةٌ 58: القدْرُ الواجِبُ مِن معرفةِ دِين الإسلَامِ يرجِعُ إلى ثلاثةِ أصُولٍ:
الْأَصْلُ الْأَوَّلُ: الِاعْتِقَادُ؛ وجِمَاعُهُ: أصُولُ الإيمانِ السِّتةِ.
الْأَصْلُ الثَّانِي: التَّرْكُ؛ وجِمَاعهُ: أصُولُ المحرَّماتِ، وهيَ الخمْسُ الكبرى التِي اتَّفقت عليها الْمِلَلُ جميعًا، وهي: الفوَاحشُ والإثمُ والبغيُ والشِّركُ والقولُ على اللهِ بغير علمٍ.
الْأَصْلُ الثَّالِثُ: الْفِعْلُ؛ وفعلُ العبدِ نوعانِ:
1 – فِعْلُهُ مع ربِّه، وجِمَاعُه: شرَائعُ الإسلامِ الظَّاهرةِ اللَّازمةِ له؛ كالطَّهارةِ والصَّلاة والصِّيامِ.
2 – فِعْلُه معَ غيرِه، وجِمَاعهُ: آدابُ المُعاشَرةِ والْمُعامَلةِ مع الْمَخلُوقِينَ.
* وتفصِيلُ كلِّ ما يجِبُ على كلِّ واحدٍ مِن النَّاس: اختلَفَ فيه أهلُ العلمِ اختِلافًا كثِيرًا، ويَعْسُر ضبطُه لاختلافِ النَّاس في أسبَابِ إيجَابِ العلمِ -كما ذكَر ابْنُ الْقَيِّمِ في مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ-.
ولكنْ؛ ضابِطُ العلمِ الواجبِ هو أنَّ كلَّ ما وجَبَ على الْمُسْلم ِالعَملُ به يَجبُ عليهِ أن يُقدِّم العلمَ به؛ كما اختَارهُ الْقَرَافِيُّ في الْفُرُوقِ، وابْنُ الْقَيِّمِ في مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ، ومُحَمَّدُ عَلِي بْنُ حُسَيْنٍ الْمَالِكِيُّ في تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ.
* فَائِدَةٌ 59: لنَبيِّنا مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أسماءٌ كثِيرةٌ؛ وكثرَةُ الأسماء دالة على شرف المسمى، فكان من شرَفِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أن يكُونَ له مِن الأسماءِ ما ليسَ لغيرِهِ مِنَ الأنبِياءِ فَضْلًا عمَّن دُونَهُم مِن الخلقِ.
وقَد أُفردَ سَرْدُ أسمَائه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بمصنَّفاتٍ عدَّةٍ، منها: كِتَابٌ لِلْعَلَّامَةِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، اللغَويِّ المشهُورِ.
* فَائِدَةٌ 60: أشْهَرُ أسمَاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وأعظمُها وأفضَلُها -في أصحِّ قولَيْ أهلِ العلمِ-: هو (مُحَمَّدٌ) الاسمُ الذي سمَّاه به أهلُه، ونزَلَ به القرآنُ الكريمُ، وبعدهُ: (أَحْمَدُ)، فما دُونَه مِن الأسماء على حدٍّ سواءٍ.
* فَائِدَةٌ 61: اختلَف أهلُ العلمِ في اسم (قُرَيْشٍ)، فقيل: النَّضْرُ بْنُ كِنَانَةَ، فكلُّ مَن كان مِن نَسْلِه: قُرَشِيٌّ، وقيل: فِهْرُ بْنُ مَالِكٍ.
والقَوْلُ الأوَّلُ: أظهَرُ وأصحُّ.
* فَائِدَةٌ 62: تنْقَسمُ العرَبُ إلى قِسْمينِ:
1 – الْعَرَبُ البَائِدةُ؛ كـ: عَادٍ وثَمُودَ وجُرْهُمَ، في قبائلَ تِسعٍ انقضَتْ وانتَهَت مِن قبائلِ العرَب.
2 – الْعَرَبُ البَاقِيَةُ، وهم طَائفتَانِ:
1 - الْعَرَبُ الْمُسْتَعْرِبَةُ، ويُقال لهَا: الْعَدْنَانِيَّةُ.
2 - الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ، ويُقال لها: الْقَحْطَانِيَّةُ.
وكِلَا هاتَيْنِ الطَّائفتَيْنِ هي مِن ذريَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الخَليلِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وهو قولُ جماعةٍ مِن الْمُحقِّقينَ مِن الْمُتقَدِّمين والمُتأخِّرين، منهم: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، والزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، والْبُخَارِيُّ، وابْنُ حَجَرٍ في فَتْحِ الْبَارِي، والْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، والْعَلَّامَةُ ابْنُ بَازٍ.
¥