تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والشجاعة وإن كانت خلقاً جبلياً إلا إنه يُمكن اكتسابه بالتعويد والتربية، وتدريب النفس عليه؛ فيحصل لطالب هذا الخلق من الشجاعة ما ليس عند آخرين من الشجاعة التي جبلوا عليها؛ بل أقوى منها، وفي هذا المعنى يقول صلى الله عليه وسلم: "إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يعطه ومن يتق الشر يوقه" حديث جيد رواه الدارقطني عن أبي هريرة.

ومن أسباب العدل: تصور آثار الظلم وعواقبه في الدنيا والآخرة:

فالظلم والجور يدوران حتى يعودان إلى من فعلهما، وبالظلم تشيع الفوضى، وتنتشر الشحناء، وتكون العقوبة في النفس والمال والولد.

ومن أسباب العدل: أن يجعل نفسه مكان من يتعامل معه أو يحكم عليه؛ فإذا كان في مكانه أراد منه في معاملته أو حكمه أن يكون قائماً بالقسط مستكملاً أسباب العدل؛ فإذا استشعر ذلك كان هو معه كذلك.

من كلام الإمام ابن تيمية في عدله مع المخالفين من أهل البدع:

قال رحمه الله بعد ذكر الغالين في الصوفية والجافين عنهم (11/ 17): (والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله؛ كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله؛ ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطىء، وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب. ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه، عاص لربه).

وقال في معرض كلامه على بلوغ نصوص الشريعة بعض أهل التصوف (5/ 252): ( .. بل هم متفاضلون في السمع والفهم كتفاضل معرفتهم، وإيمانُهم بحسب ذلك؛ حتى يثبت أحدهم أموراً كثيرة والآخر لا يثبتها).

.. (وهذا يبين لك أن هؤلاء كلهم مؤمنون بالله وكتابه ورسوله واليوم الآخر ـ وإن كانوا متفاضلين في الإيمان ـ إلاَّ من شاق الرَّسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين) أهـ.

وقال (3/ 357): (وأما الخوارج فهم معروفون بالصدق، والروافض معروفون بالكذب. والخوارج مرقوا من الإسلام، وهؤلاء نابذوا الإسلام) ..

.. (وأما القدرية المحضة فهم خير من هؤلاء بكثير، وأقرب إلى الكتاب والسنة؛ لكن المعتزلة وغيرهم من القدرية هم جهمية أيضاً، وقد يكفرون من خالفهم، ويستحلون دماء المسلمين؛ فيقربون من أولئك) ..

.. (وأما المرجئة فليسوا من هذه البدع المغلظة؛ بل قد دخل في قولهم طوائف من أهل الفقه والعبادة، وما كانوا يعدون إلا من أهل السنة؛ حتى تغلظ أمرهم بما زادوه من الأقوال المغلظة).

وقال عن المعتزلة (13/ 97): ( .. والذي عليه عامتهم تعظيم علي وعائشة؛ فإنهم يقولون: إن هؤلاء تابوا من قتاله، وكلهم يتولى عثمان، ويعظمون أبا بكر وعمر، ويعظمون الذنوب؛ فهم يتحرون الصدق؛ كالخوارج، ولا يختلقون الكذب؛ كالرافضة، ولا يرون أيضاً اتخاذ دار غير دار الإسلام؛ كالخوارج، ولهم كتب في تفسير القرآن، ونصر الرسول، ولهم محاسن كثيرة .. ).

إلى أن قال ( .. والأشعرية ما ردوه من بدع المعتزلة والرافضة والجهمية وغيرهم، وبينوا ما بينوه من تناقضهم، وعظموا الحديث والسنة ومذهب الجماعة؛ فحصل بما قالوه من بيان تناقض أصحاب البدع الكبار وردهم ما انتفع به خلق كثير).

وذكر رحمه الله (3/ 353) في شرح حديث الافتراق أصلين في تكفير الفرق ثم قال: (ومن أهل البدع من يكون فيه إيمان باطنًا وظاهرًا، لكن فيه جهل وظلم؛ حتى أخطأ ما أخطأ من السنة؛ فهذا ليس بكافر ولا منافق، ثم قد يكون منه عدوان وظلم فيكون فاسقًا أو عاصيًا، وقد يكون مخطئًا متأولاً مغفورًا له خطأه، وقد يكون مع ذلك معه من الإيمان والتقوى ما يكون معه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه) أهـ.

3. أن يُستبقى للمخالفين من أهل الشهادتين أصل صحة إسلامهم:

فلا يُحكم على معين منهم بكفر؛ بمجرد قوله الكفر أو فعله له قبل إقامة الحجة التي يكفر منكرها، وقبل اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، ولا يُحكم عليه أيضاً بمجرد انتسابه إلى فرقة تقول الكفر أو تعمل به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير