هذا، ويعرّف الدكتور نهاد الموسى النحت بقوله: هو بناء كلمة جديدة من كلمتين أو أكثر أو من جملة، بحيث تكون الكلمتان أو الكلمات متباينتين في المعنى والصورة، وبحيث تكون الكلمة الجديدة آخذة منهما جميعاً بحظ في اللّفظ، دالة عليهما جميعاً في المعنى
ويعتبر تعريف الدكتور نهاد الموسى المذكور، هو أشمل تعريف للنحت؛ حيث استقاه، صاحبه من مجموع تعريفات السابقين.
ب - صور النحت في اللغة العربيّة: لقد ورد النحت في اللغة العربية على صور عديدة أهمّها:
تأليف كلمة من جملة لتؤدي مؤدّاها، وتفيد مدلولها، كبسمل المأخوذة من (بسم الله الرحمن الرحيم)، وحيعل المأخوذة من (حي على الصلاة، حي على الفلاح).
ومما ورد في كلام العرب:
لقد "بَسْمَلَتْ" ليلى غداة لقيتها فيا حبّذا ذات الحبيب المبسمل
تأليف كلمة من المضاف والمضاف إليه، عند قصد النسبة إلى المركب الإضافي إذا كان علماً كعبشمي في النسبة إلى عبد شمس، وعبد ري في النسبة إلى عبد الدار.
تأليف كلمة من كلمتين أو أكثر، تستقل كل كلمة عن الأخرى في إفادة معناها تمام الاستقلال؛ لتفيد معنى جديدا بصورة مختصرة. وهذا النوع كثير الورود في اللغات الأوربية، قليل في العربيّة وأخواتها السامية ولم تعرف منه إلا بعض ألفاظ نتيجة تخريج لبعض العلماء، من ذلك "لن" الناصبة، يرى الخليل أنّها مركبة من "لا" النافية و "أن" الناصبة. و "هلم": يرى الفرّاء أنها من "هل" الاستفهامية، ومن فعل الأمر "أُمَّ" بمعنى أقصد وتعال. وقيل: إنّها مركبة من هاء التنبيه" و "لم" بمعنى ضم. و"أيان" الشرطية مركبة من "أي آن" فحذفت همزة آن وجُعلت الكلمتان كلمة واحدة متضمّنة معناهما. وغير خاف أنّ وجود هذا القسم رهن بافتراضات جدليّة وخلافات بين العلماء.
ج - الغرض من النحت. تيسير التعبير بالاختصار والإيجاز. فالكلمتان أو الجملة تصير كلمة واحدة بفضل النحت.
يقول ابن فارس: "العرب تنحت من كلمتين كلمة واحدة، وهو جنس من الاختصار. وذلك" رجل عبشمي "منسوب إلى اسمين: هما عبد وشمس.
وسيلة من وسائل تنمية اللغة وتكثير مفرداتها؛ حيث اشتقاق كلمات حديثة، لمعان حديثة، ليس لها ألفاظ في اللّغة، ولا تفي كلمة من الكلمات المنحوت منها بمعناها.
د - أقسام النحت:
قام المتأخرون من علماء اللغة من خلال استقرائهم للأمثلة التي أوردها الخليل بن أحمد وابن فارس بتقسيم النّحت إلى أقسام عدّة، يمكن حصرها فيما يلي:
النحت الفعلي: وهو أن تنحت من الجملة فعلاً، يدل على النطق بها، أو على حدوث مضمونها، مثل: (جعفد) من: جعلت فداك (و بسمل) من: "بسم الله الرحمن الرحيم".
النحت الوصفي: وهو أن تنحت كلمة واحدة من كلمتين، تدل على صفة بمعناها أو بأشدّ منه، مثل: (ضِبَطْر) للرجل الشديد، مأخوذة من ضَبَط وضَبَر. و (الصّلدم) وهو الشديد الحافر، مأخوذة من الصلد والصدم.
النحت الاسمي: وهو أن تنحت من كلمتين اسما، مثل (جلمود) من: جمد وجلد. و (حَبْقُر) للبرد، وأصله حَبُّ قُرّ.
النحت النسبي: وهو أن تنسب شيئاً أو شخصاً إلى بلدتي: (طبرستان) و (خوارزم) مثلاً، تنحت من اسميهما اسماً واحداً على صيغة اسم المنسوب، فتقول: (طبرخزيّ) أي منسوب إلى المدينتين كليهما. ويقولون في النسبة إلى "الشافعي وأبي حفيفة": "شفعنتي" وإلى "أبي حنيفة والمعتزلة": "حنفلتي""، ونحو ذلك كثير.
النحت الحرفي: مثل قول بعض النحويين، إنّ (لكنّ) منحوتة، فقد رأى القراء أنّ أصلها (لكن أنّ) طرحت الهمزة للتخفيف ونون (لكن) للساكنين، وذهب غيره من الكوفيين إلى أنّ أصلها (لا) و (أن) والكاف الزائدة لا التشبيهيّة، وحذفت الهمزة تخفيفا.
النحت التخفيفي: مثل بلعنبر في بني العنبر، وبلحارث في بني الحارث، وبلخزرج في بني الخزرج وذلك لقرب مخرجي النون واللاّم، فلما لم يمكنهم الإدغام لسكون اللاّم حذفوا، كما قالوا: مست وظلت. وكذلك يفعلون بكلّ قبيلة تظهر فيها لام المعرفة، فأمّا إذا لم تظهر اللاّم فلا يكون ذلك، مثل: بنى الصيداء، وبنى الضباب، وبنى النجار.
¥