تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[دراسة حول أقدم نسخة من صحيح البخاري، وشيء من مناهج العلماء وطرائقهم في تحقيق الصحيح]

ـ[احمد بن فارس السلوم]ــــــــ[14 - 01 - 07, 05:50 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد،

فهذه دراسة مختصرة حول تلك القطعة من صحيح البخاري، الموجودة ضمن مجموعة منجانا، والمزعوم أنها أقدم نسخة من صحيح البخاري، وسأتبعها بمبحث مختصر عن طريقة العلماء في ضبط البخاري، وتحقيق رواياته، ومن ثم ليقارن القارئ الكريم منهج العلماء الأثبات وطريقتهم في الاعتناء في البخاري بالطبعات التجارية في هذا الزمان.

والبداية بعنوان:

قطعة من صحيح البخاري برواية أبي زيد المروزي:

أبو زيد المروزي أحد رواة صحيح البخاري عن الفربري، وثمت قطعة من روايته موجودة ضمن مجموعة منجانا، وهي من أصح قطع البخاري وأندرها، وقد كتب منجانا دراسة حولها باللغة الإنجليزية، ضمنها شجرة للرواة عن البخاري هي من أحسن ما اطلعت عليه في هذا الباب وإن كان فاته شيء كثير، وقد نشرت تلك الدراسة عام 1936 في كامبريدج، ساعده في بعضها المستشرق مرجليوث، وقد تفضل الأخ الشيخ نضام يعقوبي بتصوير القطعة مع دراستها وإرسالها لي فجزاه الله خير الجزاء.

أبو زيد المروزي:

هو محمد بن أحمد بن عبدالله بن محمد المروزي، علم مشهور، موصوف بكتب التراجم بـ: الشيخ الامام المفتى القدوة الزاهد، شيخ الشافعية ..

ولد سنة 301، وسمع الصحيح من الفربري سنة 318، رحل إليه لأجل ذلك وله من العمر نحو 17سنة، فبين سماعه والسماع الأخير لشيخه الفربري على البخاري نحو 66 سنة.

- والفربري له سماعان للبخاري، الثاني سنة 252، وتكرر في فهرست ابن خير أن السماع كان سنة 253 وهو خطأ إما من الناسخ أو المحقق، فإن ابن خير حافظ لا يغلط بمثل هذه التواريخ المحفوظة، وقد نقله كثير من الباحثين دون أن ينتبهوا أو ينبهوا -

وأبو زيد صاحب الرؤيتين المشهورتين.

قال الحاكم: سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد الفقيه، يقول: سمعت أبا زيد المروزى يقول: لما عزمت على الرجوع من مكة إلى خراسان، تقسى قلبى بذلك، وقلت: متى يكون هذا والمسافة بعيدة، والمشقة لا أحتملها، وقد طعنت فى السن، فرأيت فى المنام كأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدًا فى المسجد الحرام وعن يمينه شاب، فقلت: يا رسول الله، قد عزمت على الرجوع إلى خراسان والمسافة بعيدة، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الشاب، وقال: يا روح الله، اصحبه إلى وطنه، فأريت أنه جبريل، عليه السلام، فانصرفت إلى مرو، ولم أحس شيئًا من مشقة السفر.

وأما الثانية فقد قال: كنت نائمًا بين الركن والمقام، فرأيت النبى - صلى الله عليه وسلم - فى المنام، فقال: يا أبا زيد، إلى متى تدرس كتاب الشافعى ولا تدرس كتابى؟ فقلت: يا رسول الله، وما كتابك؟ قال: جامع محمد بن إسماعيل، يعنى صحيح البخارى، رضى الله عنه.

ولا أستبعد أن هذه الرؤيا هي التي حرضته على العناية بصحيح البخاري، والتفرغ له حتى صار أجل رواة الصحيح عن الفربري.

قال الحاكم أبو عبدالله والخطيب البغدادي والنووي وغيرهم: حدث أبو زيد ببغداد، ثم جاور بمكة، وحدث هناك بالصحيح، وهو أجل من رواه أهـ

ومع أن أبا زيد المروزي قد شاخ وكبر، وعمر طويلا، واشتهر بالعلم والفقه و الحديث، وحدث بالصحيح في مكة وبغداد وغيرهما من بلاد المشرق، ومع أنه أيضا أجل من روى الصحيح عن الفربري، إلا أن الروايات لم تشتهر عنه إلا من طريق المغاربة، أبي محمد الأصيلي وأبي الحسن القابسي.

نعم قد رواه عنه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني واتصلت الرواية من طريقه لأهل دمشق، فقد رواه المقدسي عن أبي موسى المديني عن الحداد عن أبي نعيم بإسناده، إلا أن ذلك لم يشتهر كما اشتهر الأولان.

وكذلك روى ابن عساكر الصحيح من طريقه من رواية أبي الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني وأبي محمد عبد الواحد بن أحمد بن مشماش الهمداني وأبي الحسن علي بن موسى بن السمسار كلهم عن أبي زيد.

ولئن كانت رواية ابي زيد أجل الروايات عن الفربري فرواية الأصيلي أجل الروايات عن أبي زيد.

فقد سمعه مرتين على الأقل، وكان ملازما لأبي زيد، وهو الذي كان يضبط عليه السماعات، ويقرأ عليه الروايات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير