تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الذهبيّ: مات في رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وقيل: سنة خمس، والأول أصحّ، وعاش أربعا وستين سنة. وقع لنا رواية "سننه" بإسناد متصل عال، وفي غضون كتابه أحاديث يَعْلُو بِهَا صاحبه الحافظ أبو الحسن القطان. وقد حَدَّث ببغداد أخوه أبو محمد الحسن بن يزيد بن ماجه القزويني، في حدود سنة ثمانين ومائتين، إذ حَجّ عن إسماعيل بن توبة القزويني الحافظ، سمع منه الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر.

وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": كتابه في السنن جامع جيد كثير الأبواب والغرائب، وفيه أحاديث ضعيفة جدا، حتى بلغني أن السري كان يقول: مهما انفرد بخبر فيه هو ضعيف غالبا. وليس الأمر في ذلك على إطلاقه باستقرائي، وفي الجملة ففيه أحاديث منكرة، والله تعالى المستعان، ثم وجدت بخط الحافظ شمس الدين محمد ابن علي الحسيني ما لفظه: سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول: كل ما انفرد به ابن ماجه فهو ضعيف -يعني بذلك ما انفرد به من الحديث عن الأئمة الخمسة-. انتهى ما وجدته بخطه.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الكلام ليس بصحيح على إطلاقه، فإن فيه أحاديث انفرد بها، وهي إما صحيحة وإما حسان، وكذا حمل الحافظ هذا الكلام في «التهذيب» على الرجال غير صحيح، لأنه انفرد برجال ثقات وسوف تراهم حين أنبه عليهم في هذا الشرح –إن شاء الله تعالى-.

قال: وذكر ابن طاهر في "المنثور" أن أبا زرعة وقف عليه، فقال: ليس فيه إلا نحو سبعة أحاديث.

وذكر الرافعي في "تاريخ قزوين" في ترجمته أنه محمد بن يزيد، وأن "ماجه" لقب يزيد، وأنه بالتخفيف اسم فارسي، قال: وقد يقال: محمد بن يزيد بن ماجه، والأول أثبت. قال: رثاه محمد بن الأسود القزويني بأبيات، أولها [من الوافر]:

لَقَدْ أَوْهَى دَعَائِمَ عَرْشِ عِلْمٍ

وَضَعْضَعَ رُكْنَهُ فَقْدُ ابْنِ مَاجَهْ

ورثاه يحيى بن زكريا الطرائفي بقوله [من الوافر أيضاً]:

أَيَا قَبْرَ ابْنِ مَاجَهْ غِثْتَ قَطْراً

مَسَاءً بِالْغَدَاةِ وَبِالْعَشِيِّ

قال: والمشهورون برواية "السنن": أبو الحسن القطان، وسليمان بن يزيد، وأبو جعفر محمد بن عيسى، وأبو بكر حامد الأبهري، وسعدون، وإبراهيم بن دينار. والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: "ماجه" بسكون الهاء وصلاً ووقفاً. قال ابن خلّكان: "وماجه" –بفتح الميم والجيم، وبينهما ألف، وفي الآخر هاء ساكنة. انتهى. وقال في "القاموس، وشرحه تاج العروس": "ماجه" بسكون الهاء، كما جزم به الشمس بن خلّكان لقب والد الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد الرَّبَعيّ القزوينيّ،، صاحب "التفسير"، و"التاريخ"، و"السنن"، لا لقب جدّه، كما زعمه بعضٌ، قال شيخنا: وما ذهب إليه المصنّف، فقد جزم به أبو الحسن بن القطّان، ووافقه على ذلك هبة الله بن زاذان، وغيره، قالوا: وعليه فيُكتب "ابن ماجه" بالألف لا غير. وهناك قول آخر ذكره جماعة، وصحّحوه، وهو أن "ماجه" اسم لأمّه. والله تعالى أعلم. انتهى ().

وقال في "الرسالة المستطرفة": "ماجه" لقب أبيه، لا جدّه، ولا أنه اسم أمّه، خلافاً لمن زَعَم ذلك، وهاؤه ساكنة وصلاً ووقفاً؛ لأنه اسم أعجميّ. انتهى ().

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تَبَيَّنَ بما ذُكر أن الصواب أن "ماجه" يقرأ بالهاء الساكنة وصلاً ووقفاً، وأما ما اشتهر في الآونة الأخيرة من قراءته وكتابته بالتاء المربوطة، فغلطٌ؛ لأنه لم يثبت ممن يُعتمد قوله، ومن العجيب الغريب أن محقّق "سنن ابن ماجه" الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي قال فيما كتبه في آخر الكتاب بعد أن أورد الكتب التي كتبته بالهاء، وما قاله ابن خلّكان من ضبطه بالهاء الساكنة: ما نصّه: وهل بعد ضبط ابن خلّكان مقالٌ لإنسان؟. فأصاب، ولكن الغريب العجيب أنه أورد بعد ذلك الكتب التي كتبته بالتاء المربوطة، ثم قال: وإنما أتعبت معي القرّاء لكيلا يُخطّىء بعضهم بعضاً، فمن قال: "ابن ماجه" –أي بالهاء- فهو على صواب، وأمامه ما يأتسي به، ومن قال: "ابن ماجة" –أي بالتاء- فهو على بيّنة أيضاً، وليس بضارّه شيئاً أن يخالفه سواه. انتهى.

وهذا هو العجب العجاب، فأين البيّنة على هذا، فهل توارد المطابع في الغلط يكون بيّنة على تصويب الغلط، كلاّ ثم كلاّ، فهلا يأتينا ببيّنة واحدةٍ من كلام المحققين، كابن خلّكان، وصاحب القاموس، كما فعل في الهاء الساكنة، فهيهات، هيهات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير