أولاً: جواز الإخبار عن الضر: يجوز للإنسان أن يخبر بما ناله من ألم، إذا لم يكن ذلك على سبيل التشكي وعدم الرضاء، بل للتسلية والتصبر, فأبو بكر قال: أخرجني الجوع, وعمر قال: أخرجني الجوع، والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال: وأنا ما أخرجني إلا هذا، كل واحد قد أخبر الآخرين بما ناله من الجوع, كل واحد يخبر صاحبه بظرفه لعله يساعده، ويسليه بكلمة طيبة فهذا لا بأس به.
أنواع الشكوى:
شكوى العبد لإخوانه إذا أصيب بفقر، أو ألم، أو مرض تكون على حالين: الحال الأولى/ أن يخبرهم بذلك لكي يسلوه ويصبروه فهذا لا بأس به، وهو من باب التواصي بالصبر. الحال الثانية/ إذا كان على سبيل التشكي والتبرم والتضجر من قضاء الله وقدره، والشكاية للمخلوقين، وإذلال النفس، وطلب ما في اليد، فهذا مذموم.
ثانياً: زهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه:
من هذا الحديث يتضح ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم- من الزهد في الدنيا هو ووزيراه أبو بكر وعمر، وهؤلاء أعظم الناس على الإطلاق في ذلك الوقت، والنبي - عليه الصلاة والسلام - أعظم الناس في كل وقت. الإمام الأعظم ووزيراه ما عندهم في بيوتهم شيء, هذا شيء عجيب! إنه شيء يسترعي الانتباه ويستدعي الوقوف!! قائد الأمة وإمام الأمة ما عنده شيء في البيت! ووزيره الأول أبوبكر الصديق ما عنده شيء في البيت! والوزير الثاني عمر بن الخطاب ما عنده شيء! كلهم أخرجهم الجوع في ساعة لا يخرج الناس في مثل هذا! ما الذي أخرجهم؟ إنه الجوع! فهذا يبين لنا ما كان عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكبار أصحابه من التقلل في الدنيا، وما ابتلوا به من الجوع وضيق العيش.
ثالثاً: جواز الاستطعام عند الضرورة:
فلا بأس على الإنسان إذا اشتكى ضراً أو جوعاً أن يأتي على صاحب له، ليس بينه وبينه حرج أو كلفة، فيطعم عنده، وهذا يسميه العلماء الإدلال على الأخ, أو الصاحب، ما دامت بينه وبينه مكانة ومعزة كبيرة، وأخوة عالية، ولا يتضجر إذا أتاه، ولا يثقل عليه، فإنه لا بأس بأن يأتي. وكفى شرفاً لأبي الهيثم ابن التيهان أن يكون ضيفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
رابعاً: اصطحاب الإخوان: إذا ذهب الإنسان إلى شخص لطعام وكان يعلم أن هذا الشخص لا يتحرج من الإتيان بآخرين فإنه لا بأس أن يصطحبهم، ولا يعتبر أمراً مذموماً إذا علم رضاه، وأنه لا يثقل عليه ولا يحرجه وعنده ما يكفي الجميع. وأما إذا ذهب الإنسان ومعه شخص، ولا يدري هل صاحب البيت يأذن أو لا يأذن! فإنه يستأذن لهذا الشخص، فيقول: يا صاحب الدار أنا مدعو عندك، ومعي أخي فلان لم يُدع، هل تسمح له فيدخل، أم ينصرف فيرجع؟! فإذا أذن صاحب البيت بلا إحراج، فإنه لا بأس أن يدخل هذا الشخص.
خامساً: إكرام العظماء:
الإنسان إذا كان غنياً عليه أن يستخدم غناه في طاعة الله، فيكرم أهل العلم والصالحين, ويفرح إذا قدم عليه الضيوف الصالحون، ولهذا أبو الهيثم فرح جداً بقدوم النبي - عليه الصلاة والسلام - وقام يعتنقه وقال: من أكرم أضيافاً مني، أي: لا أحد اليوم أكرم أضيافاً من محمد - صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر، من بقي أكرم أضياف من هؤلاء؟ لا أحد! وهذا الإكرام والفرح من علامات الإيمان، إذ جاؤوا من غير دعوة بل مفاجأة فهذا أمر سار لدى المؤمن.
سادساً: الكلام مع المرأة الأجنبية:
يجوز الكلام مع المرأة الأجنبية إذا كان بغير فتنة، ولا محذور شرعي، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- لما جاء إلى هذا الرجل، قال للمرأة: (أين صاحبك) والصاحب هو الزوج، والدليل على أن الزوج يسمى صاحباً أو الزوجة تسمى صاحبة: قول الله - تعالى-: ((وصاحبته وأخيه)) ([4]) فالزوجة تسمى صاحبة، والزوج صاحبها؛ لأن بينهما مصاحبة، يصاحبها في هذه الحياة بالعشرة الزوجية، فقال: (أين صاحبك؟) فقالت: انطلق يستعذب لنا الماء فرحبت بهم قائلة: مرحباً وأهلاً، وتركتهم يدخلون.
سابعاً: إدخال المرأة البيت من يرضاه زوجها:
يجوز للمرأة أن تدخل إلى بيت زوجها من كانت تعلم يقيناً أن زوجها لا يمانع في دخوله، أما إذا كان زوجها منعها من إدخال فلان من الناس، فلا يجوز لها أن تدخله، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لا تأذن في بيته إلا بإذنه) ([5]) فلا تدخل أحداً في البيت، لا جاره، ولا قريبه، ولا بعيده إلا لمن أذن.
¥