لقد إبتدع التلمود شيوخ إسرائيل تحت أثقال الأسر و القهر و التشرّد , وتحت وطأة معاناة الشتات و الإغتراب و، و تلك الأثقال من المعاناة و الهوان و المذلّة قد ملأت نفوسهم وفجّرت فيهم كل مخزونات و طاقات الحقد و الحسد و الكراهية و البغض , والرغبة المحمومة المقيتة فى الإنتقام من كل الأمم، و التجبّر على غير اليهود أجمعين.
لقد جاء التلمود إنعكاسا للنفسيّة الإسرائيليّة اليهوديّة العنصريّة، , ليعطي نوعا من الشرعية و القداسة لجميع الرذائل اليهودية، من القسوة و الحقد و الحسد و الإستعلاء , و لتغرق فى الجبن و المسكنة و الفساد و التحريف و الخيانة و الإجرام.
و قد وظَّف الفريسيون كل تلك النقائص السابقة الذكر في استغلال و استعباد بقية الشعب الاسرائيلي، حتى انتقل بنو اسرائيل أو جلَّهم من اليهودية إلى الفريسية.
دراسة التلمود:
توجد نسختان من التلمود: التلمود الفلسطيني والتلمود البابلي، وقد كتبتا في أوقات متباعدة، واختلفتا في المضمون وأسلوب العرض واللغة، أما التلمود الفلسطيني فيرجع تاريخه إلى منتصف القرن الرابع للميلاد، وكتب على يد الرباني يوحنان بن نبحة مؤسس أكاديمية طبرية، وهو يكتفي بالشرح أو التحاليل لنص "المشنا" مع سرد مناقشة غير مطوّلة بين الأحبار، ويعتبر المرجع الفصل في كلِّ نظرية فقهية ومعاملة تشريعية. وهو يتميز بالاقتضاب.
أما التلمود البابلي فإنه يفتح باب النقاش واسعاً، فلا تنتهي إلى قول مرجّح، وهو نتاج الأكاديميات اليهودية في العراق، وتبلغ حجم مادته ثلاثة أضعاف التلمود الفلسطيني، مما جعله يحتل منزلةً رفيعةً ويغدو مرجعاً هاماً لا غنى عنه.
نشأة التلمود وتكوينه:
اشترك في كتابة التلمود أقلام كثيرة، وتعددت مراحل كتابته، فاختلفت في كل مرحلة أساليب جمعه وتصنيفه وتبويبه وتدوينه.
المرحلة الأولى تبدأ بعد مجيء عزرا الكاتب "النبي عزيز" من بابل، وتمتد حتى عصر المكابين 450 - 100ق. م.
خلال هذه الفترة، جرى جمع القسم الأكبر من الكتابات وتمّ إضافتها إلى التوراة لتغطية الأوضاع والنواحي الجديدة وتكييف بعض الشرائع التوراتية وفقاً لمتطلبات الحياة، ويطلق على هذه المرحلة مرحلة الكتبة الذين انحصر نشاطهم الرئيسي في حقل نشر التعليم الديني إلى جانب بعض التشريعات والمراسيم التي كان لها أثر في ترتيب التوراة وإثبات نصّها المعياري.
المرحلة الثانية تبدأ فيما بين "المكابي والهيرودي"، وخلال هذه الفترة ظهر ما يعرف بالمعلمين الكبار الذين أطلقت عليهم تسمية "الأزواج" "زوجوت"، وقد غطّى هؤلاء خمسة أجيال، ويمثّل كل زوج منهم المنصبين التاليين: رئيس السنهدرين أو الأمير ولقبه النّاسي، ونائب الريس أو رئيس بيت الدين، وهم حسب التسلسل:
- جوزية بن يوعزر جوزية بن يوحنان
- يشوع بن فراحيا نطّاي الأربيلي
- يهوذا بن طباي سمعان بن شطاح
- شماعيا أتباليون
- هيلّل شمّاي.
بروتوكولات الفريسيين داخل الديانة اليهودية:
لما دخل االمنتفعون في الطائفة الفريسية التي كان يعظمها بنواسرائيل أرادوا بذلك أمرين:
الأول: إفساد الطائفة الفريسية.
و الثاني: التحكم بسائر الشعب الاسرائيلي من خلال تلك الطائفة.
فلذلك فقد وضعوا بروتوكولات غاية في الخبث و المكر، و منها:
1ـ دعواهم تقديس الحاخامات، بل و تأليههم أيضا قاتلهم الله.
2ـ وهم الذين إبتدعوا قصّة أصل القانون الشفوى الذى أفرز التلمود (أي أن هناك أصولا شفوية للتلمودكانت ترويها الحاخامات منذ أيام السبي البابلي بعد أن ضاعت الأصول المكتوبة في السبي).
3ـ وهم الذين إدّعوا أنهم أتباع النبي عزرا "عزير" عليه السلام (المتوفى عام 444 قبل الميلاد) الذي أعاد لليهود التوراة، و كان قد مات ثم بعثه الله عز و جل بعد مائة سنة كما ورد في القرآن الكريم، فلما أفاق من نومه وجد اليهود قد نسوا التوراة فتلاها عليهم من حفظه.
4ـ كما ادعوا أن "عزير" عليه السلام إبن الله- وذلك بعد وفاته بأكثر من 200 عام، بل و اعتبروا عزيرا - المعلّم الأكبر ليس فقط بعد موسى، ولكنهم ساووه بموسى - بل و رفع البعض مرتبته فوق موسى بإدعائهم أنه إبن الله-
5ـ، وقالوا بوجود تقليد سماعي عن موسى تناقله الخلف عن السلف، زعموا أنه معادل للشريعة المكتوبة أوأهم منها مما نتج عنه التلمود و شروحه.
¥