تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقيلَ هُمْ الأَعَاجِم وَكُلّ مَنْ صَدَّقَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْر الْعَرَب كما أورد أيضا أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قالَ " إِنَّ فِي أَصْلاب أَصْلاب أَصْلاب رِجَال وَنِسَاء مِنْ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّة بِغَيْرِ حِسَاب " ثُمَّ قَرَأَ" وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ " يَعْنِي بَقِيَّة مَنْ بَقِيَ مِنْ أُمَّة مُحَمَّد –صلى الله عليه وسلم- فِي قَوْله تَعَالَى " وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم " أَيْ ذُو الْعِزَّة وَالْحِكْمَة فِي شَرْعه وَقَدَره.

والذي يظهر لي والله أعلم أن للأمية معنى خاص ومعنى عام أما المعنى العام فيعني الجهل والضلالة والظلام وأما المعنى الخاص فهو عدم معرفة الكتابة. ولا ترتفع الأمية عن أحد بمعناها الخاص إلا متى عرف الكتابة كما أنها لا ترتفع عن أمة بمفهومها العام إلا متى خرجت من الجهل والضلالة والظلام إلى العلم والهدى والنور ولا يخرجها من هذا إلا نبي وكتاب. والآية الكريمة "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ" تدل على أن أهل الكتاب لما أصبحوا لا يعرفونه إلا أماني وظنونا وتخرصا عادت إليهم أميتهم بمفهومها العام لا الخاص على الرغم من معرفتهم بالكتابة كما أنهم لو بقوا متمسكين بكتبهم وعلموها كما أنزلت على أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام لبقيت الأمية بمفهومها العام مرتفعة عنهم.

ولذلك نجد أن الأمية بمعناها العام ارتفعت عن اليهود والنصارى ببعثة موسى وعيسى عليهما السلام بالتوراة والإنجيل وبقي اليهود والنصارى ينظرون إلى أنفسهم أنهم غير أميين وينظرون إلى أمة العرب على أنها أمة أمية حتى قالوا " ليس علينا في الأميين سبيل" لأن العرب لم يبعث فيهم نبي ولم ينزل عليهم كتاب وفي هذه الآية دليل واضح على أن الأمية نقيصة لا فضيلة.

والمشترك بين معنى الأميين في الآية "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ" والأميين في الآية "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ"لا يمكن أن يكون إلا الجهل والضلال.

والدليل على أن الأمية بمعناها العام ضلال قوله تعالى "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ" فالتزكية ومعرفة الكتاب والحكمة رفعت عن الأميين الضلال المبين والذي هو الأمية بمعناها العام.

كما أن الدليل على أن الأمية ظلام قوله تعالى "الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ " (إبراهيم 1) والناس هنا هم الأميون وقوله تعالى "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ" (إبراهيم 4) وقوله تعالى "هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" (الحديد 9).

والعرب قبل البعثة النبوية كانوا أميين بالمعنى الخاص للأمية وذلك لعدم تفشي الكتابة بينهم كما أنهم كانوا أميين بالمعنى العام لعدم وجود نبي وكتاب فيهم. وكان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أميا بالمعنيين أيضا ودليل ذلك قوله تعالى "وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى" (الضحى 7). ولكن الأمية بمعناها العام ارتفعت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعد نزول الوحي عليه كما أن الأمية بمعناها الخاص بقيت ملازمة له لأنه لايعرف الكتابة ولكن ملازمة الأمية لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- فضيلة وكمال وفي غيره نقيصة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير