وترى المنظمة ان النفاذ إلى الأسواق التجارية بسلعة لبن النوق يتطلّب النجاح في «القفز فوق السِنام»، أي تجاوز العديد من العقبات في مراحل الإنتاج والتصنيع والترويج وغيرها، وهذا اكثر من عمليات رعاية قطعان الإبل في حد ذاتها.
وهناك مشكلتان الاولى تكمُن في المنُتَج ذاته، إذ لم يثبت لبن الجمل حتى الآن استيفاءه للمتطلبات التجارية الشائعة لرفع حرارته الى درجة الحرارة البالغة الارتفاع ( UHT) الضرورية لمعالجة اللبن بغية حفظه لفترات طويلة. اما المشكلة الثانية وهي التحدّي الرئيسي فيتعلق بالمنتجين أنفسهم، أي الرعاة البدو الذين يتجولون في ارجاء الصحراء بحثاً عن المرعى وفق فصول السنة، ويستطيعون البقاء على قيد الحياة لمدة أقصاها شهرٍ في جوف الصحراء لا على شيء سوى لبن الناقة. ولا يميل الرعاة في أغلب الأحيان إلى بيع حليبهم الاحتياطي، الذي تملي التقاليد حفظه للضيوف وللفقراء. غير أنه لوحَظ على أية حال، أن مثل هذه النزعة يمكن أن تتبدّد بعرض أسعارٍ مغريةٍ للبيع.
ويؤكد الخبير بينيت أن لا أحد يدعو إلى عملية «حلبٍ مكثّف للجمال بحالٍ من الأحوال، ولكن فقط بفضل الغذاء المحسّن، والرعاية البيطرية وأساليب التربية الأفضل، فمن شأن هذا الناتج اليومي أن يرتفع تلقائياً إلى 20 لتراً». وبما أن لبن الجمل يعادل في قيمته تقريباً دولاراً للتر بالأسواق الإفريقية، فذلك يعني مورداً على جانبٍ كبيرٍ من الأهمية للمال بالنسبة للبدو الرعاة ممن لا يُتاح لهم اليوم أي مصادرٍ أخرى من الدخل.
2ـ استخراج الألبان و الأجبان من حليب الابل
* وتشغل نانسي عبد الرحمن معملا ناجحا لإنتاج ألبان الإبل في موريتانيا لمدةٍ تزيد على 15 عاماً. وتعالج شركة «تيفيسكي» - أي «موسم الربيع» باللغة الموريتانية- حليب الأبقار والماعز أيضاً من إمداداتٍ يومية يوفّرها نحو 800 من رعاة الماشية والإبل. وتجمع الشركة الحليب الجديد في مناطق بحدود 80 كيلومتراً من مقرها في العاصمة نواكشوط، لنقلها إلى معمل الألبان للبسترة بواسطة شاحنةٍ مبرِّدة.
وتشير منظمة الاغذية والزراعة الى النجاح الذي حققته نانسي، بعد ان تمكنت من اجتياز التحدّي الرئيسي الذي تمثل في أنّ فترة خزن حليب النوق التجارية جدّ محدودة رغم ان عمره الطبيعي أطول من مثيله البقري، بل وما هو أسوأ، من ذلك وهو أن الإنتاج الأقصى يصادف فترة أوطأ طلبٍ على المُنتَج، أي خلال أشهر الشتاء. وقد برز الحلّ واضحاً في تحويل فائض الحليب إلى جُبنٍ أطول أمداً. غير أن المشكلة التالية كانت كيفية تحقيق تصلِّد الجُبن على الوجه الأفضل.
وفي عام 1992، عثرت المهندسة عبد الرحمن بمساعدة المنظمة، على الحل الأمثل، فقد أوفدت المنظمة التي سبق لها أن طوّرت تقنية الإعداد الأمثل لجبن الجمل، مسؤولاً فرنسياً لديها هو الخبير جي. بي. راميه، إلى نواقشوط للإطلاع على كيفية استخدام إنزيمٍ خاص لمنح منتجات الشركة الموريتانية الاتساق المطلوب في القوام.
وجاءت النتيجة على هيئة جبنٍ ناعم بقشرةٍ بيضاء ُأطلق عليه الإسم التجاري «كارافان» ـ أي قافلة ـ وسرعان ما لقٍّب باسم «كاميلبير» ـ أسوة بالجبن الفرنسي البقري المماثل الشهير باسم «كاميمبير». ولم يأت عام 1993، حتى تلّقت المهندسة عبد الرحمن جائزة «مشروع روليكس التجاري» للجدارة. غير أن عقبةً أخرى كأداء واجهت المشروع الموريتاني ماثلةً في كيفية الحصول على ترخيصٍ رسمي لتصدير الجُبن الجملي «كاميلبير»، إلى الخارج.
ومن البدائل المتاحة لحفظ لبن النوق في الاماكن التي تشهد عوزا في الطاقة الكهربائية، ناهيك عن الثلاجات، ثمة أسلوب مورسِ منذ قرون في سهوب كازاخستان ومنغوليا، حيث ترعى الجمال الجبلية الثنائية السُنام. ويعالج البدو المنتَج الجديد من الحليب المتخثِّر، لإنتاج ما يعرف محلياً باسم «شوبات»، ويتألف من خثر اللبن الطيب المذاق والمعروف أيضاً في منغوليا القريبة باسم «خورموغ». وفي عاصمة كازاخستان القديمة آلما آته، تنتِج معاملٌ حديثة نموذجاً قديماً للجبن، من الصلادة بحيث تفضّل أكثرية المستهلكين استعماله مقشوراً. وتصنِّع هذه المعامل أيضاً حلوياتٍ من لبن الجمل تَروجُ مبيعاتها. غير أنه في حين يوّد بعض الخبراء أن تتمكّن كازاخستان من تصدير أساليبها التقليدية البسيطة، يبقى السؤال مطروحاً ... وموضعاً للنقاش: أي ترى هل سيقبل البدو بخثر «خورموغ» الوافد من مرتفعات منغوليا الغريبة عليهم؟
3ـ حليب الابل المجفَّف طويل الصلاحية "البودرة"
نجحت كليه التقنيه الزراعيه في بريدة بتنفيذ أول تجربة على مستوى العالم و هي تحويل حليب النوق الى حليب بودره
4ـ شكولاته من الإمارات
* ولعل حلاً أسهل لمسائل البيع والتسويق هو شكولاتة لبن النوق القليلة الدسم، التي ينوي أحد صنّاع الشوكولاته من مقرّه في فيينا، وهو يوهان غيورغ هوتشلايتنر أن يطلقها هذا الخريف. بتمويل من أبو ظبي، تخطِّط الشركة الأوروبية لإنتاج هذا النموذج من الشوكولاته في النمسا باستخدام حليب الناقة المجفَّف، المستورد مباشرة من معامل إنتاجه في مدينة العين بالإمارات العربية المتحدة، ومن ثمّ شحن 50 طناً من المنتَج النهائي إلى الخليج بصفةٍ شهرية.
وعن المبادرة يقول رجل الأعمال النمساوي: «قد يبدو جنوناً لكنّه مشروعٌ ضخم. فهناك سوقٌ كامنةٌ من 200 مليون زبون في العالم العربي».
وإذا انتهيت بأصابعٍ دبقة من تناول «النسمة» ـ وهو الاسم التجاري لشكولاتة مسحوق حليب الجمل الخليجي ـ فبوسعك غسل يديك بصابون «أواسيز أو الواحة» المنتَج في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، حيث استُقدمت الجمال إبّان القرن التاسع عشر كحيواناتٍ للحمل والنقل.
وكما يقول بدو الجزائر «أن الماء روحٌ، واللبن حياةٌ».
.