(وأما العمل لأجل الدنيا وتحصيل أعراضها وأغراضها فإن كانت إرادة العبد كلها لهذا المقصد، ولم يكن له إرادة لوجه الله والدار الآخرة: فهذا ليس له في الآخرة من نصيب، وهذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن, فإن المؤمن ولو كان ضعيف الإيمان لا بد أن يريد الله والدار الآخرة، وأما من عمل العمل لوجه الله ولأجل الدنيا, والقصدان متساويان أو متقاربان فهذا وإن كان مؤمنا فإنه ناقص الإيمان والتوحيد والإخلاص، وعمله ناقص لفقده كمال الإخلاص.
وأما من عمل لله وحده، وأخلص في عمله إخلاصا تاما ولكنه يأخذ على عمله جعلا ومعلوما يستعين به على العمل والدين، كالجعالات التي تجعل على أعمال الخير، وكالمجاهد الذي يترتب على جهاده غنيمة أو رزق، وكالأوقاف التي تجعل على المساجد والمدارس والوظائف الدينية لمن يقوم بها، فهذا لا يضر أخذه في إيمان العبد وتوحيده لكونه لم يرد بعمله الدنيا، وإنما أراد الدين وقصد أن يكون ما حصل له معينا له على قيام الدين، ولهذا جعل الله في الأموال الشرعية كالزكوات وأموال الفيء وغيرها جزءا كبيرا لمن يقوم بالوظائف الدينية والدنيوية النافعة كما قد عرف تفاصيل ذلك, فهذا التفصيل يبين لك حكم هذه المسألة كبيرة الشأن، ويوجب لك أن تنزل الأمور منازلها).
وقال الشيخ عبدالكريم الخضير: في شرح كتاب الصوم من زاد المستقنع:
لا شك أن فائدة الصيام من الناحية الصحية ظاهرة ويوصى كثير من المرضى بالحمية بترك الأكل والشرب.
لكن من نصح بترك الأكل والشرب وقيل له لابد من الحمية فقال بدلا من أن أحتمي أصوم والناهز له والباعث له على هذا الصيام الحمية يؤجر وإلا ما يؤجر؟
نقول هذا التشريك في العبادة لكنه تشريك بمباح، نعم لا شك أن الذي ينهزه إلى الصيام الرغبة فيما عند الله سبحانه وتعالى أكمل وأفضل، لكن الذي نصح بالحمية كمن نصحه الطبيب بأن لا يكثر الأكل قال كما يقول العوام: "حج وقضيان حاجة" نحتمي وأصوم فأحصل الأجر وأحصل الصحة، نقول هذا تشريك في العبادة لكنه تشريك بمباح فهو جائز.
ومسألة التشريك في العبادة تحتاج إلى شيء من التفصيل والبسط والتمثيل والتنظير، تشريك عبادة بعبادة له حكم، وتشريك عبادة بمباح له حكم، وتشريك عبادة بمحرم له حكم.
فالشخص الذي أمر بكثرة المشي فقال بدلا من أن أجوب الأسواق طولا وعرضا أطوف أحصل على ما أريد وأحصل على أجر الطواف نقول يؤجر على طوافه لأنه ما عدل من هذا إلى ذاك إلا طلبا للثواب، وما عدل عن الحمية وترك الطعام والشراب من غير صيام إلى الصيام إلى قاصدا بذلك وجه الله سبحانه وتعالى نعم أجره أقل.
الإمام إذا أطال الركوع من أجل الداخل تشريك في العبادة فكان الإمام ناويا أن يسبح سبع مرات فسمع الباب فتح فقال في نفسه لعل هذا يدرك هذه الركعة فسبح عشر مرات من أجل الداخل، الجمهور على أنه لا بأس بذلك وهو من باب الإحسان إلى أخيه وإن أدخله المالكية في الممنوع لأنه أطال الصلاة من أجل فلان فيدخل في الممنوع لكن إذا جاز تقصير الصلاة من أجل بكاء الطفل ومن أجل أمه فلن يجوز تطويلها مع عدم طرؤ الرياء من أجل الإحسان إلى هذا الداخل من باب أولى، والرسول عليه الصلاة والسلام يدخل في الصلاة يريد إطالتها فإذا سمع بكاء اصبي خفف رأفة به وبأمه عليه الصلاة والسلام وهذا فعله وهو المعصوم المشرع.اهـ
وبارك الله فيكم ونفع بكم
وجزاكم الله خير على حرصكم
ـ[أبو عبد اللطيف العتيبي]ــــــــ[08 - 07 - 08, 01:25 م]ـ
لا، الصوم لله وحدة بدون ادخال نوايا الدنيا الدنية ..
لاينبغي ذلك ..
ومن صام ليقل وزنة،،فلايصم،،
أحسنتِ أُخيه , ولكن:
هل الدنيا دنية؟
((يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ..... ))
!!
ـ[سامي السلمي]ــــــــ[08 - 07 - 08, 01:57 م]ـ
أخي جهاد فوائد جميلة جزاك الله خيراً
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[08 - 07 - 08, 04:21 م]ـ
أحسنتِ أُخيه , ولكن:
هل الدنيا دنية؟
((يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ..... ))
!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم
وهل هي سبت الدهر؟؟؟
إنما ذمت الدنيا
الأحاديث والآثار كثيرة في ذم الدنيا
والعلماء ألفوا كتباً وفصولاً في ذم الدنيا
فلزم أن تفرق بين سب الدهر وذم الدنيا
فالحكمة من تحريم ذم الدهر هي عظمته وأهميته، فهو ظرف العمل ووعاؤه، وهو سبب الربح والخسارة في الدنيا والآخرة، وهو الحياة، فما الحياة إلا هذه الدقائق والثواني التي نعيشها لحظة بلحظة، ولهذا امتن الله به على عباده فقال: {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا} (الفرقان 62) فمن فاته عمل الليل قضاه بالنهار، ومن فاته عمل النهار قضاه بالليل. وكان أهل الجاهلية إذا أصابتهم مصيبة، أو حُرِموا غرضاً معيناً أخذوا يسبون الدهر ويلعنون الزمان، فيقول أحدهم: " قبح الله الدهر الذي شتت شملنا "، و" لعن الله الزمان الذي جرى فيه كذا وكذا "، وما أشبه ذلك من عبارات التقبيح والشتم، فجاء هذا الحديث لرد ما يقوله أهل الجاهلية ومن شابههم وسلك مسلكهم، فبيَّن أن ابن آدم حين يسب الدّهر والزمان، فإنما يسب - في الحقيقة - الذي فعل هذه الأمور وقدَّرها، حتى وإن أضاف الفعل إلى الدهر، فإن الدَّهر لا فعل له، وإنما الفاعل هو ربُّ الدهر المعطي المانع، الخافض الرافع، المعز المذل، وأما الدهر فليس له من الأمر شيء، فمسبتهم للدهر هي مسبة لله عز وجل، ولهذا كانت مؤذية للرب جل جلاله وأما ذم الدنيا فبنص القرآن والسنة
" وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ"
"وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ"
والرسول صلى الله عليه وسلم قال " " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله و ما والاه، أو عالما أو متعلما "
أخرجه الترمذي (2323) و ابن ماجه (4112) و الأصبهاني في " الترغيب " (ق
223/ 2) وصححه الشيخ الألباني
¥