ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[14 - 10 - 2008, 07:36 م]ـ
أخي في التساؤل .. مد الله في أمدها من أخوة، ووثق في عراها ..
أما وقد آثرت التريث في إظهار البحث، فنعم الاختيار. وما أراك إلا عملت بما كان يأمله القاضي الفاضل البيساني في قوله (وبعضهم ينسبه إلى العماد الأصبهاني وغيره ينسبه إلى بديع الزمان الهمذاني، وهذا كله من الغلط) قال: "إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل. وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر".
وهذا البحث الذي شغلت به هو من أندر البحوث في الدرس العروضي، ومحصوله من حيث الرواية نادر أو قليل، وما أظن أبا الحسن العروضي في رأيه المذكور إلا مجتهدا، ولم ينقل عن أحد على الرغم من قرب عهده بعصر الخليل قياسا إلينا اليوم.
وهو قد كان اعتمد في كتابه على كتاب أستاذه الزجاج، واطلع على كتاب الأخفش في العروض (وهذا الكتاب في رأي البعض هو بوابتنا الوحيدة إلى علم الخليل الذي ضاع) ومع ذلك فلم يشر إلى قول الخليل في هذه المسألة الملفتة للنظر، ولم نجد له روايات في شرح مراميه مما عالجه من قضايا في العروض، وكان الأخفش قد نقل عنه بطريقة غير مباشرة عددا من تلك الروايات.
وثمة ملاحظة في الختام تجدر الإشارة إليها، وهو أنه لم يكن يلزمك الاعتذار عن عدم الاطلاع على كلام الدكتور عفيفي، فهو لم يأت برأي له يستوجب الأخذ به .. هو ببساطة اطلع على قول يمكن لكثير غيره أن يطلع عليه.
وفقك الله في عملك وبحثك، وجزاك به خير الجزاء.
ـ[منصور اللغوي]ــــــــ[15 - 10 - 2008, 04:39 م]ـ
.. و فقك الله يا أستاذ سامي و جعلك من خلفاء الخليل و الأخفش .. و شكرا لكل من ناقش في هذه الزاوية الصغيرة:) ..
ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[29 - 11 - 2008, 10:15 م]ـ
كان هذا النقاش دائرا من قبل، وهو يتعلق بموضوع لا زال الأخ سامي الزهراني يبحث فيه، فأحببت أن أمده بمساهمتين في هذا الصدد أولاهما للمستشرق الألماني جوتهولد فايل وهي تؤيد ما وصل إليه الأخوان عصام البشير وجرول بن أوس، والثانية لمحمد بن علي الأنصاري المحلي وطريقته في وضع التفعيلات مبتكرة.
قال فايل في مقالة عروض المنشورة بدائرة المعارف الإسلامية وقد ترجمها الدكتورعلي عبد الله إبراهيم ونشرها بمجلة الدراسات اللغوية عدد فبراير 2006 " ويمكننا الوصول إلى الأشكال التي توجد حقا في القصائد عن طريق تطبيق القواعد المحددة للزحافات والعلل, واتخاذ الصيغ المعتادة لتفعيلات كل وزن باعتبارها نقطة بداية. فكما يُدَلّ على التفعيلات المعروفة عن طريق ألفاظها الثمانية المميزة "فعولن، مفاعيلن .. الخ" التي تعبر عن التتابع المعروف لأصواتها "المتحركة"، و"الساكنة"؛ فإن هناك كلمات مميزة أيضا تدل على الصيغ التي تخضع لتغيير الزحافات والعلل, وتكشف عن التتابع المبدل للأصوات. ولهذا، وعلى سبيل المثال، عندما يحذف حرف السين من مستفعلن تصبح متفعلن. فإن لم تكن الصيغة الناتجة ممكنة في العربية لغويا، كما في هذه الحالة، عندئذ يتم التعبير عن التتابع المماثل للأصوات (أي التتابع المماثل للمقاطع "الطويلة" و"القصيرة") بكلمة ممكنة من الناحية اللغوية، في هذه الحالة، قد تكون مفاعلن. وفي المقابل، مع الأصول من صيغ التفعيلات؛ فإن تلك التعديلات تعرف بالفروع من "صيغ" التفعيلات. وسوف تضاف، فيما يلي، الفروع بين أقواس إذا كانت صيغتها تختلف عما عليه الحال في الأصول. لا يسمح المجال هنا بعرض قائمة مفصلة للزحافات والعلل. ولكن سوف نورد عددا قليلا من الأمثلة لنوضح تفسيرها من الناحية النظرية، ولنبين إلى أي مدى أن هذا الجزء الخاص من النظام "العروضي" هو جزء متميز ومعقد.
وكما قلنا آنفا، فإن الزحافات تظهر عندما يكون السبب ناقصا عن شكله المعتاد لوجود تغيير في صوته الثاني. عندها، لا يمكننا الكلام ببساطة عن الزحاف حتى لا يكون الأمر غامضا. ولكي نصف الزحاف بصورة دقيقة لا بد لنا من تبيان أيّ من أصوات التفعيلة قد تأثر, وما إذا كان ذلك الصوت متحركا، أو ساكنا. وعلى سبيل المثال، يمكننا وضع ما يسمى بالزحافات الثمانية البسيطة في مجموعتين تبعا لكون السبب المتأثر خفيفا أم ثقيلا. ويجب علينا، عندئذ، أن نشير إلى الحالات الثماني بمصطلحات لكل واحدة منها على حدة. فعندما يحذف الحرف الثاني من التفعيلة سوف نحصل على ما يسمى "الخبن": مثال ذلك حذف حرف السين من مستفعلن لتصبح (مفاعلن)، أو حذف الألف من فاعلن، وعندما يحذف الحرف الرابع نحصل على "الطي": مثال ذلك حذف الفاء من مستفعلن لتصبح (مفتعلن)؛ وعندما يحذف الحرف الخامس من التفعيلة نحصل على "القبض": مثال ذلك حذف النون من فعولن لتصبح فعولُ، أو حذف الياء من مفاعيلن لتصبح مفاعلن؛ وعندما يحذف الحرف السابع ينتج عن ذلك ما يطلق عليه "الكفّ": مثال ذلك حذف النون من فاعلاتن لتصبح فاعلاتُ. وفي حالة السبب الثقيل، إما أن نحذف حركة الحرف الثاني (فنتكلم عندئذ عن "الإضمار": مثال ذلك حذف الفتحة من تاء متفاعلن لتصبح (مستفعلن)؛ ونتكلم عن "العصب" في حالة حذف الفتحة فقط من "لام" مفاعلتن لتصبح بعد ذلك (مفاعيلن))؛ وإما أن نحذف الحرف وحركته كليهما (فنتكلم حينها عن "الوقص" كما هو الحال في حذف التاء المفتوحة من متفاعلن لتصبح (مفاعلن). ونتحدث عن "العقل" في حالة حذف اللام المفتوحة من مفاعلتن لتصبح (مفاعلن)) ".
¥