تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من أسباب رقة القلب للشيخ الشنقيطي - المدرس بالمسجدالنبوي -حفظه الله]

ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[02 Jan 2007, 02:00 م]ـ

ما أسباب رقة القلب؟

الجواب:

أعظم الأسباب التي يرق بها قلب العبد لربه تلاوة القرآن، فلا يلين القلب بشيء مثل كلام الله عز وجل، هذا الكتاب الذي لا تنتهي عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، إذا وضعه العبد فتأمله وتدبره وكان من المتعظين بكلام الله عز وجل رق قلبه لله: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} فمن أعظم نعم الله على العبد - مما يعين على رقة قلبه وخشوعه لله عز وجل كثرة تلاوة القرآن، التلاوة مع التدبر والتأثر: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ} فأرق الناس قلباً من إذا قرأ آيات الكتاب هزت فؤاده، وأخشعت قلبه، وشرحت صدره، يتلو آيات الله-جل وعلا- فتخرجه من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، تخرجه إلى الوعد فيطير فرحاً بوعد الله- U- واستبشاراً برحمته، وتأخذه إلى الوعيد فكأن زفير جهنم بين أذنيه، فينكسر لله قلبه ويخشع لله فؤاده، أسعد الناس في هذه الدنيا من جعل الله عز وجلالقرآن ربيع قلبه، ونور صدره، وجلاء حزنه، وذهاب همه وغمه، ولذلك تجد أهل القرآن أرق الناس قلوباً؛ لأن الله كسر قلوبهم بمواعظه: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} القسوة مرض، والله يشهد أن شفاءها في كتابه، فلا يرق قلب العبد لله بشيء مثل كتاب الله، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن مسعود: ((اتلُ علي القرآن)) قال: " - يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ " قال صلى الله عليه وسلم: ((إني أحب أن اسمعه من غيري)) قال: فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت قول الله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيداً @ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً} فقال لي: ((حسبك)) فنظرت فإذا عيناه تذرفان صلى الله عليه وسلم، فكان أكمل الناس خشوعاً لكتاب الله، وكان يقرأ في صلاة الظهر وحتى يسمع لتلاوته كغلي المرجل من بكائه ورقته-عليه الصلاة والسلام- لكتاب الله-جل وعلا-، وكان السلف الصالح من الصحابة-رضوان الله عليهم- كانوا يخشعون لكتاب الله، فكان الواحد منهم أرق قلباً وأخشع فؤاداً وأشرح صدراً بكلام الله-جل وعلا-، ولربما يكون في سَوْرة الغضب فإذا ذكر بالآية من كتاب الله انكسر قلبه، ولربما تكون الدنيا بين يديه فإذا تلا شيئاً من كتاب الله أنفقها لوجه الله-جل وعلا-، فالذي يريد السعادة التامة الكاملة برقة قلبه وصلاح حاله فليضع كتاب الله أمامه إماماً له في كل خير وبر.

ومن أعظم الأسباب التي ترقق القلب: الدعاء، أن يسأل الله قلباً خشعاً وأن يستعيذ بالله من قسوة القلب، وأن يسأل الله أن يصرف عنه الفتن والمحن التي تقسي القلوب.

مما يعين على رقة القلب: بر الوالدين، فمن بر والديه وأحسن إليهما وأدخل السرور عليهما شرح الله صدره ونور قلبه وجعل قلبه رقيقاً، فيكون من أهل الجنة الذين ترق قلوبهم بكل خير، وتنشرح صدورهم بكل طاعة وبر، من هو السعيد؟! الذي بر والديه، فبر أُماً لم ينس حقها وفضلها، وبر أباً كريماً لم ينس حقه وفضله، فتجده كلما خرج من عند أبيه وأمه رفعت له الأكف من وراء ظهره بصالح الدعوات، فتتغشى عليه الرحمات، فتجده أرق الناس قلباً وأصلحهم حالاً، والعكس بالعكس، فمن أعظم الأسباب التي تقسي القلوب: عقوق الوالدين-نسأل الله السلامة والعافية-.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير