تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التوبة لرضوان حمدان]

ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[15 Jan 2007, 01:52 م]ـ

[التوبة لرضوان حمدان]

{التوبة سعادة الدارين}: .... الحاجة إلى التوبة تعادل الحاجة إلى مقومات الحياة لدى الإنسان على مستوى الفرد والجماعة إن لم تزد, فإذا كان الهواء والماء والطعام تشكل الحياة المادية للإنسان ليمارس حركته أياً كانت في

الوجود؛ فإن التوبة هي تجديد وتجدد لهذه الحياة وتنشيط لها في الجانب الإيجابي لحركة الحياة وتزيد عليها أنها تطّلع إلى ما بعد الحياة الدنيا, من هنا نلمح السر في التعقيب بالفلاح في قوله تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها لمؤمنون لعلكم تفلحون} فالفلاح مطلق عن قيود ومحددات الزمان والمكان في الدنيا والآخرة. فالرحمن الرحيم يأمر عباده أن يتوجهوا إليه بالتوبة في أمر مباشر سبع مرات من مجموع 87 مرة عدد ورود "التوبة" في القرآن بصيغ واشتقاقات مختلفة. وفي سورتي النور والتحريم يأتي الأمر المباشر للمؤمنين بالتوبة ونلحظ ما يلي: 1 - أن الأمر بالتوبة في سورة النور جاء تعقيبا على أحكام شرعية وقضايا وأحداث وقعت في المجتمع المسلم كان لها تأثير على المجتمع هزتهم هزاً عنيفا , وتتمثل في ما يلي: حكم الزنا وعقوبته , والملاعنة بين الزوجين , وحديث الإفك الخطير وما تبعه من بيان وتنبيهات صارمة, ورمي المحصنات والتشديد فيه, والأمر بغض البصر للذكور والإناث وهو حكم شرعي تساهل فيه المسلمون اليوم كثيراً, وبيان حدود الزينة للمرأة ومن يجوز لها أن تظهرها أمامهم. بعد كل ذلك يأتي التعقيب في نهاية آية طويلة { ... وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}. يقول القرطبي: والمعنى: وتوبوا إلى الله فإنكم لا تخلون من سهو وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال. 2 - جاء الطلب بصيغة الأمر والأمر يفيد الوجوب فالتوبة فرض متعين وهذا يعني أن عدم الاستجابة لأمر الله في التوبة إثم يضاف إلى الإثم الأصلي المطلوب التوبة منه. 3 - طلب التوبة جمعي وفردي {توبوا ... جميعاً ... المؤمنون} وفي هذا دلالة على أن التوبة من الخطأ والإثم:- أ- لا يعفى منه أحد فليس من هو فوق السؤال أو التكليف وليس من أحد من البشر "لا يُسأل عما يفعل" أي خال من كل تبعة أو مسؤولية!! فالذي لا يسأل عما يفعل هو الله رب العالمين. حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم يخاف الله ويخشاه ويستغفره ويتوب اليه ويدعوه ويتضرع إليه: قال أبو هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة). رواه البخاري. وهو صلى الله عليه وسلم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكيف بمن دونه ... ويقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عز وجل: {يا عبادي إنكم الذين تخطئون بالليل و النهار و أنا الذي أغفر الذنوب و لا أبالي فاستغفروني أغفر لكم) حديث صحيح على شرط الشيخين. ويقول عليه السلام: {كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون}. ب- المجتمع هو مجموع الأفراد فإن توبتهم في المحصلة توبة المجتمع. ج- إن التساهل في التوبة والإنابة والرجوع إلى الله يعني التساهل في الذنب والخطأ وهذا بدوره يزيد الأخطاء ويراكمها حتى تطفو على السطح وتنتشر ويسام بها المجتمع. د- إن كثرة الخبث من ذنوب ومعاص له استحقاق حتمي في قانون الله عز وجل وهو حلول العقاب ووقوع الهلاك, عن زينب ابنة جحش رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها قالت زينب بنت جحش فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث). رواه البخاري. وفي حديث السفينة (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا). رواه البخاري. دلالة واضحة على أن الأمة مجتمعة مسؤولة عما يقع من ذنب ولا يتم التراجع عنه. عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير